بات منزل المصري عمرو مصطفى جاهزا لمتابعة نهائي كأس الامم الافريقية في كرة القدم بين الكاميرون ومصر الاحد: علمان رفعا في غرفة المعيشة، آخر رسم على وجنة طفلته لارا (ستة اشهر)، والاطعمة الخفيفة والمشروبات أحضِرت للأصدقاء.

ويستعد المصريون الشغوفون بكرة القدم بمزيج من الامل والترقب، للنهائي الذي يقام الساعة 19,00 بتوقيت غرينيتش الاحد في العاصمة الغابونية ليبرفيل، والذي يأمل خلاله منتخب "الفراعنة" في تعزيز رقمه القياسي في عدد القاب البطولة الافريقية (سبعة)، لاسيما بعد الغياب عن النسخ الثلاث الاخيرة.

الا ان المصريين لا يخفون قلقهم من المنتخب الكاميروني الذي قدم اداء مفاجئا في البطولة الافريقية الحادية والثلاثين، واقصى منتخبات كانت مرشحة بقوة، أبرزها غانا في الدور نصف النهائي (2-صفر).

ويقول مصطفى، المهندس البالغ 33 عاما، وهو يحمل طفلته التي ارتدت كنزة قطنية وردية، "انا متفائل وواثق من الفوز. الفريق كله رجال وعلى قلب رجل واحد وروحه المعنوية عالية".

يضيف لوكالة فرانس برس في منزله بحي المعادي الراقي بجنوب القاهرة، "الفوز بالبطولة الثامنة يجعلنا نتربع على عرش الكرة الافريقية ويعيد لنا هيبتنا مجددا".

يضيف مصطفى، مدير مجموعة "زمهلاوي" الرياضية على "فيسبوك"، "كل ما نريده هو الفوز بالبطولة. فرحة ونشوة الفوز بالبطولة".

وفي المنزل، تنشغل زوجته سمية علاء (26 عاما) بتسلم قوارير من العصير والمرطبات كانت طلبتها من متجر قريب، استعدادا لاستضافة الاقارب والاصدقاء يوم المباراة.

وتقول "نتصل باقاربنا واصحابنا ونتجمع في مكان واحد ونشجع مصر بكل حماس وفرحة (...) اعد نفسي جيدا لليوم بشراء المشروبات والمحمصات (النقولات) والعجائن. أحاول توفير كل ما يطلبه الأحبة".

&

- الأمل بالحضري -

ولا تقتصر الاستعدادات على المنازل، بل تبدو واضحة في الشوارع والمقاهي.&

فعلى تقاطع طرق في المعادي، وقف شاب يبيع اعلاما مصرية، وهو ينفخ في بوق "فوفوزيلا" الذي اشتهر على نطاق واسع في ملاعب كرة القدم، ابان كأس العالم 2010 في جنوب افريقيا.

وعلى مقربة منه، تمر سيارة ترفع علما مصريا كبير الحجم.

وفي مقهى مجاور، يضع مقهى "كاليبسو" اللمسات الاخيرة على استعداداته لاستضافة المباراة سواء داخل قاعته ذات الارائك السوداء أو في الهواء الطلق أمام شاشة العرض.

ويقول صاحب المقهى محمد ابراهيم لفرانس برس "مباراة الاحد هي اهم حدث في مصر حاليا. نستعد لها جيدا بزيادة المقاعد والشاشات وضبط نظام الصوت لخلق جو الستاد (الملعب) في المقهى".

وهيمنت مصر على كرة القدم الافريقية بشكل كبير لاسيما بين عامي 2006 و2010 حينما احرزت اللقب ثلاث مرات متتالية. الا ان المنتخب غاب عن بطولات 2012 و2013 و2015، مع تراجع مستواه ودخول البلاد في دوامة اضطرابات سياسية وامنية واقتصادية منذ احتجاجات 2011 التي اطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك.

وعلى رغم بدايتها بطولة 2017 بتعادل سلبي مع مالي، تقدم الاداء المصري بشكل ثابت، وتمكنت من بلوغ النهائي بعد فوزها في نصف النهائي على منتخب بوركينا فاسو بركلات الترجيح 4-3 (1-1).

ويعود الفضل في هذه المباراة بشكل اساسي الى حارس المرمى المخضرم عصام الحضري (44 عاما) الذي صد ركلتين ترجيحيتين.

ويعطي اداء الحضري الذي حافظ على نظافة شباكه، ضمانا للمشجعين الذين يبدون تفاؤلا باحراز منتخب بلادهم اللقب.

ويقول سائق الاجرى علي نور (58 عاما) "أملنا كبير في فرقتنا (منتخبنا) وما يزيدنا أملا ويعطيني أمانا هو الحضري"، واصفا الحارس المخضرم بـ "صائد الكرات الصعبة".

ويعتمد المنتخب المصري كذلك على دفاع صلب تلقى هدفا واحدا فقط في البطولة، ومهارة نجم نادي روما الايطالي محمد صلاح.

-"الكاميرون مخيفة" -

وعلى رغم ان التاريخ يقف الى جانب مصر، اكان لجهة القابها القياسية او لكونها لم تخسر نهائيا افريقيا منذ العام 1986، الا ان المستوى الذي ظهرت به الكاميرون يدفع المصريين الى الترقب، لاسيما بعد اقصاء الاخيرة غانا في نصف النهائي (2-صفر).

ويقول المهندس محمود الفرماوي (30 عاما) "مصر واقعيا لن تاخد البطولة اذا ما اخذنا في الاعتبار أداء الكاميرون القوي"، معتبرا ان المنتخب المنافس "فريق منظم جدا يلعب كرة دفاعية أحسن منا وكرة هجومية أفضل منا. الكاميرون مخيفة".

ويشاركه هذا الرأي الطبيب عيد مناع الذي كان يدخن نرجيلته في مقهى كاليبسو. ويقول "انا متفائل لكن هناك خوف وقلق أيضا (...) فريق الكاميرون لياقته البدنية عالية جدا طوال التسعين دقيقة وفريقنا نصفه مصاب"، في اشارة الى غياب عدد من اللاعبين البارزين عن المنتخب المصري بسبب الاصابة، وفي مقدمهم لاعب ارسنال الانكليزي محمد النني الذي لم تتأكد مشاركته بعد في النهائي.

وفازت مصر على الكاميرون مرتين في نهائي، الاولى بركلات الترجيح في القاهرة (1986) والثانية (1-صفر) في 2008.

ويحتفظ المصريون بذاكرة جميلة عن كأس الامم الافريقية، اذ شكلت بالنسبة اليهم، التعويض الامثل عن غياب منتخبهم عن كأس العالم، منذ مشاركته الاخيرة في مونديال ايطاليا 1990.

ويواجه المصريون ظروفا اقتصادية صعبة مع ارتفاع كبير في الاسعار منذ قرار الحكومة في تشرين الثاني/نوفمبر، تحرير سعر صرف الجنيه ورفع اسعار المحروقات، ضمن خطة اصلاح مرتبطة بقرض من صدوق النقد الدولي قيمته 12 مليار دولار لثلاث سنوات.

ويأمل مصريون في نيل فوز يعيد لهم بعضا من أسباب الفرح.

ويقول ربيع هلال (68 عاما) في المقهى نفسه "الناس تريد أن تفرح بعد فترة طويلة من الضغط (الاقتصادي) والأزمات الكبيرة"، مضيفا "نحن في حاجة ماسة لهذا الانتصار".