إيلاف من القاهرة: يتمتع المدرب الاسباني بيب غوارديولا بمكانة خاصة في "عالم التدريب"، فهو ليس مجرد مدرب يملك أسرار ومفاتيح صناعة النجوم والفوز بالبطولات، وتقديم كرة القدم الأكثر "هيمنة وسيطرة وتحكما وجرأة" في عصر "الكرة التكتيكية الخائفة من الهزائم"، بل إنه مدرسة تدريبية لها تأثيرها على منتخبات الدول التي يعمل ببطولات الدوري بها.
غوارديولا "المدرب" خاض 916 مباراة في قيادة الأندية التي تولى تدريبها حتى الآن محققاً الفوز في 666 مباراة، وسجلت أنديته 2258 هدفاً، ولا يوجد كيان كروي آخر في نفس الفترات نجح في تحقيق نفس نسبة الانتصارات، أو أحرز نفس معدل الأهداف، كما منح غوارديولا لهذه الأندية "البارسا والبايرن والسيتي" ما يقرب من 40 بطولة.
اسبانيا المونديالية
عادت اسبانيا للمشهد العالمي بقوة، بل وتوجب بأول لقب مونديالي لها طوال تاريخها الكروي عام 2010، وقد حدث ذلك ببصمة غوارديولا (بنسبة كبيرة)، والتي تمثلت في وجود 8 عناصر من صفوف برشلونة الذي كان يتولى غوارديولا تدريبية في نفس الفترة، وأبرز النجوم الذين بصموا على فوز اسبانيا بالمونديال بويول، وبيكيه، وبوسكيتس، وتشافي، وإنييستا.
وواصل الاسبان تألقهم بـ"البصمة الغوارديولية" في كأس أمم أوروبا 2012، وحصلوا على لقبها، ويمكن القول إن اسبانيا توهجت في الفترة من 2008 حتى 2012، وهي نفس فترة وجود غوارديولا مع البارسا، ولكن مع الأخذ في الاعتبار أن لويس أراغونيس، ودل بوسكي كانا لهما "تأثير عبقري" في فترة الهيمنة الاسبانية أيضاً.
لا أحد يؤثر في الألمان سوى "بيب"
حينما نعود بالذاكرة لأداء المنتخب الألماني في مونديال 2014، والذي توج بلقبه بجدارة واستحقاق، يمكننا القول إنه الأداء الأكثر جاذبية للألمان طوال التاريخ، صحيح أن ألمانيا من القوى الكروية الأكثر قوة وحضوراً في المونديال على مدار التاريخ، ولكن في نسخة 2014 على وجه التحديد، كان لغوارديولا (المدير الفني للبايرن حينها) تأثيره على ابداع الألمان المونديالي.
كيف حدث ذلك؟ الأمر يتعلق ببصمة نجوم البايرن في ذلك الوقت، وهم العملاق نوير، وشفاينشتايغر، وموللر، ولام، وكروس، وبواتينغ، وبصمة بيب لم تقتصر على وجود نجوم البايرن فحسب، بل للأمر علاقة بالأسلوب الألماني "المفاجئ" والصادم للعالم، وهو السيطرة والتحكم، وليس الأداء الألماني المباشر المعتاد، مما كان له مفعول السحر في تتويج المانشافت بمونديال 2014 بطريقة أكثر أناقة من أي بطولة فازوا بها.
أخيراً.. البريميرليغ يتغير
خلال 8 سنوات أمضاها غوارديولا في الدوري الإنكليزي مع فريق مان سيتي، نجح في تحقيق البصمة الأكبر في تاريخه التدريبي، فقد أخفق في أول مواسمه في انكلترا، وقوبل بهجوم حاد لأنه أتى لتغيير فلسفة الأداء في البطولة الكروية الأكثر عراقة وكلاسيكية في العالم "البريميرليغ"، ولكنه فيما بعد من خلال تجربته الملهمة مع مان سيتي نجح في تغيير كل شئ في السنوات اللاحقة.
فقد تغيرت جميع الأندية وليس سيتي فقط، وأصبح للاعبين الأكثر مهارة حضورهم في الدوري، وتغيرت المفاهيم وتحولت فلسفة الأداء من الناحية البدنية فقط (كان يطلق عليه دوري الرجبي) وكذلك الفكرة الكروي تحول من الكرات الطولية، إلى فلسفة السيطرة والتحكم وكثرة التمرير، ولم يفعل السيتي ذلك بمفرده، بل انتقلت العدوى لبقية الأندية.
انتظروا "الأسود الثلاثة"
أما فيما يتعلق بالمنتخب الانكليزي، فقد بصم نجوم السيتي على الأداء أكثر من أي مرحلة في تاريخ "الأسود الثلاثة"، كما أن بقية اللاعبين أصبحوا أكثر تأثراً بالفكر و"المدرسة الغوارديولية"، وبلغ الإنكليز نصف نهائي مونديال روسيا 2018 وربع النهائي في قطر 2022، وكان قريباً للغاية من حصد لقب كأس أوروبا للمرة الأولى في تاريخه صيف 2021، بيد انه سقط بركلات الترجيح أمام إيطاليا في النهائي.
وقال غوارديولا تعليقاً على توهج منتخب انكلترا"هم جيّدون حقاً، لا يتعلّق الأمر فقط بموهبة المهاجمين، بل بالتشكيلة بأكملها وغاريث يعلم تماماً ما يحب عليه فعله".
وتابع "أشعر، والجميع لديه هذا الشعور، ان المنتخب الإنكليزي، من الاحداث الأخيرة، كأس عالم وكأس أوروبا، يتقدّم وهو قريب حقاً. لقد خسروا مباراة نهائية ونصف نهائي".
أردف المدرّب الفذّ "عندما تصل إلى هذه المراحل كل سنتين، سيحصل الامر في نهاية المطاف. الأمر مشابه لنا تقريباً، كنا قريبين جداً، وفي النهاية رفعنا اللقب".
ويعول منتخب انكلترا في الفترة الراهنة على عدد من نجوم سيتي وأبرزهم ستونز، ووكر، والموهوب فودين، والنجم غريلتش.
التعليقات