بغداد:منذ وقت ليس بالقصير ، والاغاني العراقية التي تتناول قضية الانتخابات البرلمانية اخذت تتسع بشكل حماسي ، وتعبر عن مشاعر مختلفة تجاهها ، ومع اقتراب موعد الانتخابات والايذان ببدء الحملات الانتخابية اخذت الاغاني شكلا اخر ، حيث راحت تتغنى برؤساء الكتل والقوائم ، (وهو بالتأكيد عن قصد مسبق من هؤلاء الزعماء) ، وهو امر لم يكن مسموحا به في العراق مطلقا ، اذ ان الاغاني كانت محصورة بالرئيس فقط ، ولا يمكن لاي كان أن يفعل ذلك ، وتأتي هذه الاغاني في محاولة من المرشحين للتأثير على الناخبين واستمالتهم اليهم، كون الاغاني تمتلك قدرة في التأثير ، ومع ان اغلب اغاني المرشحين انحصرت في القنوات التابعة لهم الا ان بعضها ظهر على شاشات اخرى كمادة اعلانية مدفوعة الثمن ، فيما قام البعض بعملية مونتاج لبعض الاغاني لتشير اليه بالصورة فقط دون ذكر الاسم ، وهو ما يشير اليه البعض انه لا يهم ان يغني المغني لزعيم حزب او شخص مرشح ، بل ان المهم ان تصل الفكرة او الرسالة ويكون حب الوطن هو القاسم المشترك .

فالاغاني والاناشيد التي يمكن اطلاق تسمية (الوطنية) عليها ، انتشرت بشكل واسع لتكون مادة دائمة الحضور على شاشات اغلب القنوات العراقية التي تجد نفسها تحمل صفة (الحيادية) ، مرحبّة بالمناسبة في اطار اعتبارها مهمة وطنية لاستعادة العراق لعافيته كاملة ، كما ان الناس راحوا يتفاعلون مع تلك الاغاني التي تشجع على ممارسة حق الانتخابات والتي تؤكد قوة العراق ووحدته وحضارته وكبريائه وضرورة ان يشفى من عذاباته، على الرغم من التحفظات على الكلمات المغناة التي اتّسم بعضها بالقسوة والعراك والدم وغير ذلك ، لكنها في مجملها كانت تبتهج بالمستقبل وتتفاءل به ، وتؤكد ان الانتخابات مهمة وعلى الجميع المشاركة فيها ، كما انها تؤكد على المواطنين اختيار الشخص المناسب والجيد ، وجاء ذلك من خلال العديد من الاوصاف التي رسمتها كلمات الاغاني والتي منها (انتخب العراق) .

ويرى فنانون واعلاميون ان الاغنية على مر العصور تمثل الخط الاول في التأثير على الناس من خلال الكلمات الهادفة واللحن المعبر بالاضافة الى اداء المغني لاسيما المشاهير منهم ، لان الاغاني اسهل وصولا الى الناس من الخطب الزنانة او التصريحات او اللقاءات ، كونها تمس العاطفة التي تتأثر بالموسيقى ، وأشاروا الى ان هذه الظاهرة ليست غريبة على العراقيين ولكن الجديد هو المتمثل في الغناء للاشخاص وهو تعبير عن الديمقراطية الجديدة في العراق ، كما اشاروا ايضا الى ان هذه الاغاني تمثل فرصة للمغنين الشباب للانتشار والحصول على شهرة اوسع بعد النجاح الذي حققته بعض الاغنيات واصحابها ، كما ان هذه مناسبة لتعريف الجمهور في داخل العراق بهم بشكل افضل من الايام العادية .

وقال المطرب عبد فلك : ان الغناء للوطن هو مسؤولية واعلان عن حب الوطن الذي لا يضاهيه حب ، وهو تعبير عن الانتماء الحقيقي ، ومن المهم ان يغني المطرب لوطنه في مناسباته واعياده على الرغم من الكلفة العالية لانتاج مثل هذه الاغاني التي كنا نتمنى لو ان القنوات الفضائية اسهمت في انتاجها

واشترك في اداء هذه الاغاني عدد كبير من المغنين الشباب الذين ظهروا على الساحة الغنائية في السنوات الاخيرة واغلبهم ممن يقيم في خارج العراق ، وليس بينهم من مطربي الاجيال السابقة سوى صلاح عبد الغفور وهيثم يوسف وعبد فلك ،فيما غابت اصوات العديد من المطربين المعروفين ، ومن الاغاني التي اخذت حيزا واسعا من الانتشار ، اغنية (دير بالك ياعراقي دير بالك يا شعب / خلي فوز البرلمان مثل فوز المنتخب) لصلاح عبد الغفور ، و(يا عراق يومك هاليوم / يا عراق شد حيلك كوم) لنصرت البدر وصلاح حسن ، و (يللا يللا .. ننتخب) لرعد الناصري ومحمد السامر ، و(أنتخب يللا) لماهر احمد ورنا وليد ، و (يا أهل الغيرة) لقاسم السلطان ، و (نريد واحد) لأوراس ستار ، و(نعم .. نعم) لعلي بدر ، و (ابوس راسك) لصلاح عمران، و(شمس العراق) لمعن العربي ، و(يهز الكاع) لنؤاس اموري ومروى و(اهل العراق) لحسين الغزال والكثير غيرها ، ومن خلال المعلومات التي ترافق الاغاني يبدو ان اغلب الاغاني هي من انتاج المغنين انفسهم .

وقال المطرب جواد محسن : ان كبار المطربين العرب غنوا لاوطانهم ، وهو امر في غاية الاهمية ، فحب الاوطان يستحق ان نغني له في مناسبة او من دون مناسبة ، كما ان الناس يشدها الغناء للوطن لاسيما في ظرف كالظرف العراقي لان الغناء يمس احساس الانسان ونحن نعرف ان الانسان العراقي عاطفي في طبعه ويتأثر بالصوت الشجي والحسن وبالموسيقى .

هذه الاناشيد والاغاني بالتأكيد ستحتفظ بها الرفوف ، ربما الى انتخابات اخرى ، ولكنها ستعلن نفسها ذاكرة للشعب عن زمن ما ، معروف بوقائعه ، وستشهد على اشياء كثيرة من خلال الكلمات والالحان التي حملتها وستسجل للمغنين مساهمتهم في هذه المناسبة التاريخية .