منذ بداية هذا الأسبوع، تجلى تفوُّق وتميَّز لندن من خلال محاولتها التوفيق بين الأنثوي الناعم الذي سيسهل تسويقه وبين الحداثي والشبابي المستقى من ثقافة الشَّارع، والذي يعتبر بصمة من بصماتها الوراثيَّة إنّْ صح القول، فهو الذي يميِّزها ويعطيها أهميتها الحالية كأهم مركز للموضة.

وتحاول لندن التركيز على تنوُّع ما تقدِّم وتميُّزه من خلال مشاركة 66 مصمِّمًا و23 عرضًا جانبيا فضلاً عن صالونات خاصة لمصممي الأكسسوارات.

ويرى المراقبون والمسؤولون عن الأسبوع، أن لندن قفزت قفزةً هائلةُ إلى الأمام كأهم وجهة لوسائل الإعلام مقارنةُ بسنواتها العجاف قبل أن تبلغ ربع قرن.

فبرودة الطقس في لندن لم تنعكس على سخونة أسبوع الموضة الَّتي بدأت ترتفع حرارته منذ اليوم الثاني، وصولاً إلى اليوم الثالت والرابع مع تقديم المصممين لأزيائهم الَّتي تميَّزت هذه السنة وحملت نكهات وطبعات جديدة.

بدايةً مع عرض سيينا ميللر وأختها سفانا، مؤسستي ماركة quot;تونتي 8 تونتيquot; الَّتي أصبحت اسمًا مألوفا في الأسبوع، وعلى الرغم من أنَّ العرض لم يقدم أزياء ثوريةً أو جديدةً، فإنَّه لم يخيب الآمال، لأنَّه كان دعوةً مفتوحةً للقيام برحلة إلى مكان لا يعاني تعطل حركة السير ولا ضغوطات الحياة اليوميَّة.

وقدَّم المصمِّم هنري هولاند، مؤسس دار quot;هاوس أوف هولاندquot;، عروضّا مماثلة للحضور وإلى باقة من النجمات اللواتي جلسن في المقاعد الأمامية، مثل المغنية ليلي آلن، والعارضة البريطانيَّة أجينيس دين، وغيرهما، ليعبرن له عن تضامنهن معه.

عرضه كان متميِّزًا، خصوصًا أنَّه مصمم اضطرته ظروف البداية، وقصر اليد،إلىأنّْ يركز على quot;التي ndash; شيرتاتquot; والجوارب المنقوشة الَّتي أعطاها شخصيَّةً شبابيَّةً تضج بالمرح والشقاوة ذاع صيتها في العالم، إلى مصمم وصل إلى مرحلة النضج.

تشكيلته لربيع وصيف 2011 كانت بلفحة من السبعينات من القرن الماضي، وتحديدًا عالم الديسكوهات، بصخبها وسهرها وموسيقاها، استمدت قوتها الفعليَّة وصخبها من الألوان والنقوشات المستوحاة من العوالم الاستوائيَّة، وركَّز فيها على ألوان الحلوى والورود مثل البنفسجي والوردي والسكري. إلى جانب التصاميم القصيرة الَّتي طبعت تشكيلته، ولفت استعماله الذكي للجلد في بعضها الأنظار، خصوصًا أنَّها جاءت ببليسيهات تفوح بألوان الأرجوان والبنفسج.

واختار الثنائي quot;باسو آند بروكquot; الارتحال إلى أجواء البحار والمحيطات من خلال تشكيلة تناسب أجواء النهار بكل ما يتطلبه من أناقة ورقي. وشرح الثنائي بعد العرض أنَّهما استلهما الكثير من رسوماتهما هذه المرَّة، من كتابات باليد للأديب الفرنسي بلزاك، فضلاً عن الحياة البريَّة والطبيعة الَّتي يستلهمان منها رسوماتهما في العادة.

أما النتيجة فكانت ناجحة سواء في القطع الَّتي خففا فيها من النقوشات المتضاربة، والَّتي جاءت أكثر من رائعة، لأنَّها كانت مريحة للعين، أو في تلك الَّتي ضجَّت فيها، وكل ما في الأمر أنَّها في هذه الأخيرة ستمنح صاحبتها إطلالة قويَّة وجريئة.

أمَّا المصمم جاسبر كونران، فعاد بعرضه إلى الخمسينات من القرن الماضي، من خلال الفساتين الضيِّقة عند الصدر والمحدَّدة عند الخصر والتنورات الواسعة، بعضها بكمية أقمشة سخية تجعلها تتطاير أو تتمايل مع كل حركة، وبعضها الآخر ببليسيهات رقيقة وناعمة تبدو وكأنَّها خطوط عموديَّة. لمزيد من اللون والإبهار، وأضاف إلى بعضها أحزمة مبتكرة وناعمة جاءت دائمًا بلون مختلف تمامًا عن لون الفستان.

أما حقبة الستينات فتجلت في الفساتين الناعمة التي تنساب بعمليَّة مريحة على الرغم من أنَّها مفصلة عن الجسم وليست واسعة، لكنها تستمد راحتها من اختفاء منطقة الخصر غير المحددة. إلى جانب الأشكال الأنثوية والألوان المرجاني والأزرق والأخضر والأخضر الفستقي، ساعدت الأكسسوارات على ترسيخ التصاميم، حيث نسق من بداية العرض إلى نهايته فساتين وتنورات وبنطلونات مفصلة مع أحذية عادية جدًّا باللون الأبيض.

ومن الأكسسوارات التي كان لها حضور لا يستهان به في العرض النظارات الشمسيَّة الغامقة والقبعات التي تليق بمناسبات مهمة وفخمة مثل حفلات الزواج.

من جانب آخر، يبدو أن جاسبر كونران ينوي التوسع في جانب حقائب اليد، إذ أرسل بعض العارضات وهن يحملن عددًا منها بحجم كبير ولافت. وكانت تشكيلته لذيذة من حيث ألوانها وأقمشتها الَّتي تباينت بين التافتا والشيفون وحرير الكريب، وحرير الأورغنزا والدانتيل والقطن والكشمير الذي ظهر في مجموعة من الكنزات، ومن حيث طولها الذي يلامس الركبة ويسهل على أي امرأة أن تتألق فيه، بغض النظر عن أسلوبها أو عمرها أو مقاييسها.

أمَّا المصمم التركي الأصل بورا أكسو المعروف بألوانه الصارخة ونقوشاته الَّتي تتضارب في تناغم عجيب أصبح لصيقًا بهما، وإن كان هذه المرة لن يروق الجميع، فقد ركز على النمل وشرحه من الرأس إلى الصدر ليزين فساتين وتنورات، بل حتَّى على الشعر باستعمال قطع من الصوف على شكله.

وعرضه كان عبارة عن شلال من أقمشة الشيفون والبروكار والساتان الَّتي تخللتها كشاكش وفيونكات وquot;درابيهquot;، وعلى غير العادة جاءت الألوان ترابيَّة هادئة على خلفية من الرمادي العميق والأزرق النيلي والأسود مع زخات من المعادن البراقة والأحمر، وعاد بورا اكسو أيضا إليها في مجموعة من التنورات والفساتين البالغة الأنوثة، وقدَّم أيضًا بنطلونات لاصقة كما لو كانت جوارب سميكة مطرزة ومنقوشة يمكن بسهولة تنسيقها معها للحصول على مظهر يناسب الأيام والمناسبات العادية.

السنغافوري أشلي إيشام، الذي يشارك في الأسبوع منذ عام 2000، قدَّم بدوره تشكيلة تتباين بين التفصيل الكلاسيكي وبين الابتكار باستعمال أقمشة مستقبليَّة وتصميمات حداثية. وأطلق على تشكيلته quot;الفردوس الشرقيquot; واستهلها بفساتين من الجيرسيه باللون الأسود تظهر من بين ثنياتها على الخصر أو الأكتاف تطريزات كريستاليَّة، لكن سرعان ما تغيرت الألوان لتشع بدرجات قوس قزح وورود تزين الفساتين والشعر وأقمشة من الشيفون والتول وكريب جورجيت تظهر عليها تطريزات

وباستثناء المجموعة الأولى بالأسود وقطع متناثرة في آخر العرض بألوان زاهية وتطريزات ذهبية تخاطب المرأة التي تريد أن تتألق في مناسبة خاصة جدا، فإن التصميمات التي طغت على عرضه تميزت بالحداثة بأكتافها العريضة والعالية وبريقها النابع من ألوانها المعدنيَّة.

الثنائي الاسترالي وراء ماركة quot;ساس أند بيدquot;، سارة جاين كلارك وهايدي ميدلتون، قدَّمتا مساء يوم الجمعة عرضهما في دار الأوبرا وسط لندن غلب عليه الحرير المطبوع برسومات ديجتاليَّة على أرضية هادئة بألوان ترابيَّة مثل النحاسي والكاكي والكريمي، تتخللها زخات من الألوان المتوهجة.

وبالنسبة إلى التصميمات فكانت متنوعة، وسواء كانت بتفاصيل منسابة أو محددة أو معقودة أو ملفوفة فإن الخطوط كانت بسيطة تزينها معادن براقة وغيرها.

أما بيتي جاكسون، فقد استعملت أنواعًا مترفة من الأقمشة والتقنيات الحديثة لتجديد تشكيلتها المستلهمة من حقبة الأربعينات من القرن الماضي، وإلى جانب التايورات المكونة من جاكيتات مفصلة وتنورات تغطي الركبة وأخرى ببنطلونات مستقيمة، وإلى جانب المعاطف المزينة بأحزمة ناعمة ورشيقة بألوان زاهية، كانت هناك فساتين مطبوعة بالورود ومنسابة.