قامت الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي بجلسة تصوير مؤخراً تكرم ذكرى المخرج الراحل يحيا سعادة في لفتة وفاة منها مهداة لذكراه ولمحبيه.


بيروت: كان عندما يُسأل عنها يصفها quot;بملهمتهquot;، كان يرى فيها وهج النجومية والجمال ويترجمه بعدسته بأفضل طريقة، ولا ينكر أحد أن أعمال هيفاء المصورة مع يحيا كان لها دوماً صورة مختلفة، وكانت الأجمل من بين أعمالها، لأنها كانت تشبهها كثيراً.
ففي كل عمل كان يحيا يترجم جانباً من شخصيتها، فمرة نراها هيفاء رمز الأنوثة والإثارة، ومرة نراها هيفاء الشقية المرحة، ومرة أخرى نراها الـ quot; femme fatalquot; أي المرأة الخطيرة والغامضة، وفي أحيان أخرى كان يعبر عن فلسفة الجمال والشهرة.
عن آخر عمل مشترك لهما quot;ياما لياليquot;خلال زيارة لمكتبه، وكنت أشاهد العمل للمرة الأولى قبل أسابيع معدودة من رحيله، قال لي يحيا: أردت في هذا العمل أن أظهر تأثير هيفاء على الجمهور، فردة فعل الناس بالإجمال تجاهها واحدة وهو الإنبهار بجمالها وبريق نجوميتها، ومن هنا تأتي شعبيتها، وبالتالي تأثيرها، فالكل يلحق بإيقاعها اليومquot;.
وترجم هذا الشيء في المشهد الذي تقف هيفاء فيه في مقدمة جمع كبير من الرجال يقلدونها كلهم في حركتها فيتحركون حسب إيقاعها، هو مشهد فلسفي، قد يعده البعض مبالغة، لكنه مستوحى من كون هيفاء اليوم واحدة من الشخصيات المؤثرة جداً في جمهورها العريض.
علاقة هيفاء بيحيا علاقة تعدت العمل الى علاقة إنسانية، وصداقة لا تخلُ من أنانية في بعض الأحيان، كان هناك نوع من الغيرة من عدسة يحيا التي تبرز أجمل ما في المرأة عندما يعمل مع فنانات أخريات، لذا كنا نراها كلما إبتعدت وعملت مع غيره، تعود اليه من جديد.
هيفاء أرادت ككل من أحب يحيا أن تبقيه في الذاكرة، ولا تسمح لآفة النسيان أن تتسرب الى ذكراه، فقامت بجلسة تصوير من شقين الشق الأول بدت فيها كملاك مجنح وقد ثبتت صورته على صدرها بشكل يوحي بأنه سيبقى في القلب، والوجدان.
وفي الثانية تقمصته فأرتدت أزياءً تحاكي أزياءه، وعبرت عن شخصيته بأفضل صورة، ولم تغفل عن أقل التفاصيل حتى وشم النجمة الذي كان على يده.
قد يقول البعض أنها أن ما يحدث مبالغة وأن مسيرة يحيا الفنية قصيرة، لكن من عرفه عن قرب سيعرف مدى تأثيره العميق في المحيطين به، بشفافيته وصدقه، ووضوحه، لم يعرف الإزدواجية يوماً وكان يكرهها، عشق الجسد، وإعتبر الجمال أعجوبة، وإظهاره بمثابة تكريس لما صنعه الخالق.
رغم تحرره وإنفتاحه الفكري، لكنه كان عميق الإيمان، ولا تخلُ أعماله المصورة، من رموز ومواقف مستوحاة من الكتاب المقدس، عبر عنها بشكل ضمني، وهي مدرسة فنية موجودة في أغلب الفنون منذ فجر التاريخ، أدواتهاقديماً (الرسم والنحت والأدب والمسرح) وحديثاُ أضيف لها السينما والأعمال المصورة.
من هنا تأتي قيمة يحيا كفنان بصريquot;Visual Artistquot; متعدد المواهب فهو رسام، ونحات، ومدير فني، ومخرج، صاحب موهبة فريدة، ورؤيا مختلفة، وأسس مدرسة تستحق الدراسة، وعندما نعاه نقيب السينمائيين في جنازته كان يتأسف بحرقة لأن يحيا رحل قبل ان يتاح له حضور التكريم الذي كان من المقرر أن يحدث في مارس المقبل، يحيا سيكرم، من كثر، لأنه ترك بصمته في قلوب الكثيرين ممن لن ينسوه، لأنه ببساطة يحيا الطفل، والفنان، والإنسان الذي أحبوه رغم كل تناقضاته.