بيروت: إنفرد برنامجquot;48 ساعةquot; الذي يقدمه كل من سيد علي و هناء السمرى بلقاء مع فتاة مصرية شابة تدعى quot;أسماء محفوظquot; قدَماها على أنها quot;الفتاة المنظمة ليوم الغضب (25 يناير)quot;، وذلكمن خلال إنشائها للمجموعة التي حركت الشارع على الفايس بوك.

إسماء فتاة شابة في مقتبل العمر ذكية، وواعية، تعرف ما تريد، وكان مستوى حديثها فكرياً أعلى بكثير من مستوى ثقافة، ووعي، وفكر محدثيها، وخصوصاً quot;سيد عليquot;، الذي حاول التقليل من شأن الفتاة والإستخفاف بها، ومقاطعتها لأكثر من مرة، وكان الهدف الأساسي من كل الحوار معها ثنيها هي ورفاقها عن المضي في المسيرة المليونية اليوم (التي ترعب النظام أيما رعب)، وحاول إقناعها بإختيار 9 آخرين من المتظاهرين معها في ميدان التحرير والقدوم الى القناة في اليوم التالي لتقوم القناة بإجراء محادثة مباشرة بينهم وبين المسؤولين ولم يحدد من هم هؤلاء المسؤولين؟ ولم لم يتحدثوا للشباب طيلة الأسبوع الماضي؟ فعنوانهم معروف للجميع quot;ميدان التحريرquot; وسط القاهرة.

أسماء لم تعترض، وأبدت حماسها للفكرة لكنها رفضت أن تعده بذلك قبل أن تعود الى رفاقها وتأخذ رأيهم، لأنها لا تريد القفز كغيرها على إنتفاضة هؤلاء وتنسب كل شيء لنفسها، أو تدعي أنها مخولة للحديث بإسمهم، أسماء وضحت أن مطالبهم سهلة التحقيق، وأنهم يدركون تماماً أن الفراغ ليس بمصلحة البلاد، وأنهم يمكن أن يقبلوا بحكومة إنتقالية شرط أن يعرف عمرها بالضبط، وبشرط وجود لجنة يختارها المتظاهرون تشرف على هذا الإنتقال السلمي للسلطة وعلى تنفيذه.

وأكدت بأنهم لا يشترطون أن تكون هذه الشخصيات من المعارضة فهناك أسماء محترمة كثيرة في مصر يمكن أن تقوم بهذا الدور وسمت منهم كثر نذكر منهم quot;أحمد زويل، وحمدي قنديل، وهيكل، وعمرو موسى واستدركت هنا وسالت لم لم يعلن عمرو موسى موقفه حتى الآن ماذا ينتظر؟quot;. (ليأتي بعد السؤال بساعات تصريح موسى الأول بأنه يدعم إنتقال سلمي للسلطة وبأنه لن يستمر في منصبه الحالي في أمانة جامعة الدول العربية الذي تنتهي مدته بعد يومين).

وأضافت بأنها ليست مؤهلة للقيام بدور قيادي،لأنها لا تمتلك الخبرة الكافية،وهي مثلها مثل غيرها من الشباب الذي يريد لنفسه ولمصر مستقبلاً أفضل، وجاء هذا رداً على إصرار quot;سيد عليquot; بأن تكون هي ضمن اللجنة التي يمكن أن تشرف على الحكومة الإنتقالية، محاولاً جرها للخطأ والإيحاء بأنها تسعى للزعامة، أو أنها حالمة لا تملك منطقاً عملياً، لكنها أثبتت بأنها أكثر وعياً وذكاءً منه.

أسماء لم تنف خوفها من مسيرة المليون لكنها أكدت بأنها سلمية وأن اللجان الشعبية ستتولى حماية مصر. وسألت سؤالاً يعرف الجميع إجابته لكنه يتجنبها، لماذا إنسحب الأمن، وفي نفس التوقيت أحرقت أقسام الشرطة، وأطلق سراح البلطجية؟ وهم نفس البلطجية الذين إستعملهم النظام لتزوير الإنتخابات الأخيرة؟

أسماء تحدثت عن نشأتها وأن سبب وعيها السياسي هو والدها الذي كان يناقش معها كل خبر يقرأ في الجريدة، ويستمع الى أرائها، ويتجادل معها، وطالبت الأهل بأن يستمعوا لأبنائهم ولما يريدون. وأكدت أن والدها يخاف عليها كلما نزلت الى ميدان التحرير، لكنه لا يمنعها، وليس قادراً على النزول معها لأنه مريض.

المدهش في هذا اللقاء الهام مع شخصية ربما تسهم في تغيير مستقبل مصر، أن يسألها محاورها بسخافة فيما إذا كانت قد تعرضت للتحرش الجنسي، وإذا كانت تعتقد بأنها أهم من الرجل اليوم، ولم لم تتزوج حتى الآن، وسط دهشتنا ونحن نتابع هذه المهزلة الإعلامية التي فضحت مدى سطحية وإنقياد الإعلام الخاص للنظام ، وتحوله لبوق بعيد عن الموضوعية، يحاول دسم السم في العسل، وإقناع المصريين بأن أمنهم مهدد من قبل هؤلاء الشباب، وأنهم خربوا إقتصاد مصر، وأضروا بالسياحة، ولم يتحدث أي منهم عن رجال الأعمال الذين سرقوا الأراضي، وأٍستولوا عليها، ونهبوا ثروات البلد، وإستأثروا بثروات مصر تحت مباركة النظام، أو عن الفساد المستشري الذي حول شعب دولة مليئة بالثروات كمصر الى حفنة من الجياع مشردون في العشوائيات، لا سقف يأويهم، بلا أمل ولا كيان ولا مستقبل، بوق السلطة حاول أيضاً الإيحاء بأن هناك مؤامرات خارجية تحاك ضد مصر تسير هؤلاء الشباب، والتلويح بشبح إسرائيل لتخويف الناس بنوعية أسئلة quot;ماذا لو إجتاحت إسرائيل سيناء الآن؟quot; .

وبأن هناك أجانب إستفزوا المتظاهرين بقول أن شعب مصر نائم الخ من الترهات... أو من خلال الإيحاء بأن التخريب تسبب به هؤلاء، وليس الفراغ الأمني الذي تسببت به قوى الأمن بإنسحابها المفاجيء من الشوارع، ولم تسأل أي من هذه القنوات عن سبب بقاء وزير الداخلية في الحكومة السابقة، في تشكيلة الحكومة الجديدة، رغم كل الأخطاء التي أرتكبها في إدارة الموقف، ورغم كل الأصوات التي بقيت تسأل quot;لماذا تعرضنا للخيانةquot; عبر شاشات التلفزيونات مصرية وعربية ودولية، على مدى ثلاثة أيام كاملة دون مجيب، ولم يطح بهذا الوزير الكارثة سوى الفيديو الذي بثته الجزيرة لمصفحات الأمن المركزي وهي تسير فوق أجساد المتظاهرين بوحشية قل مثيلها، وخراطيم المياه التي فتحت على المتظاهرين وهم يؤدون الصلاة على جسر.

quot; هذا الفيديو quot; هو الذي أطاح بحبيب العدل، وليس التغيير الحكومي الذي قام به مكرهاً مبارك تحت ضغط شباب يوم الغضب، ، ولم يعترض عليه نائبه ولا رئيس وزارته، ولم يسأله أحد: لماذا أبقيت على قوى القمع الأساسية الممثلة بوزير الداخلية، ووزير الإعلام أنس الفقي الذي لا يزال يمارس مهامه في التعتيم الإعلامي، وتزوير الحقيقة بشكل سافر ومستفز ومكشوف. أو يحاسب النظام الذي يقفل مصر على أهلها ويقطع أي صلة لهم بالعالم الخارجي.
الامر ليس بمستغرب من قناة المحور التي تحاول بآلتها الإعلامية منذ أيام التقليل من شأن إنتفاضة الشباب بحسب تعليمات النظام.

فهم سخروا برامجهم لإستضافة ضيوف كل مهمتهم إقناع الشباب بأنه يريد quot;إصلاحquot; النظام وليس quot;تغييرquot; النظام، أو إهانة مبارك، وإيهامهم بأن التغيير بطريقة الـ quot;knock outquot; سيؤدي الى أن يأتي الأقوى وليس الأصلح. بحسب تعبير صديق مبارك الحميم عماد أديب في لقاءه بالأمس ضمن برنامج 90 دقيقة، الذي يبث على المحور أيضاً.

ومن جهة أخرى تبث القناة إعلاناً مكثفاً بصوت وصورة مفتي مصر، د. علي جمعة، وهو يخاطب الشباب بإستخفاف واضح وبنبرة مدرس يخاطب أطفالاً في الحضانة بقوله: quot;انتم الان بضع quot;شويةquot; شباب تجلسون في ميدان التحرير تريدون تغيير النظام، يعني الدستور ... الدستور لا يتم تغييره بهذا الشكل ... ويحذرهم بإسلوب الترهيب -الذي يشتهر به رجال الدين عادة- من ثورة فرنسية تأكل ابناءها لـ 20 او 30 سنة ليأتي بعدها نابليون ليقمعهم!!
أو ربما ينوون التسبب بحرب اهلية، أو ثورة تشبة الثورة الإنجليزية تحرق مدنهم وتدمرها... وينهي إعلانه بالقول quot;كفاية كدةquot;....

د. علي جمعة لم يشرح لهؤلاء الـ quot;شويةquot; شباب كيف سيتغير الدستور برأيه، وقد إنبح صوت الشعب والمعارضة على مدى أعوام دون نتيجة... ولم يشرح لهم لم لم يعلن quot;نابليون مصر الحاليquot; الذي يتربع على أمبراطوريته منذ 30 عاماً متى سيغادر وكيف؟ ولمن كان ينوي quot;توريث الحكمquot;.

النظام سخر رموزه الدينية المفتي والبابا شنودة للتأثير على الشارع الساذج الذي يتأثر بهذه الشخصيات quot;المقدسةquot; مهما كان إنحيازهم للسلطة، وضد مصلحة الشعب الفقير، وذلك لمساعدته فيقمع إنتفاضة الشباب بطريقتهم، وإستغلال الدين لثنيهم عن الإستمرار، بإحتجاجاتهم السلمية، لكننا لم نعرف ما هو موقف حضرة المفتي والبابا شنودة من وحشية رجال الأمن في قمع هذه التظاهرات، ونحن شاهدنا أكثر من صورة، على أكثر من شاشة، لعربات الأمن المركزي وهي تسحق أجساد هؤلاء الشباب العزل، تحت عجلاتها، وما هو مصير رجالات هذا النظام الذين أصدروا هذه الأوامر في الآخرة؟!! ولماذا لم يستنكرها أي منهما؟

الحجة الأخرى التي يحاول بها النظام التأثير على الناس من خلال الولولة على معاشات الشعب التي يتعذر عليه صرفها، وكأن الشعب شبعان، والأجور التي سيقبضها الأغلبية تكفيه كفاف العيش، وتتجاوز الحد الأدنى للأجور.

مهزلة الإعلام المصري مستمرة، وفضيحة القرن مستمرة، ولليوم السادس على التوالي. لكن ذاكرة الشعب طويلة وسيأتي يوم الحساب قريباً، والجميع سيدفع فاتورة خيانته لهؤلاء الشباب الأنقياء،ولثورتهم النبيلة التي تريد خير مصر، لا دمارها كما يروج هؤلاء.

هل سأل أنس الفقي نفسه لماذا نصب هؤلاء الشباب 4 شاشات عملاقة في ميدان التحرير لقناة الجزيرة التي منعها من البث؟ لماذا يشعر هؤلاء الشباب أن الإعلام المصري لم يعد يعبر عنهم؟