لا تزال أزمة استبعاد الإعلامية دينا عبد الرحمن من برنامج صباح دريم امس، وانهاء تعاقدها مع القناة تلقي بظلالها على القناة، ففي الوقت الذي رفض فيه فريق الإعداد العمل بدونها في حلقة اليوم، رفضت دينا عروض القناة للعودة مجدداً الى شاشتها، وأكد إعلاميون ان دينا لم ترتكب أية اخطاء مهنية خلال حديثها الى اللواء كاطو، وأن ما حدث يشكل ردة على حرية الإعلام.
القاهرة: فور الإعلان عن فسخ التعاقد رسميا بين الإعلامية دينا عبد الرحمن وقناة دريم، تلقت الإعلامية الشابة مقدمة برنامج صباح دريم سابقاً، عدة عروض من عدد من المحطات الفضائية من بينها التحرير، أون تي في، وشبكة تليفزيون العاصمة cbc للظهور من خلال شاشاتهم، فيما تفكر إدارة دريم في إسناد مهمة البرنامج الى الإعلامية جيهان منصور مقدمة برنامج في الميدان،في حال فشلت في إستعادة دينا مجدداً.
ويأتي هذا التغير في الموقف من قبلقناة دريم بعد مواجهتهم لموقف تضامني من فريق إعداد البرنامج، حيث صدرت تعليمات للعاملين به من أجل استمراره بالظهور صباح اليوم بمذيعة جديدة، إلا أن فريق الإعداد بالكاملأعلن تضامنه مع دينا، مؤكدين على رفضهم العمل مع اي مذيعة جديدة، وهو الأمر الذي فاجا إدارة القناة، فضلاً عن مواجهتهم بحجم كبير من الانتقادات في الوسط الإعلامي،وحملة تضامن واسعة مع الإعلامية المفصولة تعسفاً من وجهة نظر رواد صفحات الموقع الاجتماعي فيس بوك، وتويتر، حيث أنضم الآف الى هذه الصفحات بعد ساعات قليلة من إنشائها، معتبرين دينا إبنة مصر وأن مصر لا تخذل بناتها، وأن واجبهم الوقوف الى جانبها كما وقفت الى جانبهم وقت الثورة وكانت صوتاً داعماً للثوار، ومنبراً إعلامياً توخى المصداقية ونزل الى الميدان أكثر من مرة.
ونظموا دعوات لمقاطعة القناةوالعزوف عن مشاهدتها، وإمتدت المقاطعة أيضاً الى شركات أحد بهجت ومنتجعاته، ولاقت هذه الدعواتاستجابة كبيرة من المتابعين للأحداث عبر هذه المواقع، الذين دعوا كذلك كل من الإعلاميين احمد المسلماني، ووائل الإبراشي، ومنى الشاذلي وهم الأبرز في دريم، الى الاستقالة من القناة بسبب موقفها من زميلتهم، معتبرين أن ما حصل لها قد يحصل لأي منهم طالما أنهم يتشدقون بالثورية، والجرأة، والمهنية.
وحاولت القناة في ظل هذه الضغوط،مفاوضة الإعلامية الشابة لاقناعها بالعودة، إلا أن دينا أكدت لهم صعوبة العودة مجدداً لتقديم البرنامج، مفضلة الانتقال الى محطة جديدة لم تقررها بعد، منتظرة الاختيار من بين العروض المقدمة لها، فيما كشفت مصادر مقربة منها انها اقرب الى الإنتقال الى قناة التحرير نظراً للصداقة التي تربطها بالقائمين على القناة، وهامش الحرية المتوفر فيها.
وفي حساب جديد تم انشائه امس عبر موقع تويتر بإسم دينا عبد الرحمنوتبين لاحقاً أن هذا الحساب مزيف حيث أكدت لنادينا صباح اليوم بأنها لا علاقة لها بهذا الحساب، وبكل ما ورد فيه من تدوينات.
كتب صاحب الحساب التدوينات القصيرة التالية:quot; بداياتي في الإعلام كانت فى برامج المنوعات والأطفال ، كانت أجمل بداية قبل أن تكون د. هالة سرحان سبباً لعملي فى دريمquot; مضيفا quot;أعتقد أن المواطن المصرى هو الوحيد الذى يطلق عليه لفظ الخط الأحمر ولا يجب الإقتراب أو المساس من كرامتهquot;، مستطرداً quot;سعيدة جداً بالعمل فى دريم ، وماقدمته فيها على مدار سنوات - وشكر خاص لكل فريق العمل فى برنامج صباح دريمquot;.
وحول الازمة وكيف انتهت قال quot;الحلقة تناولت الأحداث بكل شفافية ، واستقبلت جميع الآراء المؤيدة والمعارضة لما حدث ، بما فيها شهادات شهود العيانquot;، مضيفا quot;سواء تم فصلي أو قدمت استقالتي ، لا يهم كثيراً بقدر ما يهمنى إحترامي لنفسي ولكل المصريين فأنا واحدة منهم وبإذن الله مصر بكرة اجمل وأجملquot;.
وأوضحت في تدوينة أخرى قائلا quot;لم يتعد حواري مع د. احمد بهجت سوى بضع دقائق كانت لهجته حادة تجاه ما حدث .. وبأنه وجه لي إنذارات في تناول الموضوعات ، وفضلت الإنسحابquot;، مضيفاً quot;كل احترامى وتقديري لكل من قال لي كلمة ولو بسيطة تعبر عما بداخله تجاه ما حدث ، وشكر للإعلامي القدير يسري فودة والكاتب المتميز عمر طاهرquot;. فيما أكد الإعلامي أحمد المسلماني في تدوينة على موقع تويتر أن دينا عائدة الى المحطة في الغد ، وتم تكذيب هذه المعلومة عبر برنامج مانشيت من قبل أحدى العاملات في فريق إعداد صباح دريم، وعدد من الصحف الإلكترونية فوراً، لكن المسلماني عاد وأكد على الهواء عبر برنامجه quot;الطبعة الأولىquot; على قناة دريم 2 أن البرنامج سيحصل على اجازة غداً (اليوم)، على ان يعود بعد غد(غداً)، وبدورهاقالت الإعلامية منى الشاذلي عبر برنامجها quot;العاشرة مساءquot; بأنها تحدثت هاتفياً مع دينا، مبدية مؤازرتها لها، وتضامنها معها، لكنها وصفت الموقف بأنه خلاف ضمن أبناء البيت الواحد، ويحصل كثيراً، وتفاصيله لابد أن تبقى حالياً ضمن هذا البيت - جاء التعليق مقتضباً مما أوحى بوجود محاولات لإعادة دينا الى موقعها- وأكملت الشاذلي حديثها بالقول بأنها تتوقع ان تعود دينا الى quot;واحتها الصباحيةquot;مجدداً في أقرب وقت، لأن quot;دريمquot; قادرة على إنهاء الخلاف، إلا أن هذه التصريحات جات متناقضة مع تأكيد عدد من المقربين من دينا عبد الرحمن استحالة عودتها الى القناة مرة اخرى.
إعلاميون يساندون دينا عبد الرحمن ويؤكدون سلامة موقفها المهني
الى ذلك، إتفق خبراء إعلاميين تحدثوا الى إيلاف حول الأزمة وتقييمهم لها على ان دينا لم تتجاوز الخطوط الحمراء في حديثها مع قيادات القوات المسلحة وانها كانت موضوعية ومهنية في أسلوب محاورتها لهم، مؤكدين على ان ما حدث يعتبر ردة على الحرية التي حصل عليها الإعلام بعد الثورة.
الإعلامي القدير حمدي قنديل أشاد بأداء دينا في التغطية الإعلامية المتوازنة التي لم تخرج عن إطار المهنية في الحديث مع المصدر، مؤكداً على انه شاهد فيديوهات الحلقة مرتين ولم يكن بها اي خطأ مهني، وأن دينا طالبت بمبررات حول الاتهامات التي كان يلقيها اللواء كاطو وهو أمر منطقي وطبيعي.
ولفت الى ان القرار سواء جاء من إدارة القناة بطريقة مباشرة او من خلال ضغط من المجلس العسكري فهو سيان بالنسبة له ، نظراً لأنه يعيد التحكم في حرية الإعلام الى الدولة ممثلة في المجلس العسكري، ولرأس المال ممثلاً في رجال الأعمال ملاك هذه المؤسسات، ومنوها الى ان تصريحات اللواء كاطو باتهام اي مصري دون دليل امر غير مقبول، ولا يصح ان يكون المجلس العسكري القائم بشؤون البلاد يفكر بهذه الطريقة.
وأكد على ضرورة عدم الحديث والقاء التهم دون اي دليل واضح، لاسيما ان الحديث في هذه الأحوال لا يتسم بالموضوعية ، منوها الى ان حديث اللواء كاطو عن الكاتبة نجلاء بدير كان به تعليمات وإرشاد لما يجب ان يقرأ وما لا يجب ان يقرأ عبر وسائل الإعلام، وهو امر يعتبر إعادة لفرض الوصاية على الإعلام من من خلال التوجيهات والنصائح التي توجه الى مقدمي البرامج، وهو امر يعيدناالىما كان عليه الوضع في ظل النظام البائد ، ولن نسمح به مجددا في وسائل الاعلام بعد الثورة.
وشدد على ان هناك لواءات وخبراء عسكريين يظهرون في وسائل الإعلام ويكون لتصريحاتهم مردود سلبي، وتؤدي الى توتر العلاقة بين الجيش والشعب، وهو امر يجب التحكم به، لاسيما وان حديثهم لا يفهم منه ما اذا كانوا يتحدثون عن وجهة نظرهم الشخصية ام وجهة نظر المجلس العسكري ككل، داعيا المجلس العسكري الى منعهم من الحديث لاسيما في مثل هذه الاوقات الحرجة التي تمر بها البلاد.
هجمة مرتدة
الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز قال لـquot;إيلافquot; ان ما حدث مع دينا عبد الرحمن وإلغاء تعاقدها مع قناة دريم يعتبر هجمة مرتدة على وسائل الإعلام، معتبراً أن الارتفاع في سقف الحريات الذي حصلت عليه وسائل الإعلام بعد الثورةضاق به المجلس العسكري ، وبالتالي قرر إظهار قدر من الخشونة مع وسائل الإعلام ، وهو ما اتضح في حديث اللواء كاطو . -حيثخاطب مقدمة البرنامج والشعب المصري بالقول: نحن في مرحلة علينا أن نعلمكم الديموقراطية، فانت لازلتم في مرحلة KG1 ديموقراطية، أي في مرحلة الحضانة.
ولفت عبد العزيز الى ان ما قامت به دينا من عرض لمقال الكاتبة نجلاء بدير ليس هناك مأخذ عليه لأن المقال تضمن تعليقاً على حديث اللواء الرويني في البرنامج في الحلقة السابقة، منوهاً الى ان تعليق كاطو على الحوار عكس قدراً من العصبية والخشونة.
وأوضح ان إظهار دينا استهجانها لتعليق اللواء كاطو كان سبباً في الغضب عليها من قبل القناة، وحملها على ترك البرنامج، مشيراً الى ان الإعلام في الوقت الحالي بات يواجه تحديين: الاول هو الهجمة المرتدة على الحريات التي حصل عليها بعد الثورة وهو امر لا يمكن التنازل عنه او التراجع فيه، إضافة الى ضرورة عمل الإعلاميين على صياغة الحريات التي حصلوا عليها من خلال قوانين بحيث لا يمكن لا احد ان ينتزعها منهم.
ونوه الى ان ما حدث في البرنامج واتخاذ قرار بإيقافه من قبل القناة يعكس الهجمة المرتدة على الحريات وعدم استيعاب المجلس العسكري للواقع السياسي والإعلامي الجديد من جهة، وتقبل مالكي القنوات الخاصصة من رجال الأعمال الضغوط التي تمارس عليهم والخضوع لها من جهة أخرى.

الإعلامي خالد البلشي رئيس تحرير جريدة البديل المصرية والذي كان ضيف دينا في حلقتها الاخيرة، وكان متواجداًخلال مداخلة اللواء كاطو قال: ان الواضح من المداخلة الهاتفية هو عدم قدرة اللواء كاطو على تقبل الرأي الاخر، مشيراً الى انه كان حريصا على التزام الهدوء في الرد، والنقاش بموضوعية، بعيداً عن الانفعلات والامور الشخصية.
ونوه الي ان بعض رجال الأعمال على رؤسهم quot;بطحةquot; وبالتالي يستجيبون لأي ضغوط تمارس عليهم خوفا ً من رد الفعل تجاههم، لافتاً الى ان رسالة الضغط على وسائل الإعلام قد تصل الى البعض فيرضخ لها، والى البعض الآخر فيرفضها مثلما فعل الإعلامي يسري فوده، منتقداً تصرف قناة دريم.
وشدد على ان المكسب الحقيقي لحرية الإعلام بعد الثورة لابد من الحفاظ عليه حتى لا يضيع مرة اخرى، مشيراً الى ان خسارة الحرية الإعلامية ستفقدنا اشياء كثيرة.
وفي سياق متصل بدأ مجموعة من الصحافيين جمع توقيعات على بيان لتأييد موقف الإعلامية دينا عبد الرحمن والكاتبة الصحافية نجلاء بدير.
وقال البيان quot;قامت الثورة في مصر لتحرر المصريين جميعا وثار الصحفيون والإعلاميون مع الشعب كمكون أساسي من الوطن بحثا عن حرية منعوا منها وقمعوا بسببها طويلا في عهود سابقة، ظنو أنها لن تعود ليفيقوا فجأة على عهد جديد لا يختلف أبدا عما سبقه من القمع والمنع الذي أضيف إليه أيضا وللمرة الأولى عملية تشويه وإتهامات بالعمالة والجهل من أشخاص لا يمكن أبدا أن يحكموا على الإعلام لأنهم لا يعرفون عنه إلا ما يشاهدونه على الشاشات أو يقرأونه في الصحف والمجلاتquot;.
وأضاف quot;فوجئنا منذ قيام الثورة بالإلتفاف كثيراً من أولي الأمر على مطالب الثوار من الإعلاميين والصحفيين فعاد استدعاء من يقول الحق منهم وتم تهديد العديد من الشخصيات المعروفة وعادت وزارة الإعلام رغم المطالبات الواسعة بإلغاءها ويتم التجهيز حاليا لإحياء المجلس الأعلى للصحافةquot; مستطردا quot;نحن صحفيون وإعلاميون حريصون على بلادنا وعلى مهنتنا فوجئنا صباح الأحد بالإعلان عن إقالة الإعلامية دينا عبد الرحمن من جانب قناة دريم الفضائية ردا على مناقشتها المهنية للواء حسن الرويني، كما فاجئنا التجاوز اللفظي الذي وجهه اللواء عبد المنعم كاطو مستشار إدارة الشئون المعنوية بالجيش المصري للزميلة الكاتبة نجلاء بدير في حلقة من برنامج quot;صباح دريمquot;.
وأكد البيان على انه quot;لما كان الإعلاميون والصحفيون صفا واحدا في مواجهة من يتعدى على أحدهم أو يتجاوز في حقه فإننا نعبر بوضوح عن صدمتنا ورفضنا لما شهدته حلقة quot;صباح دريمquot; يوم الأحد وندين موقف قناة دريم ومالكها رجل الأعمال أحمد بهجت تجاه مقدمة البرنامج دينا عبد الرحمن التي نحييها ونشد على يديها مؤكدين تضامننا الكامل معهاquot;.