إيلاف: "يمكن النظر إلى الأفلام باعتبارها أحلاماً لأنَّها تمتلك خاصيَّةً غامضة تجعلها توحي بأنها ليست كما تبدو عليه من الظاهر؛ ومن ثَمَّ تُطالب بتفسيرٍ أكثر إرضاءً مما يستطيع الفهم الحرفيّ أن يقدمه".

بهذه العين، ينظر الكاتب سكيب داين يونج في كتابه "السينما وعلم النفس" (ترجمة سامح سمير فرج) إلى العمل السينمائيّ، وذلك لكونه أحدَ منتجات الذهن البشري وانعكاساً له. إلى ذلك، يرى أنَّ التركيز على واقع أنَّ العقول البشريَّة هي التي تصنع الأفلام، يُمكِّننا من التعامل مع أي فيلم على اعتباره انعكاساً للذهن البشري؛ بالتالي يكون من المستحيل مناقشته إلا إذا شوهدَ من خلال إنسانٍ يفكر ويشعر.

عند تحليلنا لأحد الأفلام -كما نفعل مع الأحلام- فإننا بذلك نقوم بتحليلٍ للذهن البشري من خلال هذا الفيلم. فإنَّ العلاقة التي لا تنتهي، على حد وصف الكاتب، ما بين السينما وعلم النفس، تظهر في مساهمة القصص في تشكيل الهُويَّة، وفي توكيد شعورنا الذاتيّ بما نحن عليه.

الأشخاص الذين يتماهون مع الأبطال الخارقين والعشَّاق والشخصيَّات المتميّزة التي تملأ القصص، أي مع جميع هذه الأنماط، يقدمون أبعاداً متعددة لمفهوم الذات. فالتماهي يغدو مع مرور الوقت كالذاكرة، والذاكرة بدورها هي جزءٌ من الهُوية الشخصيَّة.

وتالياً فإنَّ الفيلم بذلك يكون قدّ ساهم حرفيَّاً في رسم الملامح الشخصيَّة لكل فرد.

وليست فقط الأفلام الموجَّهة للكبار، فأفلام الرسوم المتحركة نراها قدّ ساهمت أيضاً في صقل شخصيَّة الطفل، وشكَّلت جزءاً كبيراً من وعيه وهُويته. وعن الجوانب السلبيَّة لهذه العلاقة ما بين السينما وعلم النفس، يتحدَّث الكاتب عن الطريقة التي قامت من خلالها هوليود بتنميطٍ لشخصيَّة الطبيب النفسيّ، فهو إمَّا الشرير الذي يستغل فهمه للذهن البشري ومقدراته لإيذاء الآخرين واستغلالهم!! وإمَّا هو الشخص السخيف ومحط السخرية! أو الطبيب الرائع والمثاليّ الذي يمتاز بالكفاءة والطيبة... وبالتالي جعلت من الطبيب شخصاً غريباً عن المجتمع، وكذلك فعلت مع المرضى النفسيين بتمثيلها لهم بطرق مقلقة، وربطت بين الكثير من الأمراض الذهانيَّة بجرائم القتل وغيرها من الجرائم الأخرى.

هذا الربط خطير للغاية، وذلك لأنَّ كمَّاً كبيراً من الجمهور يستقون معلوماتهم عن الاضطرابات والمشاكل النفسية من الإعلام!

والرسالة باختصار تصبح أنَّ الأطباء والمرضى النفسيين مختلفون جذرياً عن سواهم من الناس، على الرغم من أنّ أساس العلاج النفسي يرتكز على فكرة مفادها أنه يمكن اعتبار جميع الناس مرضى نفسيين، والاختلاف يأتي فقط في الدرجات، وإلى أي حدٍّ تؤثر هذه المشكلة في الشخص، وكم من الوقت تستحوذ، وهل تُشكِّل إعاقةً له أم لا.