للمرة الثانية يتوجه الطبيب الاماراتي مازن الهاجري الى غزة بهدف إعادة نعمة السمع الى فاقديها، حيث تسجل أعلى نسبة للصم على مستوى الوطن العربي. أجرى الى اليوم 37 عملية ناجحة أجرى خلالها زراعة القوقعة عبر المنظار. وفي لقاء مع quot;إيلافquot; يؤكد الهاجري نجاح العمليات بنسبة 80 % حيث أعاد السمع الى مرضاه بنسبة تتراوح بين 30 الى 20 ديسيبل، مع الاشارة الى أن سمعنا الطبيعي هو 20 ديسيبل.

الطبيب مازن الهاجريحمزة البحيصي من غزة: بعد يوم عمل شاق إلتقت quot;إيلافquot; الهاجري وكان أجرى خلاله 6 عمليات متنوعة، يقول: quot;منذ أن جئت إلى غزة قبل أسبوعين أجريت 37 عملية زراعة قوقعة، وهناك عمليات أخرى لم يتم إجراءها بعد، إضافة إلى بعض العمليات الكبيرة مثل عملية لتوصيل عصب الوجهquot;.

ويشير الهاجري إلى بعض المعلومات المتعلقة بنجاح العمليات فيقول: quot;معضم الحالات في غزة وصل سمعهم ما بين 30 الى 20 ديسيبل، مع العلم أن سمعنا الطبيعي هو 20 ديسيبل، وهذا يعني أن 80 % من الحالات وصلت إلى السمع الطبيعي تقريبا، أما من ناحية الكلام فيحتاج الأصم إلى تعلم النطق بشكل مكثفquot;.

ويوضح الهاجري أن تكلفة كل قوقعة ما يقارب الـ 22 ألف دولار وأن كل عملية تستغرق بين ساعة إلى ساعتين ونصف، ويبين: quot;هناك تمويل لهذه العمليات، وهي عبارة عن مساهمة من جمعيات خيرية في دول الخليج، خاصة الإمارات وقطر، حيث تقوم جمعيات خيرية بدفع مبالغ مالية يتم تحويلها إلى شركة فرنسية، وهي بدورها ترسل لنا القواقع.

ويؤكد أنه لم يكن في الحسبان عملية زراعة القواقع في غزة لأن الجهاز الذي يتم من خلاله زرع القوقعة باهظ الثمن، ولم يكن هناك آلية لتوفيره، ولذلك فإن الأطباء في غزة لم يفكروا بتعلم آلية العملية.

ويبين: quot;عدد القواقع التي تمت زراعتها في غزة خلال سنة أعلى من أي دولة عربية، فقد اقتربنا على زراعة 100 قوقعة، وهذا العدد لم يحدث في معظم الدول العربية في أقل من سنةquot;.

ويرجع الهاجري إرتفاع أعداد الصم في غزة إلى أسباب يقول منها: quot;الفقر والبطالة تؤثر على الصحة الكلية للطفل بالإضافة الى الأمراض البسيطة كالزكام عند الأطفال إلى جانب استهتار الأهل أو انشغالهم عن أطفالهم وذلك يؤدي أحيانا الى فقدان السمع، بالإضافة إلى موضوع الحروب في غزة والتي يتخللها أصوات انفجارات وصواريخ قد تذهب السمع خاصة لدى الأطفالquot;.

الهاجري هو الطبيب الوحيد حول العالم الذي يجري عملية زراعة القوقعة بالمنظار، حيث يقول في هذا الشأن: quot;لا أعلم إذا كان هناك أشخاص حول العالم يقومون بإجراء العملية بالمنظار أم لا، ولكن عندما بدأت إجراءها لم يكن قد سبقني أحد، ومع ذلك فقد قمت بتدريب عدد كبير من الجراحين منهم في اليمن والسودان، وهذا التعليم يتم من خلال سفري إلى كثير من الدول حول العالمquot;.

ويتابع: quot;في غزة مثلا هناك ثلاث جراحين تعلموا زراعة القوقعة بالمنظار، ومنهم الدكتور حسين عاشور مدير مستشفى الشفاء الطبي، وقد نفذ عملية كاملةquot;.

ومع ذلك يرى الهاجري أنه رغم تعلم الأطباء كيفية إجراء هذه الجراحة إلا أنه يرى بأن على الطبيب أن يمتلك المعرفة النظرية لتجنب مخاطر الإجراء الجراحي والتعامل مع مضاعفاته، ويقول: quot;يمكن أن ينفذ الطبيب الإجراء الجراحي، ولكن إذا كانت القوقعة غير طبيعية فذلك يحتاج إلى طبيب متخصص، لتكون هذه الحالات قد مرت عليه من قبل، وأن يتفاعل مع أي مشكلة تحدث أثناء الجراحة، لاسيما الحالات الصعبةquot;.

وسألت quot;إيلافquot; الهاجري إذا ما كان سيعود إلى غزة مرات أخرى، فقال: quot;بعد الزيارة الأولى في أكتوبر 2009 قمنا بالتخطيط للرجوع في فبراير 2010، ولم يتم ذلك وحاولنا في إبريل، وفي شهر يوليو، وتكررت المحاولات إلى أن دخلنا في شهر سبتمبر 2010quot;.

وعن سبب ذلك يقول: quot;موضوع التنسيق والدخول على المعابر صعب جدا، والجهات التي تقوم بذلك ليس لديها سبب واضح، والدخول إلى غزة بحد ذاته مشكلة، وكان ذلك صعب بالنسبة ليquot;.

تجربة أولى وتعلمنا منها الكثير

لؤي المصريويعمل إلى جانب الدكتور الهاجري طاقم من الأخصائيين والممرضين عددهم لا يتجاوز الخمسة، من بينهم لؤي المصري أخصائي سمعيات تخاطب، الذي يعمل في قسم السمعيات بمستشفى الشفاء منذ سنة ونصف، وقد رافق الهاجري في كافة عملياته الـ 37 بشكل ثابت، يقول لـ quot;إيلافquot;: quot;هذه تجربتي الأولى مع طبيب من الخارج، وقد استفدت منه ومن خبرته بشكل كبير، حيث تعلمت برمجة القوقعة على يديهquot;.

ويقوم المصري باختبار لكافة القواقع العشرين في الأذن بعد إتمام كل عملية، للتأكد من سلامتها، ويؤكد أن نسبة نجاح العمليات هي 100 %، وليس هناك أي مشاكل تذكر، بل أن السمع يعود بشكل كامل للأصم.

وسيزيد المصري من خبرته الطبية خارج غزة، خاصة بعد موافقة الهاجري على إتاحة الفرصة له بالخروج إلى أحدى الدول العربية للتدريب، فيقول: quot;سأقوم بالمتابعة مع الهلال الاحمر القطري، وربما سأذهب لمدة سنة أتدرب خلالها على أجهزة السمعياتquot;.

ويضيف: quot;هناك أجهزة كثيرة لا بد أن نتعرف عليها، فلا يوجد في غزة سوى جهاز فحص الأذن الوسطى، وجهاز فحص العصب السمعي، وجهاز الفحص السمعي الدماغيquot;.

ومع ذلك يقول المصري بأن الطبيب الهاجري ترك لهم في زيارة سابقة لغزة بعض الأجهزة كي يعملوا عليها، أما الآن فقد جاء لهم بأجهزة برمجة للقواقع.

ويطالب المصري أن يكرر الهاجري زياراته إلى غزة لحاجاتها لذلك، ويتابع: quot;نسبة الصم عالية، ومع ذلك فإن نسبة نجاح العمليات تتراوح ما بين 92 إلى 96 %، حيث أن هناك أشخاص نطقوا بجمل كاملة خلال 9 شهور، وهذا لم يحدث في الإمارات مثلاquot;.

نسبة النجاح عالية

طفلة خليل لبدخليل لبد هو والد لطفلة تبلغ من العمر سنتين و3 شهور، وخضعت لعملية زرع قوقعة بالمنظار استمرت لأربع ساعات، يقول لـ quot;إيلافquot;: quot;نتائج العملية كانت ممتازة، ونسبة النجاح وصلت إلى 80 % حسب الأطباءquot;.

ويوضح: quot;النجاح بالشكل المطلق لا يظهر مباشرة بعد العملية، ولكنه يتضح بعد 10 أيام، حيث سنقوم بتركيب سماعة خارجية لها، ومن ثم سنأخذها على مؤسسة صم كي نعلمها النطقquot;.

ويتحدث عن مشكلة ابنته فيقول: quot;بدأت المشكلة منذ أن كان عمرها 7 شهور، وكان ذلك بعد الحرب الإسرائيلية على غزة، حيث أننا اكتشفنا فقدها للسمع بعد الحرب مباشرة، وكثيرون أكدوا لنا أن مشكلتها بسبب الحربquot;.

ويشعر لبد بالراحة التامة، وبالرضا عما تقوم به الطواقم الطبية من أجل مساعدة الأطفال وكبار السن. ويبين لبد بأنه في حال فشل العملية فإنه الدكتور الهاجري سيقوم بزرع القوقعة مرة أخرى، كما قالوا له.