تعتبر محمية الشريعة الجبلية في الجزائر مخبرا حيا ومفتوحا أمام محترفي البيئة، حيث تفضل النخب العلمية اتخاذ هذه المنطقة كأرضية لإعداد أكثر التقارير البيولوجية تعقيدا، لكون هذه القمة الثرية الأعلى من نوعها في سلسلة الأطلس، تعدّ بمثابة (أمازون) الجزائر. quot;إيلافquot; تتطرق إلى رصيد هذا الأمازون وواقعه مع مسؤولين وخبراء.
كامل الشيرازي من الجزائر: تقع محمية الشريعة على بعد 50 كلم من الجزائر العاصمة، وتتربع الحظيرة التي أنشئت العام 1912، على مساحة 27.000 هكتار من المساحات الغابية والجبلية، بعلو يصل إلى 1500 متر عن سطح البحر.
وتتوفر المحمية استنادا إلى المكتب الجزائري للدراسات الغابية والمصادر البيولوجية على 816 نوعا نباتيا من بين 3666 نوعا موجودا في الجزائر، فضلا عن 394 صنفا حيوانيا، 64 منها محمية قانونيا، وهو ما يمثل 75 بالمائة من إجمالي الأنواع الحيوانية في البلاد، بيد أنّ هذا المعلم الطبيعي المهم عانى كثيرا التدهور الذي لحق به وبكائناته الحيوانية والنباتية خلال الأعوام الأخيرة.
ويشير الأستاذ quot;علي طواهريةquot; مسؤول المحمية إلى أنّ الأخيرة تتوزع على خمسة أقسام وهي على التوالي:
bull; منطقة الاحتياط الكلي: تقدر مساحتها بـ4503.3 هكتارات أي ما يعادل 16.9% من المساحة الكلية للحظيرة، وهي تمثل الوسط المعيشي للقرد المغاربي، كما تضم المناطق الرطبة والمرتفعة.
bull; منطقة متوسطة على مساحة قدرها 1203.20 هكتارات أي ما يعادل 4.50 % من المساحة الإجمالية.
bull; منطقة ضعيفة النمو، تشغل مساحة 66.5 هكتارا أي ما يعادل 29.22 % من المساحة الكلية.
bull; منطقة للراحة والتسلية والسياحة.
bull; منطقة تمارس فيها رياضة تسلق الجبال، وتمتد على حوالى 162.5 هكتارا.
كما يشير quot;محمد بوطيشquot; إلى أنّ محمية الشريعة تحتوي على عديد مصادر مائية معدنية تصل إلى حوالى 140 ينبوعا مائيا ساخنا تفيد في علاج عدة أمراض، كما تتألف من ثماني وحدات إيكولوجية متنوعة التضاريس، وأهم هذه الوحدات هي: غابة الأرز التي تغطي مساحة قدرها 1200 هكتار، ويعيش داخلها النسر الذهبي، الجرذ السنجابي، والبرخ.
وإلى جانب غابة الأرز، يلفت أبوطيش إلى غابات السنديان الأخضر التي تغطي جزءا كبيرا من الحظيرة، إضافة إلى غابة السنديان الفليني، غابة الزان، غابة الصنوبر الحلبي التي تضمّ صنفي النحل والدعسوق.
في الشق الخاص بالثروة الحيوانية في محمية الشريعة، يحصي الأستاذ quot;مالك خوجةquot; من مجموع 394 نوعا في المحمية، نحو 25 صنفا من الثدييات، أهمها: قردة الماغو، النسر الملكي، القط المتوحش، النمس، العناق، الشيهم، والقط المتوحش، فضلا عن طيور الباز البربري، الحسون القادسي والشامين.
وتفضل مئات العوائل القدوم إلى محمية الشريعة والمكوث بها أياما وذلك طلبا للراحة والاسترخاء وسط جو لطيف منعش تصنعه الأشجار الباسقة المترامية، ويعلق الحاج معمر الذي يقضي أسابيع من فصل الصيف رفقة عائلته في غابة الشريعة، أنّ مميزات المنطقة من جمال ساحر وهواء نقي وهدوء تام وجو منعش حفزته لأن يخصص أياما طويلة في منزل خشبي تحت ظلال الشريعة وما توفره من مساحات خضراء تضمن سلامة الهواء من التلوث.
وعلى الرغم من أن المنطقة فقدت الكثير من حيويتها وبريقها السياحي، بفعل هجرتها من لدن سكانها وعزوف السياح عنها، إلاّ أنّ باديس، الهواري، رشيد وغيرهم يجمعون على أنّ خلوة الشريعة ومناظرها الجميلة تجلب إليها دائما ذوي النفوس التواقة للهدوء وراحة النفس والكارهة للضوضاء وكثرة الضجيج.
ويطلق الشيخ سليمان زفرة طويلة تحسرا على زمن كانت فيه الشريعة تعج بالزوار شتاء وصيفا، مثلما كان أهالي المنطقة وهم جميعا من المزارعين يوفرون لهم العسل واللبن الخالصين وكذا ما لذ وطاب من خضر وفواكه جبلية يتم قطفها في يومها.
ويرى الشيخ سليمان أنّ رجوع الأمر إلى ما كان عليه قديما، ليس بالأمر الهين، ولكنه غير مستحيل إذا ما توفرت الإرادة الصادقة من لدن السلطات خصوصا بعدما استرجعت المنطقة أمنها واستقرارها غداة الذي حدث إبان حقبة الاقتتال الدموي.
وبغرض توفير وسائل الراحة والخدمات الضرورية لمليوني ونصف سائح يزورون كل سنة محمية الشريعة، يؤكد مدير الحظيرة quot;علي طواهريةquot; أنّ الفترة القليلة القادمة، ستشهد المزيد من التحسينات، على غرار استغلال الخيول في جولات استكشافية عبر المنطقة.
التعليقات