إيلاف من دبي: تنتشر السلالات المتحورة من فيروس كورونا بسرعة كبيرة، وتحمل تلك الطفرات أو السلالات المتحورة تغيرات تساعد الفيروس على الإفلات من الدفاعات المتمثلة في النظام المناعي، سواء تلك التي تتكون في الجسم بشكل طبيعي أو عن طريق الحصول على اللقاحات، وفقا لما نشره موقع "العربية.نت".
وكشفت دراسة جديدة أجراها علماء في معهد "سكريبس" للأبحاث الأميركي، بالتعاون مع باحثين من ألمانيا وهولندا، حول تفاصيل أساسية تتعلق بكيفية قيام السلالات المتحورة من فيروس كورونا بعمليات الهروب من النظام المناعي.
موقع ارتباط المستقبلات
استخدم فريق العلماء، بقيادة بروفيسور إيان ويلسون، أستاذ علم الأحياء الهيكلية ورئيس قسم البيولوجيا الهيكلية والحاسوبية التكاملية في معهد "سكريبس" للأبحاث، تقنيات البيولوجيا الهيكلية لرسم خريطة عالية الدقة لكيفية ارتباط الفئات المهمة من الأجسام المضادة المعادلة بالسلالة الوبائية الأصلية لفيروس كوفيد-19 وكيف تتعطل مقاومة الجسم بسبب الطفرات الموجودة في المتغيرات الجديدة التي ظهرت في البرازيل والمملكة المتحدة وجنوب إفريقيا والهند.
ويسلط البحث الضوء أيضًا على أن العديد من هذه الطفرات تتجمع فيما يُعرف باسم "موقع ارتباط المستقبلات"، وهي سنبلة بروتين للفيروس، فيما لا تتأثر المواقع الأخرى على مجال ربط المستقبلات.
وقال الباحث المشارك في الدراسة بروفيسور منغ يوان، إن "أحد الآثار الضمنية لهذه الدراسة هو أنه عند تصميم لقاحات الجيل التالي وعلاجات الأجسام المضادة، يجب أن يتم التفكير في زيادة التركيز على المواقع الأخرى للفيروس، والتي تميل إلى عدم التأثر بالطفرات الموجودة في المتغيرات المثيرة للقلق".
وتتضمن الطفرات المتغيرة "المثيرة للقلق" لفيروس سارس-كوف-2 السلالة البريطانية B.1.1.7 والجنوب إفريقية B.1.351 والبرازيلية P.1 ثم السلالة الهندية B.1.617. ويبدو أن بعض هذه السلالات أكثر قدرة على الانتشار والعدوى من سلالة ووهان الأصلية.
وتوصلت بعض الدراسات الحديثة إلى أن استجابات الأجسام المضادة الناتجة عن العدوى الطبيعية للسلالة الأصلية أو عن طريق التطعيم أقل فعالية في تحييد هذه السلالات المتغيرة.
ووجد فريق العلماء أنه من الضروري بشكل ملح أن يتم اكتشاف السبب وراء قدرة السلالات المتغيرة على الانتشار والتسبب في المرض - ربما في بعض الحالات، على الرغم من التطعيم - وكيفية تمكن المتغيرات من الهروب من الكثير من الاستجابة المناعية السابقة في الجسم، ومن بينها استجابة الجسم المضاد.
ثلاث طفرات
ركز فريق العلماء، في الدراسة، بشكل أساسي على 3 طفرات في سنبلة بروتين سارس-كوف-2 وهي K417N وE484K وN501Y، التي تم العثور عليها منفصلة أو مجتمعة في معظم السلالات الرئيسية للفيروس المسبب لمرض كوفيد-19.
وتم العثور على جميع الطفرات في موقع ارتباط مستقبلات سارس-كوف-2، حيث يرتبط الفيروس بالخلايا المضيفة.
واختبر الباحثون الأجسام المضادة التمثيلية من الفئات الرئيسية، التي تستهدف المنطقة العامة داخل وحول موقع ارتباط المستقبلات. واكتشفوا أن العديد من هذه الأجسام المضادة تفقد قدرتها على الارتباط الفعال بالفيروس وتحييده عند وجود الطفرات.
وباستخدام تقنيات التصوير الهيكلي، قام الفريق بعد ذلك بتحديد الجزء ذي الصلة من الفيروس بدقة على المستوى الذرّي لفحص كيفية تأثير الطفرات على المواقع، التي على الرغم من وجود الأجسام المضادة لا يمكن ربط الفيروس وتحييده.
ويقول بروفيسور ويلسون: "يقدم هذا العمل تفسيرًا هيكليًا لسبب عدم فعالية الأجسام المضادة الناتجة عن لقاحات كوفيد-19 أو العدوى الطبيعية بسلالة الجائحة الأصلية ضد هذه المتغيرات المتحورة المثيرة للقلق".
وتشير النتائج إلى أنه في حين أن استجابات الجسم المضاد لموقع ارتباط مستقبلات سارس-كوف-2 يمكن أن تكون فعّالة للغاية في تحييد سلالة ووهان الأصلية، فإن بعض السلالات المتحورة يمكنها الهروب وربما يستلزم الأمر في نهاية المطاف إنتاج لقاحات مُحدّثة.
في الوقت نفسه، تؤكد الدراسة على حقيقة أن الطفرات الفيروسية الرئيسية الثلاثة، والتي يبدو من خلالها أن سارس-كوف-2 عرضة للتطور بطبيعته، لا تغير المواقع المعرضة الأخرى للفيروس خارج موقع ربط المستقبلات.
لم تتأثر
وأظهر الباحثون على وجه التحديد أن الأجسام المضادة المعادلة للفيروسات، التي تستهدف منطقتين أخريين خارج موقع ارتباط المستقبلات، لم تتأثر إلى حد كبير بهذه الطفرات الثلاثة، بمعنى أن اللقاحات التي تستهدف الفيروس سنبلة بروتين (موقع ارتباط المستقبلات) يمكن أن تتغلب عليها طفرات فيروس كورونا.
ويخلص فريق العلماء إلى أن اللقاحات والعلاجات المستندة إلى الأجسام المضادة في المستقبل يمكن أن توفر حماية أوسع ضد سارس-كوف-2 ومتغيراته عن طريق استنباط أو استخدام الأجسام المضادة ضد أجزاء من الفيروس، التي تقع خارج موقع ارتباط المستقبلات.
ولاحظ الباحثون أن الحماية الواسعة ضد المتغيرات ربما تكون ضرورية إذا أصبح الفيروس، كما يبدو مرجحًا، متوطنًا في البشر.
ويواصل فريق العلماء دراسة استجابات الأجسام المضادة البشرية للمتغيرات المثيرة للقلق ويأملون في تحديد استراتيجيات للحماية الواسعة ليس فقط ضد سارس-كوف-2 وسلالاته المتغيرة ولكن أيضًا سارس-كوف-1 وغيره من الفيروسات التاجية والسلالات المتحورة ذات الصلة والناشئة.
التعليقات