كيستارتشا: فقدت فروزينا بالوغ أحد أقاربها العام الماضي بسبب كوفيد-19 عن عمر ناهز 28 عاما، ما دفعها للسفر في انحاء المجر لمساعدة غجر الروما في تلقي اللقاحات في ظل انتشار نظريات مؤامرة حولها في صفوفهم ونسيانهم في حملة التطعيم الرسمية.

تقول الشابة التي تشارك في حملة لمساعدة الفئات الأكثر عزلة لوكالة فرانس برس "نحن لا نحاول إقناعهم، نحن نزودهم المعلومات".

تنكب فروزينا على شرح الإجراءات لعائلة في حيّ فقير من بلدة كيستارتشا الصغيرة في شمال شرق بودابست.

على طاولة في فناء ترابي أمام مبنى متهدم، تملأ أدرين تيجفيل (36 عاما) بشق النفس وثائق تسمح للمنظمة غير الحكومية بإنشاء عنوان بريد إلكتروني وتسجيلها في قاعدة البيانات الرسمية.

تقوم المرأة بذلك لأنها على غرار آخرين ترغب في "أخذ أطفالها لتناول المثلجات".

كما أن التطعيم يسهل عودتها إلى العمل ويمنحها شعورا بالحرية، إذ إن الدولة الواقعة في وسط أوروبا والبالغ عدد سكانها 9,8 ملايين نسمة، وضعت نظام "شهادة صحية" مثل باقي دول القارة.

تلقى حتى الآن نحو خمسة ملايين شخص جرعة لقاح أولى، فالدولة الي يحكمها رئيس الوزراء القومي المتشدد فيكتور أوربان رائدة في هذا المجال، لا سيما لجهة استعمالها لقاحات روسية وصينية على نطاق واسع.

ألغيت القيود الصحيّة تدريجيا، لكن حتى الذهاب إلى العمل يتطلب في بعض الأحياء حمل شهادة التلقيح التي تثبت التحصين.

ورغم أن الدولة تكثّف التطعيم، يأسف جوزف راديكس أحد منظمي مبادرة "لقاحات من أجل الحياة" لتجاهل السلطات الصحية للغجر.

لم تجب الحكومة على تساؤلات وكالة فرانس برس حول وجود خطة لمساعدة هذه الأقلية في الوصول إلى اللقاحات أو دعمها لتجاوز الأثر الاقتصادي لتدابير الإغلاق.

وينتمي نحو 7 بالمئة من السكان إلى غجر الروما، ورغم عدم وجود إحصاءات على أساس إتني يعتبر جوزف راديكس أنهم يعانون من التمييز على خلفية فقرهم والعنصرية التي كثيرا ما يقعون ضحايا لها.

ويقول الناشط "لا أحد يهتم بنا، علينا أن نفعل كلّ شيء بأنفسنا".

يضيف راديكس أن "عدم التواصل عبر الإنترنت يعني التعرض بشكل استثنائي للفيروس" في المجر التي تمثل واحدة من أكثر الدول تضرراً بالوباء عبر تسجيلها 305 وفيات لكل مئة ألف نسمة.

ويعيش كثيرون من الغجر في 1300 حي فقير يقع في ضواحي البلدات، كما هي الحال في كيستارتشا حيث تندر المياه.

جنبا إلى جنب مع فريقه، تمكن راديكس من الوصول إلى 13500 منهم. وفي كل منطقة يمر بها، يحاول العثور على شخصيات محلية قادرة على المساهمة في جهود المساعدة.

لكن في كثير من الأحيان، يصطدم النشطاء بحواجز في العقول، إذ إن المعلومات الخاطئة حول الآثار الجانبية للقاحات ومدى فعاليتها منتشرة تماما مثل الفيروس.

هناك شائعة منتشرة على نطاق واسع في صفوف الغجر، تزعم أن حقنة اللقاح تتسبب بغسل الدماغ ليصير كل من يتلقاه "عبدا" للنظام.

وعلى غرار مناطق أخرى، ثمة أيضا اعتقاد راسخ أن الملياردير الأميركي بيل غيتس ينتهز الفرصة لزرع رقائق إلكترونية في أدمغة الناس.

لمكافحة المعلومات المضللة بشكل أفضل، يستعين النشطاء بمقاطع فيديو جيدة الإخراج.

تنشر المقاطع على مواقع التواصل الاجتماعي، ويشارك فيها مشاهير محترمون بين الغجر مثل بعض مغني الراب الذين يعشقهم الشباب ومغنين شعبيين تحبهنّ الجدات.

ويقول راديكس إن "حملة الحكومة لا تظهر فيها سوى وجوه بيضاء"، لذلك لا يشعر الغجر بأنهم معنيون بها.

ويضيف أنه "بواسطة الأفلام القصيرة، نحاول مكافحة شائعات المناهضين للقاحات الرائجة في أماكن مثل هذه".

تشير فروزينا بالوغ إلى أن "الرغبة في التطعيم تبدو أقوى بكثير" في البلدات التي اختبر فيها السكان الموت.

وتضيف آسفة "تعيش العديد من العائلات التي لديها ثلاثة أو أربعة أطفال في مساكن ضيقة. إذا أصيب شخص ما، لا يمكن عزله ويمرض الجميع".