بومهل (تونس): يتوجه الطبيب هشام إلى منزل في حيّ شعبي بالعاصمة تونس لإجراء فحوصات بالمجان لزوجين مريضين بكوفيد-19، ضمن مبادرة لجمعية تقوم بخدمة طبية منزلية لتفادي الاكتظاظ في المستشفيات.

تستقبل نائلة (28 عاما) الطبيب في بيتها في منطقة بومهل بعدما تعافت من الفيروس إثر مرورها بقسم الطوارئ حيث مدها أطباء بأرقام للتواصل مع جمعية "كوفيدار".

أطلقت جمعية "كوفيدار" (الاسم مؤلف من لمتين كوفيد ودار) في كانون الأول/ديسمبر 2020 بالتعاون مع منظمات خيرية أخرى وتشرف عليها مجموعة من الأطباء وعاملون في قطاع الصحة.

فحوصات مجانية

ويقول الطبيب العام هشام الوادي الذي اتصلت به الجمعية من أجل اجراء فحوصات بالمجان لوكالى فرانس برس "عندما نكون في البيت ننام أفضل ونكون محاطين وبنفسية عالية وبأفضل الظروف الممكنة" للتعافي.

ويعتبر الطبيب (60 عاما) أن المبادرة تمثل "فرصة للمرضى المحتاجين" وهي أيضا بالنسبة له "مساعدة لزملائنا الأطباء في المستشفيات...يجب أن نتعاون".

يتأخر عدد من المرضى في تلقي العلاج بسبب عدم امتلاكهم المال بينما آخرون يتوجهون لأقسام الطوارئ لضمان متابعة صحية عن قرب.

تتكفل "كوفيدار" بالمرضى في المراحل الأولى لظهور الأعراض لتقيم من البداية ما إذا كانت الحالة تستوجب الانتقال إلى المستشفى وكذلك من أجل أن تضمن متابعة طبية يومية تخول التعافي بأقصى سرعة ممكنة من دون مغادرة البيت.

تمثل هذه المبادرة وسيلة فعّالة خصوصا وأن المستشفيات التونسية تشهد اكتظاظا بسبب ارتفاع أعداد المرضى وانتشار الوباء بشكل غير مسبوق في البلاد.

وتقول نائلة "أنا سعيدة لأن زوجي عولج في البيت أمام عيني وتمكنت من الاعتناء به وتابعته لحظة بلحظة".

تكشف "كوفيدار" أن 140 طبيبا وممرضا يقومون بزيارات طبية في مقابل بعض المال الذي تقدمه شركات على شكل هبات كما يعمل نحو 28 طالب طب على استقبال اتصالات المرضى على رقم أخضر طيلة الأسبوع.

تكفلت الجمعية ب2100 مريض 98% منهم "تعافوا بشكل تام من دون الانتقال إلى المستشفى"، حسب ما تؤكد المنسقة سعاد الدزيري كما يتابع فريق الجمعية مرضى بعد خروجهم من المستشفى.

وتبين الدزيري أن فكرة المبادرة طرحها أطباء ومسؤولون في القطاع الصحي اثر الموجة الأولى من الوباء في أيلول/سبتمبر 2020 "لأننا لاجظنا أن كل المستشفيات والمصحات الخاصة مكتظة".

انطلقت الجمعية في العمل في ولاية بن عروس المتاخمة للعاصمة تونس والمنستير (شرق) وهي من أكثر المناطق تضررا آنذاك من الوباء وشيئا فشيئا وسعت الجمعية نشاطها إلى ست ولايات أخرى.

وتقول الدزيري "أصبحنا اليوم مطلوبين في كل البلاد".

إصابات ووفيات

وأحصت تونس حاليا حوالى 500 ألف إصابة و16.380 وفاة في البلاد بسبب الوباء وسجلت أكثر من مئة وفاة يوميا في المدة الأخيرة.

التحقت الطالبة في الطب ساره السويسي (26 عاما) ب"كوفيدار" في كانون الثاني/يناير وتقوم بالاجابة على حوالى 25 اتصالا كمعدل وسط خلال عملها لأربع ساعات يوميا.

وتقول "غالبية الأشخاص هم من أقارب مرضى ويطلبون التكفل بهم" بينما يتصل آخرون لطلب آلات أكسجين أو للاستفسار حول دواء.

تتابع الطالبة السعيدة بعملها كمتطوعة "هناك قلق" خصوصا وأن "الدولة لا تملك وسائل" لمواجهة الوباء.

جمعت "كوفيدار" 350 ألف دينار (حوالى 106 الاف يورو) ولكنها لا تزال في حاجة الى 200 ألف دينار اضافية لتتمكن من مواصلة التكفل بالمرضى خلال شهري تموز/يوليو وآب/أغسطس ولتغطية كل الطلبات من كامل البلاد، حسب الدزيري.

وتؤكد "كوفيدار تعمل ما بوسعها لكن على الدولة أيضا أن تقوم بأقصى ما تستطيع فعله من أجل التطعيم بكثافة والحد من هذه الموجة".