إيلاف من تونس: لم تكد تنتهي أزمة نقص اللقاحات لمواجهة انتشار جائحة كورونا بوصول مساعدات سخية لتونس، حتى ظهرت أزمة نقص تزويد المستشفيات بالأكسجين، الذي تحول جراء ارتفاع عدد المقيمين فيها من مرضى الجائحة إلى العلاج الأساس، الذي يضمن لهم البقاء على قيد الحياة جراء ضيق التنفس الذي يرافق إصابتهم به.

بحسب موقع "إندبندنت عربية"، تناقلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي فيديو عبّر عن واقع ما وصلت إليه الأزمة، حين بكى مدير أحد المستشفيات المحلية في ولاية بنزرت شمال تونس، جراء عجز المستشفى عن تأمين الأكسجين لنحو 30 مريضاً بقسم الإنعاش في المستشفى. مدير المستشفى بكى بحرقة جراء غياب الأكسجين، وتوجه بنداء استغاثة للجميع، داعياً إلى سرعة تأمين بعض الكميات لضمان بقاء المرضى على قيد الحياة.

أزمات متتالية

بعد تفاؤل بإمكانية تجاوز الأزمة وعودة الحياة إلى طبيعتها هذا الصيف، قلب فشل مواجهة انتشار الجائحة الأوضاع، وأعاد الأزمة إلى مرحلة الخطر، وتحول الوضع إلى ما يشبه الكارثة في كل المستويات الصحية، فبعد نقص اللقاحات جاء نقص تزويد بنك الدم باحتياجاته وتراجع عدد المتبرعين، ليضاف إليها في نهاية المطاف النقص الحاد في تزويد المستشفيات بالأكسجين وما ينجر عن ذلك من كوارث.

ووصف مصدق بسباس، مدير شركة خدمات طبية تقوم بالمساعدة في توزيع مكثفات الأكسجين على المرضى في منازلهم ومساعدة المستشفيات، الأوضاع بأنها نتيجة طبيعية لتخلي الدولة عن قطاع استراتيجي ومنحه لشركات أجنبية خاصة تقوم بإنتاجه للاستعمال الصناعي والطبي.

وأضاف بسباس لـ"اندبندنت عربية"، "أن تونس بحسب ما أعلنته وزارة الصحة تحتاج إلى ما يقارب 220 ألف لتر من الأكسجين يومياً، تنتج منها ما يقارب 100 ألف فقط، وبالتالي هناك نقص في حدود 60 في المئة من الاحتياج الحالي له، الذي من المتوقع أن يتصاعد ليصل إلى حدود 300 ألف لتر في الفترة المقبلة". وأشار إلى "أن الأزمة الحالية تسهم الجزائر في المساعدة بحلها، لكن الاحتياجات كبيرة ومتصاعدة" معتبراً "أن الواجب يقتضي البحث عن حلول سريعة عبر استيراد كميات كبيرة منه، بخاصة من مرسيليا جنوب فرنسا، حيث يمكن تحميل عشرات الشاحنات في باخرة تؤمن رحلات من تونس، وبالتالي ضمان التزود بكميات كبيرة تسهم في التخفيف من حجم الأزمة".

لا مبالاة

الإعلامي لطفي العماري قال إن الاستهتار واللا مبالاة أوصلت تونس اليوم لتكون من أكثر دول العالم في عدد الوفيات والإصابات بالفيروس مقارنة بعدد السكان، محملاً الحكومة مسؤولية الفشل الذي تعيشه البلاد في التصدي لهذا الوباء.

وأثارت تدوينة نشرها أشرف العوادي، المسؤول في منظمة "أنا يقظ"، على موقع "فيسبوك" حول مغادرة رئيس الحكومة، هشام المشيشي، تونس العاصمة لقضاء عطلة بأحد الفنادق في مدينة الحمامات الساحلية برفقة عدد من الوزراء، غضباً شعبياً، لكن رئيس الحكومة التحق بمقر وزارة الصحة وشارك في اجتماع لجنة الأزمة في محاولة للجم الانتقادات التي وجهت إليه من المواطنين.

تراشق الاتهامات

وخرج المشيشي بعد الاجتماع المخصص لبحث سبل تأمين ما يكفي المستشفيات من الأكسجين وأعلن جملة من القرارات، منها وضع المستشفيات الخاصة تحت تصرف الحكومة وضرورة تعبئة كل الجهود لتأمينه بأقصى سرعة، محملاً وزير الصحة التونسي فوزي المهدي، المسؤولية في فشل إدارة الأزمة، بخاصة في مستوى إيصال المعلومة للمواطنين.

في المقابل حمل الطبيب، زكريا بوقيرة، رئيس الحكومة المسؤولية الكبرى في تفشي فيروس كورونا وتدهور الوضع الوبائي في البلاد، وانتقد تظاهر الحكومة بادعاء المفاجأة بالأرقام المسجلة هذه الفترة، "في الوقت الذي بالإمكان تنبؤ وتوقع الوضع الوبائي"، وفق قوله. واعتبر بوقيرة أن تونس تعيش "كارثة إنسانية" لا سيما بعد نفاد الأكسجين على عدة مستشفيات في البلاد، واصفاً الوضع الوبائي في الجمهورية بـ"الخطير"، متوقعاً وفاة 80 ألف تونسي بفيروس كورونا بحلول الخريف المقبل.

تدخل الجيش

وكلف رئيس الجمهورية، قيس سعيد، قيادة الجيش بتأمين وصول الأكسجين والمستلزمات الطبية إلى المستشفيات حسب استراتيجية تعتمد تغطية احتياجاتها، وضمان وصولها إلى مستحقيها، ونشرت إدارة الصحة العسكرية على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" معلومات حول تأمين المؤسسة كميات من الأكسجين لصالح عدد من المستشفيات بخاصة في المناطق النائية، وخلق تدخل الجيش، الذي يحظى بحسب العديد من المراقبين بثقة كبيرة في الشارع التونسي، حالة من الارتياح جراء قيامه بالإشراف على تلك المهمة.

وتصاعد الأزمات التي تعيشها تونس وغياب حلول يمكن أن تطمئن المواطنين على حياتهم، خَلَقَ، بحسب درصاف عيادي الناشطة في المجتمع المدني، حالة من انعدام الثقة بالحكومة وقدرتها على إدارة الأزمة، وقالت "لا أحد في تونس يعلم هل سيكتب له أن يحيا غداً لو تعرض لأي طارئ صحي أو أصيب بالفيروس ودخل المستشفى للعلاج، أعان الله الشعب التونسي على مواجهة هذه الأزمات".