إيلاف من بيروت: هل باتت البشرية بالفعل على شفا الهاوية من جراء التغيرات المناخية المثيرة للقلق؟ الجواب ليس في حاجة إلى أدلة أو براهين عقلية، فالعين تغنيك عن أن تطلب الأثر أحياناً كما يقال، ويكفي المرء أن يجيل نظره من الغرب الأميركي، إلى وسط القارة الأوروبية، وصولاً إلى الصين ليدرك كم الأهوال الطبيعية التي تحدق بالبشرية.

وبحسب مقالة نشرها الكاتب والباحث إميل أمين في "إندبندنت عربية"، لعل المثير إلى حد المخيف في تلك النوازل هو تناقضاتها الجذرية، فمن الجفاف الذي يؤدي إلى الحرائق، وصولاً إلى الفيضانات غير المسبوقة، وقبلها الأمطار المغرقة، تبدو البشرية حائرة، وتنطلق صافرات الإنذار محذرة من الهول القائم والقادم، إن لم يسارع الجميع بالعمل سوياً لاستنقاذ الكوكب الأزرق.

يسأل أمين: "هل بلغت الطبيعة حدا من الغضب يجعلها تقسو على الإنسان بهذا الشكل؟ وإن كان ذلك كذلك فما هو الحل لترضيتها، وهي ترضية براغماتية مستنيرة، هدفها الأهم إتاحة الفرصة للبشرية في النمو مرة أخرى قبل أن تقلب لهم ترس المجن؟"

في هذه السطور نحاول أن نقوم بجولة، حكماً ليست جامعة مانعة، للمشهد المناخي، لكن على الأقل تحمل لمحات من الأزمة الإيكولوجية العالمية، والعلاقة المتبادلة بين الإنسانية والهاوية المناخية القريبة جداً، بل أقرب مما نتصور من بشريتنا المعذبة.

تحذير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية

كان العام الماضي 2020 مخيفاً من ناحية ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية، وقد زاد المشهد سوءاً، تفشي فيروس "كوفيد-19" المستجد.

من هذا المنطلق جاء إصدار تقرير حالة المناخ العالمي عن المنظمة الدولية للأرصاد الجوية، والتي أشارت إلى أن الكرة الأرضية قد ارتفعت درجة حرارتها بمقدار 1.2 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل الثورة الصناعية.

لماذا شعر الجميع بخوف شديد من هذا الرقم؟

باختصار غير مخل، لأنه قريب بشكل خطير من حد 1.5 درجة مئوية، ذاك الذي دعا العلماء إلى عدم تخطيه من أجل درء أسوأ آثار تغير للمناخ.

بحسب أمين، التقرير عينه يوضح كيف أن تركيزات غازات الدفيئة الرئيسية استمرت في الزيادة خلال عامي 2019 و2020، فيما تجاوز المتوسط العالمي لتركيزات ثاني أكسيد الكربون بالفعل 410 أجزاء في المليون، في ظل إنذار آخر وهو أنه إذا استمر النمط نفسه في السنوات المقبلة، فقد تصل أو تتجاوز تركيزات ثاني أكسيد الكربون 414 جزءاً في المليون هذا العام.

الهاوية المناخية

في مايو (أيار) الماضي ارتفع صوت الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش، محذراً من المشهد المناخي الأممي الحالي، ومشيراً إلى أنه يتعين على جميع الدول الالتزام بخفض الانبعاثات الكربونية إلى درجة صفر بحلول عام 2050 إذا أراد العالم أن يتجنب ارتفاع كارثي في درجة الحرارة بمقدار 2.4 درجة مئوية بحلول نهاية القرن.

وبحسب الأمين العام، فإنه بحلول عام 2030 يجب أن تقل الانبعاثات العالمية بنسبة 45 في المئة مقارنة بمستويات عام 2010 للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، هذه هي الطريقة التي نحافظ بها على هدف 1.5 درجة.

لاحقاً وبعد شهرين، أي في يوليو (تموز) المنصرم، وفي أعقاب قمة السبع الكبار في بريطانيا، بدا غوتيريش أقل تفاؤلاً بكثير من حدوث أي تغيرات حقيقية في هذا المجال، إذ صرح بأن العالم يحتاج بشكل عاجل إلى التزام واضح لا لبس فيه بتحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ، وبخاصة من دول مجموعة العشرين، كما يقول أمين في "إندبندنت عربية".

غوتيريش بالتصريح لا بالتلميح أكد فشل المجموعة في الاتفاق على صياغة الالتزامات الرئيسية المتعلقة بتغير المناخ خلال اجتماعها الوزاري حول البيئة والمناخ والطاقة.

تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، توضح بغير أدنى شك حالة الفشل الذريع التي لفت ولا تزال مواقف الكبار من مسألة التغير المناخي، فبينما العلماء لديهم أدوات القياس التي تقرع أجراس الخطر للفترة الزمنية المقبلة، من 2030 إلى 2050، وصولاً إلى 2100، نرى السياسيين يتلاعبون ويميلون إلى التركيز على الأمور بعيدة المدى ولكن لأسباب تقف على طرف النقيض من أسباب العلماء، حيث يمكنهم تسليط الضوء على الأمور المشكوك فيها في التفاصيل والتحدث عن اتخاذ الإجراءات المناسبة، من دون الحاجة إلى تنفيذ أي منها.

ماذا عن الإجراءات التي يطالب بها الأمين العام للأمم المتحدة؟

في مقدمها وقف إنتاج الفحم، والإلغاء التدريجي لدعم الوقود الأحفوري، ناهيك عن تقديم حزمة موثوقة من المساندات للبلدان النامية، لمكافحة التغير المناخي، والتحول إلى الطاقة النظيفة والمتجددة.

غير أن وعد الـ 100 مليار دولار والتي كان من المتوجب أن تضحى الآن في صناديق وموازنات الدول الفقيرة، لم ينفذ منه شيء، ورأى العالم في بريطانيا أن وعود الكبار قد تبخرت، حتى الولايات المتحدة الأميركية، تهربت من الإيفاء بوعودها.

ومع بقاء أقل من 100 يوم على انعقاد مؤتمر الأطراف "كوب 26" للمناخ، والذي سيعقد في غلاسكو في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، يتساءل المراقبون: هل هناك أي بوادر أمل بشأن تعهد القادة بالالتزام بصافي انبعاثات صفرية بحلول منتصف القرن، وتقديم خطط مناخية وطنية أكثر طموحاً لعام 2030؟

الجواب لا علاقة له بحالة التفاؤل أو أعراض التشاؤم، لكن يكفي أن نتوقف عند اجتماع وزراء مجموعة العشرين الأخير في إيطاليا بين 23 و25 يوليو (تموز) الماضي، وهناك لم يتمكنوا من الاتفاق على صيغة مشتركة بشأن قضيتين مختلف عليهما تتعلقان بالتخلص التدريجي من الفحم، وتحقيق أهداف اتفاقية باريس.

ويشار هنا إلى أن هاتين القضيتين سوف تتم مناقشتهما في قمة مجموعة العشرين في روما في أكتوبر المقبل، قبل يوم واحد فقط من بدء مؤتمر غلاسكو، والتساؤل: هل سينجح هؤلاء في أربع وعشرين ساعة، في إدراك ما أخفقوا في التوصل إليه خلال شهور؟

من يضع بين أيدي الكبار المخاطر الكارثية التي لن تبقي على غني أو فقير حول الكرة الأرضية عساهم يسارعون إلى الخلاص؟

مدن الكربون والاحترار العالمي المتصاعد

يسأل أمين: "من هو المسؤول الأول عن ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية على النحو الذي نراه؟"

يبدو الجواب واضحاً من خلال دراسة علمية قيمة وموثوقة نشرتها أخيراً دورية "فرونتيرز إن ساستينابل سيتيز"، والتي أشارت إلى أن 25 مدينة من كبريات المدن العالمية، هي المسؤولة عن 52 في المئة من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة في المناطق الحضرية.

الدراسة تقودنا إلى مقاربات مثيرة للانتباه وهي أن المدن في أوروبا وأستراليا والولايات المتحدة سجلت نسبة انبعاثات للفرد أعلى بكثير من نظيرتها في مدن المناطق النامية، وأن قطاعي الطاقة الساكنة والنقل يعدان أكبر مصدرين رئيسيين لانبعاثات غازات الدفيئة.

الدراسة المتقدمة تقودنا إلى جزئية استخدام الفحم في الصناعات المختلفة، والفحم أو الكربون، ليس حكراً على الصين فقط، وإن كانت في واقع الحال تعد أكثر دول العالم استخداماً له، فالأمر ينسحب كذلك على الولايات المتحدة الأميركية، وهناك لوبي ضخم للفحم، كان يتزعمه ذات مرة رئيس الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، ومرد ذلك هو التبرعات الهائلة التي تقدمها تلك الشركات إلى السياسيين، ما يدعم حملاتهم الانتخابية.

أما بالنسبة للصين والهند وغيرهما من مدن الفحم، فيمكن القول إن جميعها تضع علامات استفهام في طريق التزامها بتخفيض استخدام الكربون، الأمر الذي يؤثر في مستويات الحياة لديها، بحسب أمين في "إندبندنت عربية".

هل الدول الأوروبية والولايات المتحدة بريئة كل البراءة من الاتهامات الموجهة إلى الصين، بشأن دورها المعروف في تلويث المناخ العالمي من جهة، وزيادة درجات حرارة الأرض من ناحية أخرى؟

بالقطع هي ليست كذلك، ذلك أن الكثير منها تعمد إلى نقل الكثير من خطوط إنتاجها، أو ما يعرف بسلاسل الإنتاج، وذلك بهدف الاستفادة من التكاليف المنخفضة، وأسعار اليد العاملة الأقل كثيراً عن نظيرتها في الدول الرأسمالية، ما يعني مباشرة زيادة مستويات الانبعاثات المرتبطة بالنسبة للصين.

هل تقسيم العالم مناطقياً يمكن أن يفيد في معالجة ظاهرة الاحتباس الحراري؟

مؤكد أن ذلك كذلك، فالتقسيم على هذا الأساس يعطي فكرة عن المدن التي يجب أن تحظى بالأولوية لتقليل الانبعاثات الناتجة من المباني والنقل والعمليات الصناعية وغيرها من المصادر.

ولعله من المخيف أيضاً معرفة أن المدن الكبرى وحتى التي لا تشمل أنشطتها انبعاثات أحفورية، تسهم بصورة ما في زيادة معدلات الاحتباس الحراري، فاستخدامات الكهرباء في المباني السكنية والمؤسسية والمنشآت التجارية والصناعية، تسهم بما يتراوح بين 60 و80 في المئة من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة في مدن أميركا الشمالية وأوروبا.

الأقطاب الجليدية وكارثة منسوب المحيطات

ولعل ملمح آخر من ملامح الهاوية المناخية، يتمثل في العلاقة المتبادلة بين ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية من ناحية، وما يجري في الأقطاب الجليدية الجنوبية والشمالية من جهة ثانية.

في التقرير الصادر العام الماضي عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، نقرأ كيف أنه منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، ارتفعت درجات حرارة سطح الهواء في القطب الشمالي بمعدل ضعف السرعة على الأقل مقارنة بالمتوسط العالمي، مع تداعيات كبيرة محتملة، ليس فقط على النظم البيئية في القطب الشمالي، ولكن أيضاً على المناخ العالمي، مثل ذوبان الجليد الدائم، وإطلاق غاز الميثان، وهو أحد غازات الدفيئة القوية في الغلاف الجوي.

إضافة إلى ذلك، لوحظ انخفاض مستوى الجليد البحري في القطب الشمالي بشكل قياسي في شهري يوليو وأكتوبر 2020، بينما فقد الغطاء الجليدي في غرينلاند حوالى 152 غيغا طن من الجليد بين سبتمبر وأغسطس 2020.

ما الذي تعنيه تلك البيانات؟

من غير تطويل ممل، سوف ترتفع نسبة المياه في البحار والمحيطات حول الكرة الأرضية، الأمر الذي سيتسبب في اتساع ظاهرة النحر، بمعنى أن المياه تزحف على اليابسة، ويتوقع العلماء في هذا الشأن اختفاء الكثير من المدن الساحلية في قارات الأرض الست.

ومع زيادة ارتفاع معدلات البحار والمحيطات، سوف تزداد من غير أدنى شك نسبة بخار الماء المتصاعد إلى طبقات الجو العليا، ما سينعكس لاحقاً على الأرض مرة جديدة في صورة أمطار، لا تلبث أن تتحول إلى فيضانات وسيول جارفة، والعينة قد رآها العالم أخيراً في ألمانيا وبلجيكا، وفي الصين التي انهارت سدودها، مخلفة وراءها قدراً كارثياً من الخسائر في البشر والحجر على حد سواء.، وفقًا لـ "إندبندنت عربية".

وعطفاً على ما تقدم فإنه في مارس الماضي قال خبراء الأرصاد الجوية التابعون للأمم المتحدة، إن تغير المناخ أثر في المحيطات بشدة، ودعوا إلى تكثيف المراقبة المنقذة للحياة، وإعادة تشغيل خدمات الإنذار المبكر التي توقفت بسبب جائحة "كوفيد -19"، لحماية المجتمعات الساحلية المعرضة للخطر.

ولعله من البديهي القول إن ارتفاع درجات حرارة المحيطات قد ساعد في هبوب عدد قياسي من الأعاصير الموسمية في المحيط الأطلسي، وزيادة شدة الأعاصير المدارية في المحيط الهندي والمحيط الهادئ الجنوبي خلال العام الماضي.

التغير المناخي... الاقتصاد الأزرق في خطر

من بين المصطلحات والمفاهيم الجديدة التي نستمع إليها للمرة الأولى وسط أزمة التغير المناخي، يجيء الكلام عن ما يعرف بالاقتصاد الأزرق والمرتبط بالمدن الساحلية.

هنا يقول البروفيسور، بيتيري تالاس، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة لشؤون المناخ، أنه نظراً لأن أكثر من 40 في المئة من سكان العالم يعيشون في حدود 100 كيلومتر من الساحل، فأنه ثمة حاجة ملحة لحماية المجتمعات المحلية من الأخطار الساحلية، من قبيل الأمواج والعواصف وارتفاع مستوى سطح البحر، من خلال تحسين نظم الإنذار المبكر بالأخطار المتعددة والتنبؤات.

على أن المشهد لا يتوقف عند هذا الحد، فوفقاً للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فإن الاقتصاد الأزرق، أي ذاك المتعلق بالمياه والصيد وبقية الأنشطة المشابهة، والذي تقدر قيمته بمبلغ يصل إلى 6 تريليونات دولار كل عام، ويمثل أكثر من ثلاثة أرباع التجارة العالمية، ويوفر سبل العيش لأكثر من 6 مليارات نسمة، سيتعرض للخطر.

هذا الاقتصاد سوف يضحى في مهب الريح، إذ تشير المنظمة إلى أنه كل عام تضيع في البحار سلع قيمتها ملايين الدولارات، وتزهق أرواح المئات من البشر جراء أوضاع الطقس المتطرف، مثل الرياح العاتية والأمواج الكبيرة والضباب والعواصف الرعدية والجليد البحري والرذاذ البحري المتجمد.

وتصنف المنظمة المحيطات بأنها "منظم الحرارة على سطح الأرض"، فهي تمتص جزءاً كبيراً من إشعاع الشمس وتحوله، وتمد الغلاف الجوي بالحرارة وبخار الماء.

وعلى الرغم من أن تيارات المحيطات الأفقية والرأسية الهائلة تعمل على تشكيل هذه الحرارة ودورانها حول العالم، إلا أن التوازن الطبيعي بين المحيطات والغلاف الجوي يزداد اضطراباً جراء الأنشطة البشرية.

والمعروف علمياً أن المحيطات تمتص أكثر من 90 في المئة من الحرارة الزائدة التي تحتجزها غازات الاحتباس الحراري، وتحمينا من زيادات أكبر حتى مما نشهده الآن في درجات الحرارة نتيجة لتغير المناخ، لكن لهذه العملية كلفة باهظة، لأن احترار المحيطات والتغيرات في كيمياء المحيطات يتسبب بالفعل في اضطراب النظم الإيكولوجية البحرية، ويضر بالناس الذين يعتمدون عليها...

هل يعني ذلك أن زيادة الحرارة قدر منقوش على حجر؟

الأرض... حر لا يطاق خلال عقود مقبلة

وفقًا لإميل أمين، يخشى المرء من أن يكون الجواب هو نعم، لا سيما أن قراءات علمية متعددة ومتنوعة تقطع بأن ثلث سكان الأرض سيعيش في ظروف مناخية مماثلة لمناخ الصحراء حالياً، وسيكون سكان البلدان الفقيرة من أكثر المتضررين.

إحدى المجلات العلمية الرائدة PNAS تشير إلى أن مناخ الكرة الأرضية على مدى مليارات السنين كان تاريخها متقلباً جداً، فكانت هناك فترات غطت طبقات الجليد مناطق إلى خط الاستواء، وفترات أخرى نمت في القارة القطبية الجنوبية غابات مطيرة، واليوم توجد على الأرض مناطق مناخية مختلفة من الغابات الاستوائية إلى صحاري القطب الشمالي، ولكن أي درجات حرارة تعتبر مثالية للإنسان العاقل الذي ظهر أخيراً وفقاً للمعايير الجيولوجية؟

وفقاً لحسابات الباحثين، فقد عاش غالبية البشر خلال ستة آلاف سنة الأخيرة في ظل درجات حرارة 11-15 درجة مئوية، وعاشت نسبة ضئيلة من البشر في مناطق أكثر برودة أو حرارة.

هل من مقارنة بين تلك الأرقام وما تم رصده في الأسابيع والأشهر الأخيرة؟

خذ إليك عينات من أحاديث درجات الحرارة، فعلى سبيل المثال قال معهد الأرصاد الجوية الفنلندي إن فنلندا سجلت أحر شهر يونيو على الإطلاق، كما سجل جنوب فنلندا 27 يوماً متتالياً مع درجات حرارة أعلى من 25 درجة مئوية، ووفقاً لدرجات الحرارة المتجمدة عادة في فنلندا فإن هذا يعتبر موجة حارة.

في التوقيت نفسه، تعرضت كندا والولايات المتحدة لموجة حر وتحطيم الأرقام القياسية في درجات الحرارة في ولايتي نيفادا ويوتا.

هل سيشهد شهر أغسطس الحالي موجة حرة تتساوق مع ما تم تسجيله في الغرب الأميركي العام الماضي؟

في الغالب سيكون ذلك كذلك، والمعروف أن درجة الحرارة وقتها قد بلغت في وادي الموت في كاليفورنيا نحو 54.4 درجة مئوية، وهو أعلى رقم قياسي في درجات الحرارة في العالم، والمخيف أن خبراء الأرصاد الجوية، أشاروا إلى أنه في التاسع من يوليو الماضي قد تم تسجيل الدرجة نفسها.

ماذا عن المستقبل؟

ما هي الارتدادات المتوقعة على البشر وكافة الكائنات الحية؟

في المستقبل المنظور ووفقاً لحسابات الخبراء، قد يتغير كل شيء، وهناك من بين علماء المناخ من يتحدث عن درجة حرارة تصل إلى سبعين درجة مئوية في بعض مناطق العالم بحلول عام 2070، وبخاصة إذا استمر تدهور الأوضاع المناخية على هذا النحو ومع مثل تلك الدرجات سيعيش نحو 3.5 مليار نسمة في مناطق حرارية جهنمية، ومن الطبيعي القطع بأن هؤلاء لن يقدروا على ذلك، ومن هنا ستكون الهجرات غير الشرعية هي الطريق الوحيد أمامهم، ما يعني حالة من الاضطراب الديموغرافي، والحروب العسكرية، والفوضى العالمية، كما يقول أمين في مقالته بـ "إندبندنت عربية".

ولعله من النتائج المرعبة للاحترار العالمي، تقليل القدرة الجسدية للبشر على العمل، وفقدان مناطق كثيرة في جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء وأجزاء من أميركا الوسطى والجنوبية ما يصل إلى 250 يوم عمل بحلول عام 2100.

عطفاً على ذلك سيتعرض 1.7 مليار شخص إضافي للحرارة الشديدة، كما سيكون 420 مليون شخص إضافي عرضة لموجات حر شديدة، إذا ارتفعت درجة حرارة الكوكب بمقدار درجتين مئويتين مقارنة بـ 1.5 درجة، وهو الهدف المنصوص عليه في اتفاق باريس.

وفي الخلاصة، فإن ما تقدم هو غيض من فيض، يفيد بأن الهاوية المناخية باتت قضية البشرية، وعليه فإن الآمال معلقة على قمة غلاسكو المقبلة، عسى أن يفكر قادة العالم برؤية إنسانية لا سياسية، من أجل صالح الجنس البشري، وهناك من غير أدنى شك العديد من الطرق لملاقاة الخطر المقبل.