لوزان (سويسرا): تواجه مدينة لوزان، عاصمة الرياضات الأولمبية على ضفاف بحيرة ليمان، مشكلة غير مسبوقة في سويسرا تتمثل بتلوث بمركبات الديوكسين الناجم عن المخلفات الملوثة لمحرقة نفايات منزلية قديمة في رابع كبرى مدن البلاد.

لكن التلوث بهذه المادة الكيميائية الشديدة السميّة عند تراكمها، والتي اشتُهرت خلال حرب فيتنام وكارثة سيفيزو الصناعية في إيطاليا عام 1976، اكتُشف بالصدفة مطلع العام الحالي.

وتوضح المستشارة لشؤون البيئة في بلدية لوزان ناتاشا ليتزيستورف لوكالة فرانس برس "نظرا لأننا لم نبحث عن الديوكسينات، لم نعثر عليها"، إذ تركزت عمليات القياس على تحديد مستويات تلوث الهواء والماء

كشفت السلطات هذا الأسبوع أن التلوث أكثر خطورة وانتشارا مما كان يُعتقد سابقا.


(خرائط للمنطقة الملوثة بالديوكسين في وسط لوزان، سويسرا. 15 تشرين الأول/أكتوبر 2021)


المنطقة المتضررة

وتوضح خارطة للمدينة كامل المنطقة المتضررة التي يبلغ طولها أكثر من خمسة كيلومترات بدءا من شواطئ بحيرة جنيف باتجاه الشمال الشرقي للمدينة وبعرض 3,6 كيلومترات.

وتغطي المنطقة ذات التركيز الأعلى (أكثر من 200 نانوغرام لكل كيلوغرام) مرتفعات لوزان، حول إحدى رئاتها الخضراء وهي غابة سوفابولان، وكذلك حول كاتدرائية المدينة. وسُجل مستوى أقصى بلغ 640 نانوغراما في وسط المدينة.

ووُضعت لافتات تحذيرية على الملاعب والحدائق العامة في المدينة. وتدعو توصيات السلطات أهل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 4 سنوات إلى منعهم من وضع أيديهم في أفواههم إذا كانوا قد لعبوا على الأرض.

كذلك يُنصح بغسل الفاكهة والخضروات المزروعة في الحدائق وغسل اليدين.

وتٌفرض توصيات أكثر تشددا في المناطق التي يكون فيها المعدل أكبر من 100 نانوغرام لكل كيلوغرام.

ولأن الديوكسين يتركز بشكل كبير في أنسجة الحيوانات، من المستحسن عدم أكل الدجاج الذي تتم تربيته هناك أو بيع بيضه.

ويجب تقشير جذور الخضروات، كما يُصنف الخيار والكوسا واليقطين غير صالحة للاستهلاك.

وقد تم التعرف سريعا على المسؤول عن هذا الوضع: معمل لحرق النفايات في وسط المدينة بقي في الخدمة بين عامي 1958 و2005.

وتوضح ليتزيستورف "في ذلك الوقت، اعتقدنا أنه من الأفضل بكثير تحديد مواقع المحارق في وسط المدينة للحفاظ على الزراعة في الريف".

وبين عامي 1958 و1982، عندما تم تشغيل مراشح المحرقة وفق المعايير المرجعية، كانت المحرقة تنفث الديوكسين في محيطها.


أسئلة حول سلامة المواد الغذائية

ويقول ديدييه بورغي الذي يملك بستانا، إن هذه القضية أثارت الكثير من الأسئلة بين الأشخاص الذين كانوا يزرعون خضرواتهم منذ سنوات.

ويوضح "لن نأكل اليقطين هذا العام. ليس لدينا الكثير منه، لكن هناك معلومات محددة حوله ولن نلاعب القدر".

وفي الحدائق العائلية في شاتلار، يُسجل معدل تلوث أقل من 20 نانوغراما، كما أن خوسيه توريس الذي يزرع قطعة أرض هناك، لا ينوي الاستسلام.

ويقول "في المنزل، أعرف ما آكل"، بينما "كل ما نشتريه مليء بالمواد الكيميائية".

وتظهر جاكلين فيلدر التصميم عينه وهي تعمل في أرضها حيث تزرع الفاصوليا والسبانخ والجزر، تحت شمس الظهيرة في تشرين الأول/أكتوبر.

وتشرح قائلة " أقوم بأعمال البستنة هنا منذ 15 عاما. الناس خائفون جدا من كل شيء الآن"، مضيفة "أنا فلاحة، لذا فأنا أعتمد على الطبيعة بدرجة كبيرة. الأرض أمنا. فلنحترمها!".

تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن تعرض البشر لفترة وجيزة لتركيزات عالية من الديوكسينات يمكن أن يتسبب في تلف الجلد ويضعف وظائف الكبد.

ويؤدي التعرض طويل الأمد إلى تدهور جهاز المناعة وتطور الجهاز العصبي ونظام الغدد الصماء والوظائف التناسلية.

ولدى الحيوانات، يؤدي التعرض المزمن للديوكسينات إلى أنواع عدة من السرطان.

وتوضح ليتزيستورف أنه على حد علمها لم يبلغ أحد حتى الآن عن أي مشاكل صحية قد تكون مرتبطة بالتلوث المكتشف حديثاً.

ويبقى السؤال معرفة ما يجب القيام به الآن.

هل من الممكن تنظيف الأرضية على مثل هذا السطح؟ "هذا هو السؤال الذي يسأله الجميع لأنفسهم"، بحسب العضو البلدي، "لكن أيضا من سيهتم بذلك وعلى نفقة من؟".