إيلاف من بيروت: لا شك في أن الوعي الصحي اليوم قد زاد، خصوصًا مع مواكبة التكنولوجيا الحديثة وما أنتجته من تطبيقات وأدوات، تخدم في مراقبة الصحة الجسدية، ومنها ما هو مخصص لتتبُّع مستوى السكر في الدم، والذي، بحسب تقرير نشرته مجلة How To Spend It Arabic، يعد التقنية الأحدث للاختراق البيولوجي في الصناعة الرائدة المتخصصة بمراقبة الصحة الجسدية.

إبرة مجهرية

يقول التقرير إن الوحيد الذي يراقب مستوى السكر في دمه هو المصاب بداء السكّري، فيما لا يتنبه الآخرون إلى هذه المسألة. وثمة شركات تتبارى في تطويع التقنيات الحديثة لإنتاج أجهزة ترصد مستوى السكر الدموي بصورة مستمرة وفي وقتها الحقيقي، تستخدم إبرة مجهرية تُركَّب في الجزء العلوي من الذراع بلا ألم. وهذا التتبّع لمستويات السكر الدموي يتحول يومًا بعد يوم مقياسًا جديدًا "لتوجيه التغييرات في أنظمتنا الغذائية، كي نحقق، بحسب الوعود، أكبر درجة ممكنة من اللياقة البدنية والطاقة"، بحسب التقرير.

ويكشف التقرير أن من الشركات الناشئة العاملة في هذا المجال شركتا "لفلز" (Levels) و"جانيواري آي أي" (January AI) في سان فرانسيسكو، وشركة "نوتريسانس" (NutriSense) في شيكاغو، وشركة "سوبرسابيانس" (Supersapiens) في أتلانتا، وشركة "فيري" (Veri) في فنلندا، وهدفها نشر التوعية عن السكر الدموي بين جمهور أوسع.

وينقل التقرير عن الرئيسة التنفيذية في شركة "جانيواري آي أي" نوشين هاشمي أن الهدف الذي تسعى إليه شركتها هو "مساعدة الأشخاص كي يكونوا على دراية بما يحدث في أجسادهم، تمامًا مثلما تضعون خاتم "أورا" لمراقبة نومكم أو ترتدون ساعة "أبل واتش" لتتبّع نشاطكم". وهي تضيف: "إننا نرى أن ثمة إمكانية لمراقبة الحالة الصحية لجميع الناس بصورة مستمرة"، علمًا أن التقديرات في المملكة المتحدة تشير إلى أن 13 في المئة من الأشخاص يمرون بمرحلة ما قبل الإصابة بالسكّري، أو لم يشخّص مرض السكّري عندهم، فيما ترتفع هذه النسبة في الولايات المتحدة إلى 37 في المئة.

اعتلال مجتمعي
ويضيف التقرير أن دراسة أجريت في عام 2018 خلصت إلى أن 12 في المئة فقط من البالغين الأميركيين يتمتعون بعملية أيض مثالية. وهو ينقل عن الدكتور آرون نينشتاين، الطبيب الاختصاصي في الغدد الصماء في جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو قوله إن "المجتمع يعاني اعتلالًا شديدًا في عملية الأيض، بسبب الأطعمة التي نتناولها، ومستويات الإجهاد، ونقص النوم. لسوء الحظ، أمراض الأيض وداء السكري من النوع الثاني شائعة جدًا وتنتشر بصورة متزايدة".

إن الأدوات التي طوّرتها هذه الشركات الناشئة، بحسب التقرير، تتيح تجنّب الإصابة بالسكّري من النوع الثاني، وبغيره من أمراض الأيض، ومنها أمراض القلب والبدانة، إضافةً إلى توفيرها مزايا يومية أخرى كتفعيل الأداء الجسدي إلى الحد الأقصى، والتخلص من خمول فترة العصر.

لكن هذه التقديمات باهظة الكلفة، إذ تتراوح، بحسب التقرير، بين 288 دولارًا هو ثمن الجهاز الذي تقدمه شركة "جانيواري آي أي"، وبين 399 دولارًا مقابل الخدمة الكاملة التي تقدمها شركة "لفلز"، فيما تصل قيمة العرض المتكامل لثلاثة أشهر من شركة "سوبرسابيانس" إلى 450 يورو.

مخاوف أخرى
تتولى هذه الأجهزة تحليل بيانات مستويات السكر الدموي التي تجمعها خلال أسابيع، واقتراح تغييرات قابلة للتطبيق مكيَّفة بحسب احتياجات كل شخص: الأطعمة المسموح بها والممنوعة، والأوقات الملائمة لممارسة الرياضة. وينقل التقرير عن جوش كليمنت، مؤسّس شركة "لفلز"، قوله: "ثمة فرصة هائلة سانحة لمساعدة الأشخاص كي يفهموا أي أطعمة يجب أن يتناولوها ولماذا".

لكن الأطباء ليسوا واثقين تمامًا بحسب التقرير من أن تتبُّع مستويات السكر في الدم يؤدّي إلى تحسين حالة الإنسان الصحية، ويردون ذلك إلى شح المعلومات المتوافرة عن مستويات السكر الدموي في الأشخاص غير المصابين بالسكّري. وتبدي الدكتورة شيفاني ميسرا، المستشارة في طب الأيض في أحد المستشفيات التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية في لندن، قلقها. فبرأيها، في حال تتبّع شخصٌ مستويات السكر في دمه على مدار الساعة، "قد تساوره المخاوف بشأن مؤشرات أخرى في جسده علمًا أنها تكون، في الواقع، ضمن المعدلات الطبيعية".

وبحسب التقرير، أكّدت دراسة إسرائيلية أجريت في عام 2015 أن تفاعل مستوى السكر في الدم يختلف بين الأصحاء وأولئك الذين يمرون بمرحلة ما قبل السكّري، إذ سجّلت مستويات السكر لدى أحد الأشخاص ارتفاعًا بعد تناوله قطعة كعك صغيرة، فيما بقيت مستقرة بعد تناوله موزة، وحصلت ردة فعل معاكسة لدى شخص آخر بعد تناوله الكعك والموز. ويستنتج الدكتور سنيل كوليواد، رئيس قسم طب الغدد الصماء والأيض في جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو، من ذلك أنه في حال أتيحت لأي كان القدرة على الوصول إلى معلومات عن مستويات السكر في الدم في الزمن الحقيقي، يمكنه أن يختبر أنظمة غذائية عدة وأن يحدد المسار الملائم له.

وينقل التقرير عن نينشتاين قوله: "حين يستخدم الأشخاص أجهزة الرصد المستمر لمستوى السكر الدموي، يتعلمون الخيارات الغذائية ويمارسون التمارين الرياضية بطريقة تمنحهم شعورًا مختلفًا مقارنة بتبادل أحاديث عن العموميات، فعيونهم تُشعّ حين يرون كيف تتبدّل بياناتهم على جهاز الرصد".


أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع How To Spend It Arabic