واشنطن: فيما تتسابق الولايات الاميركية المحافِظة على حظر الإجهاض بعد قرار للمحكمة العليا على المستوى الفدرالي جرّد الأميركيات مما كان حقاً لهنّ، بدأت المعركة ضد الإنهاء الطوعي للحمل تتركز على مسألة أخرى هي إتاحة حبوب الإجهاض للنساء.
وستركز إدارة الرئيس جو بايدن التي تملك وسائل محدودة في هذا الشأن، على النطاق الواسع الذي تُتاح ضمنه هذه الحبوب للنساء اللواتي يعشن في ولايات يُحظر فيها الإجهاض أو يخضع لشروط مشددة. لكن يُرجح أن يلجأ بعض من هذه الولايات إلى جانب عدد من المجموعات المحافظة القوية إلى القضاء للسعي إلى حظر استخدامها.
وبعد إعلان المحكمة العليا قرارها الجمعة، طلب الرئيس الديمقراطي من المسؤولين في المجال الصحي أن يتأكدوا من إتاحة حبوب الإجهاض للأميركيات، مشدداً على أنه سيقوم بـ"كل ما في وسعه" لحماية حقوق النساء في الولايات المتضررة من قرار المحكمة.
وتحصل نصف عمليات الإجهاض في الولايات المتحدة بواسطة الحبوب التي يجيز هذا البلد استخدامها خلال الأسابيع العشرة الأولى من الحمل.
ومن المتوقع أن يرتفع الطلب عليها بعدما قامت نحو عشر ولايات بحظر الإجهاض أو فرض قيود صارمة على ممارسته، فيما يُنتظر أن تحذو حذوها الولايات الأخرى.
وتعتبر ريبيكا غومبيرتس، وهي طبيبة هولندية توفر منظمتها حبوب الإجهاض عبر الإنترنت، انّ الوضع ليس ميئوساً منه كما كان قبل الحكم التاريخي في قضية "رو ضد وايد" الصادر في كانون الثاني/يناير 1973 والذي اعتبر أنّ حق النساء في الإجهاض مكرّس في الدستور الاميركي.
وبينما تشير غومبيرتس لوكالة فرانس برس إلى أنّ "وضع حدّ لانتشار حبوب الإجهاض خطوة غير ممكنة"، يعتبر عدد كبير من المدافعين عن حق الإجهاض أنّ ضمان إتاحة هذه الحبوب للنساء بعيد المنال.
وفيما أجازت إدارة الأغذية والعقاقير (إف دي إيه) الأميركية استخدام هذه الحبوب منذ نحو عشرين سنة، وافقت السنة الفائتة على إمكانية إرسالها عبر البريد.
لكنّ استخدام حبوب الإجهاض في الولايات المناهضة له يتسم بغموض قانوني ويُشكل موضوع دعاوى قضائية.
وشددت حاكمة ولاية ساوث داكوتا كريستي نويم في تصريح أدلت به الأحد، على أنّ عمليات التي أجريت بواسطة التطبيب مِن بُعد للإجهاض بالحبوب، تمثل "تدخلاً طبياً شديد الخطورة"، بينما ينبغي أن تُجرى تحت إشراف طبي مباشر فقط.
ويشير معهد "غوتماشر"، وهو مركز أبحاث يعمل على جعل وسائل منع الحمل والإجهاض متاحة للنساء في مختلف أنحاء العالم، إلى ان 19 ولاية أميركية تفرض ضرورة أن يتولى أحد العاملين الصحيين وصف حبوب الإجهاض للنساء وتمنع تالياً إرسالها عبر البريد.
وتُمنع النساء في الولايات التي تحظر الإجهاض بجميع وسائله، من اللجوء إلى أطباء يقيمون في ولايات أخرى أو تلقي استشارة يوفرها لهنّ من بُعد أحد الأطباء خارج الولايات المتحدة.
وفي هذه الحالة، يتعيّن على المرأة السفر إلى ولاية أخرى تتيح معاينات طبية مماثلة وتتلقى تالياً حبوب الإجهاض على عنوان خارج ولايتها.
لكنّ العوائق التي تواجه هؤلاء لا تتوقف عند هذا الحد. فعملية الإجهاض بواسطة الحبوب تحصل على مرحلتين، يتعين على المرأة بدايةً أن تأخذ الميفيبريستون ثم تتناول بعد 24 إلى 48 ساعة الميزوبروستول لتحفيز الانقباضات.
اما السؤال الذي يُطرح هنا فيتمثل في استطاعة أي امرأة تعيش في ولاية مناهضة للإجهاض أن تتلقى متابعة طبية إن تناولت الدواء الأول خارج ولايتها بينما الثاني بعد عودتها إلى منزلها.
وبينما تتخذ الولايات الليبرالية خطوات لتسهيل عمليات الإجهاض على النساء الموجودات في مناطق اميركية أخرى، تسعى الولايات المحافظة إلى ملاحقة العاملين الصحيين والمجموعات المشاركة في هذه الجهود، وحتى المريضات أنفسهنّ.
وفي ظل توقعه اعتماد الولايات المحافظة خططاً مماثلة، حذز وزير العدل ميريك غارلاند الجمعة الولايات الأميركية من عدم استطاعتها حظر حبوب الإجهاض لأن القانون الفدرالي يشرّع استخدامها، مما ينذر بصراع محتمل امام القضاء.
التعليقات