الأمم المتحدة (الولايات المتحدة): يتوجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى باكستان الأسبوع المقبل "تضامنا" مع ضحايا الفيضانات غير المسبوقة التي تضرب البلاد، على ما أعلن المتحدث باسمه الثلاثاء.

وقال ستيفان دوجاريك للصحافيين "بالنظر إلى الوضع المأسوي الذي يواجه ملايين الرجال والنساء والأطفال المتضررين من الفيضانات غير المسبوقة في باكستان، سيسافر الأمين العام إلى البلاد الأسبوع المقبل في زيارة تضامنية".

ومن المقرر أن يصل الى إسلام أباد في 9 أيلول/سبتمبر، قبل أن يتوجه إلى "المناطق الأكثر تضرراً من هذه الكارثة المناخية غير المسبوقة"، حيث سيلتقي بشكل خاص العائلات النازحة ومنظمات الاغاثة العاملة هناك.

إغاثة

تسببت الأمطار المستمرة في باكستان منذ حزيران/يونيو بأعنف فيضانات في أكثر من عقد أغرقت ثلث مساحة البلاد وأودت بأكثر من 1100 شخص، وجرفت مساحات من المحاصيل الزراعية الأساسية ودمرت أو ألحقت أضرارا بأكثر من مليون منزل.

وتتسارع جهود الإغاثة الثلاثاء في المناطق التي تضربها فيضانات عارمة في باكستان لمساعدة ملايين المتضررين من جراء تساقط أمطار موسمية غزيرة أغرقت ثلث مساحة البلاد وأودت بحياة أكثر من 1100 شخص.

وتواجه السلطات والجمعيات الخيرية صعوبة في تسريع تسليم مواد الإغاثة لأكثر من 33 مليون متضرر، وخصوصا في مناطق لا يمكن الوصول إليها لانقطاع الطرق وتدمير جسور جرفتها الفيضانات.

والمناطق الجافة في الجنوب والشرق محدودة، وتكتظ طرق سريعة مرتفعة وسكك حديد بنازحين فروا من السهول الغارقة.

واعلن رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف أنها "اسوأ فيضانات في تاريخ باكستان"، لافتا الى أن ما لا يقل عن عشرة مليارات دولار ستكون ضرورية لاصلاح الاضرار في البلاد.

واضاف "أعد بان كل قرش (من المساعدة الدولية) سيتم إنفاقه في شكل شفاف. كل قرش سيذهب الى من يحتاجون اليه".

أمطار موسمية

تتساقط على باكستان أمطار غزيرة، وأحيانا مدمرة، خلال موسم الأمطار السنوي البالغ الأهمية للزارعة ولملء الأنهار والسدود. لكن الأمطار الحالية غير مسبوقة منذ ثلاثة عقود.

وألقى المسؤولون الباكستانيون باللائمة على التغير المناخي الذي يضاعف وتيرة وشدة ظواهر الطقس المتطرفة الشديدة في أنحاء العالم.

وقالت وزيرة التغير المناخي شيري رحمن لوكالة فرانس برس إن "مشاهدة الدمار على الأرض تبعث على الذهول حقا".

أضافت "عندما نرسل مضخات مياه يقولون لنا: إلى أين نضخ المياه؟ المكان محيط واحد كبير، لا أرض جافة نسحب المياه إليها".

وتابعت أن "حرفيا ثلث" مساحة البلاد تحت الماء، وشبَّهت الكارثة بأفلام الكوارث.

وقال وزير التخطيط أحسان إقبال إن باكستان بحاجة لأكثر من 10 مليارات دولار لأعمال التصليح وإعادة بناء البنى التحتية المتضررة.

وأوضح لوكالة فرانس برس "لحقت أضرار هائلة بالبنى التحتية وخصوصا الاتصالات والطرقات والزراعة وسبل العيش".

ونهر السند الممتد على طول الدولة الواقعة بجنوب آسيا، مُهدد بالفيضان على وقع السيول المتدفقة من روافده في الشمال.

وسجلت البلاد ككل معدل أمطار موسمية يزيد بمرتين عن المعتاد، بحسب مكتب الأرصاد، لكن متوسط هطول الأمطار في إقليمي بلوشستان والسند بلغ أربعة أضعاف معدلاته في العقود الثلاثة الماضية.

وتأتي كارثة الفيضانات في أسوأ الأوقات بالنسبة لباكستان التي يشهد اقتصادها انهيارا حادا. وأعلنت حكومتها التي ناشدت المجتمع الدولي المساعدة، حالة طوارئ.

وبدأت أولى رحلات الإغاثة مؤخرا بالوصول من تركيا ودولة الإمارات، بينما وعدت دول أخرى منها كندا واستراليا واليابان بالمساهمة.

وأعلنت الأمم المتحدة أنها ستطلق الثلاثاء نداء رسميا لجمع 160 مليون دولار من التبرعات لتمويل مساعدات طارئة.

نداء غوتيريش

أمام هذه الكارثة، أكد غوتيريش الثلاثاء عند إطلاقه نداء للحصول على تبرّعات قيمتها 160 مليون دولار لتمويل مساعدات طارئة لباكستان، ضرورة مكافحة الاحتباس الحراري.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة في تصريح عبر الفيديو إن "عدم اعطاء أولوية قصوى للتحرك المناخي أمر مشين فيما يزداد انبعاث غازات الدفيئة الذي يعرضنا جميعا - في كل مكان - لمخاطر أكبر"، محذراً "اليوم باكستان، وغدا قد يكون بلدكم".

وأضاف: "عدم اعطاء اولوية قصوى للتحرك المناخي أمر مشين، فيما يزداد انبعاث غازات الدفيئة الذي يعرضنا جميعا - في كل مكان - لمخاطر أكبر. ها هي باكستان غارقة في المعاناة. الشعب الباكستاني يواجه رياحا موسمية عاتية ومدمرة - التأثير الذي لا يرحم لهطول الأمطار والفيضانات بمستويات تاريخية".

لاركي

من جهته صرح المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية(أوتشا) ينس لاركي في مؤتمر صحافي في جنيف "شعب باكستان بحاجة ماسة إلى التضامن والدعم الدوليين".

وقال إن حوالي 500 ألف شخص نزحوا بسبب الفيضانات ولجأوا الى المخيمات فيما يقيم كثيرون بشكل مؤقت مع عائلات مضيفة.

وتابع "من المتوقع أن تستمر الأمطار الغزيرة ومع وجود العديد من السدود والأنهار عند مستويات الفيضانات فمن المرجح أن يتفاقم الوضع قبل أن يتحسن".

وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية كريستيان ليندماير إن المرافق الصحية في باكستان تضررت بشدة جراء الفيضانات مع الحاق "أضرار بالغة" في 180 منها.

وباكستان بحاجة لدعم دولي أساسا وقد فاقمت الفيضانات الصعوبات التي تواجهها.

فأسعار السلع الأساسية ولا سيما البصل والطماطم والحمص ترتفع، بينما يتحسر الباعة على نقص الإمدادات من إقليمي السند والبنجاب.

ووردت بعض الأنباء الطيبة الإثنين مع إعلان صندوق النقد الدولي الموافقة على برنامج قروض لباكستان يفرج عن شريحة أولى قدرها 1,1 مليار دولار.

وتنتشر مخيمات إيواء موقتة في كافة أرجاء باكستان، في مدارس وعلى طرق سريعة وفي قواعد عسكرية.

في بلدة ناوشيرا بشمال غرب البلاد، تحول معهد للتدريب التقني إلى مركز يؤوي 2500 من متضرري الفيضانات، خلال حرّ الصيف مع مساعدات غذائية متقطعة وكمية محدودة من مياه الاغتسال.

وقال أحدهم ويدعى مالانغ جان (60 عاما) لوكالة فرانس برس "منذ ثلاثة أيام ونحن لا نأكل غير الأرز. ... لم أتخيل أبدا أن سيأتي يوم نعيش فيه هكذا. فقدنا جنّتنا والآن أُرغمنا على العيش حياة تعيسة".