بكين: أعلنت السلطات الصحية الصينيّة الاثنين إلغاء الحجر الصحي الإجباري للقادمين من خارج البلاد اعتباراً من 8 كانون الثاني/يناير، بعدما رفعت في مطلع كانون الأول/ديسمبر معظم إجراءات مكافحة كوفيد السارية منذ العام 2020.
وقالت لجنة الصحة الوطنيّة في مذكّرة، أنه اعتباراً من الشهر المقبل لن يُطلب من الوافدين سوى إظهار نتيجة فحص بي سي آر سلبي أُجري قبل أقل من 48 ساعة من وصولهم.
كانت الصين الوحيدة التي تستمرّ في فرض الحجر الصحي عند الوصول رغم تقليص مدّته في الأشهر الأخيرة إلى خمسة أيام في الفندق، تتبعها ثلاثة أيام من المراقبة في المنزل. وظلت حدودها مغلقة بالكامل تقريباً منذ 2020 وتوقّفت عن إصدار التأشيرات السياحية.
وأعلنت لجنة الصحة أنها لم تعد تعتبر كوفيد-19 "التهاباً رئوياً" بل مرضاً "مُعدياً" أقلّ خطورة، وهو تصنيف أوضحت أنه لم يعد يبرّر الحجر الصحي.
كذلك، أشارت لجنة الصحّة إلى السماح تدريجياً بسفر الصينيين إلى الخارج، من دون تقديم جدول زمني، في حين كان يُسمح سابقاً بسفر الصينيين لأسباب قاهرة فقط.
رفع القيود
ويُتوقع أن تلقى الخطوة ترحيبًا لدى الصينيين في الداخل وكذلك في الخارج.
يأتي هذا القرار في الوقت الذي تشهد فيه الصين تفشّي الوباء، منذ أن تخلّت عن غالبية قيودها الصحية في بداية الشهر الحالي.
منذ العام 2020، كانت الصين تفرض قيوداً قاسية وفق استراتيجية "صفر كوفيد" التي أدّت إلى حماية الأكثر عرضة للخطر وأولئك الذين لم يتلقّوا اللقاح.
غير أن السلطات رفعت فجأة غالبية هذه القيود في السابع من كانون الأول/ديسمبر، على خلفية تنامي السخط الشعبي والتأثير الكبير لهذه القيود على الاقتصاد.
منذ ذلك الحين، أثار ارتفاع الإصابات قلقاً من ارتفاع معدّل الوفيات بين كبار السن الذي هم أكثر عرضة للخطر.
وفي هذه الأثناء، أفاد عدد من محارق الجثث ردًا على اتصال من فرانس برس عن تسلم عدد أكبر من المعتاد من الجثث في الأيام الأخيرة. وهو وضعٌ قلما تطرقت إليه وسائل الإعلام الصينية.
كذلك، تشهد المستشفيات اكتظاظاً بينما يصعب العثور على الأدوية المضادة للإنفلونزا في الصيدليات، وذلك في الوقت الذي تتعلّم فيه البلاد كيفية التعايش مع الفيروس.
"بناء حصن" ضد كوفيد
في هذه الأثناء، حضّ الرئيس الصيني شي جينبينغ الاثنين على "بناء حصن" ضدّ كوفيد -19 و"حماية" حياة المواطنين في البلاد.
وهذا أول تصريح للرئيس الصيني منذ تخفيف التدابير الصحية الصارمة.
ونقلت قناة "سي سي تي في" التلفزيونية الحكومية عن شي قوله الإثنين "تواجه السيطرة على كوفيد-19 والوقاية منه في الصين وضعاً جديدة يتطلب مهاماً جديدة".
وأضاف "يجب أن نطلق حملة صحية وطنية بطريقة أكثر استهدافاً... وأن نبني حصنًا منيعًا ضد الجائحة ونعزز خط دفاع المجتمع للوقاية من الوباء ومكافحته، وحماية أرواح الناس وسلامتهم وصحتهم بشكل فاعل".
تتوقع تقديرات غربية أن يؤدي رفع القيود إلى وفاة حوالى مليون شخص في الأشهر المقبلة.
وأعلنت الصين الأحد أنّها لن تنشر بعد الآن إحصاءات بشأن كوفيد. وكانت قد انتُقدت على نطاق واسع بسبب تناقض هذه الإحصاءات مع الموجة الوبائية الحالية.
ووفقاً للحصيلة الرسمية، لم يسجّل البلد الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم إلّا ست حالات وفاة بسبب كوفيد منذ رفع القيود، وهو عدد قدر خبراء أنه أقل من الواقع.
ولاحظ الصينيون في الأيام الأخيرة تبايناً صارخاً بين الإحصاءات الرسمية والعدوى المنتشرة لدى جزء كبير من أقاربهم، أو حتّى عدد الوفيات.
وأعلنت مدينة كانتون الكبرى (جنوب)، التي تسكنها 19 مليون نسمة، عن تأجيل الجنازات إلى ما "بعد 10 كانون الثاني/يناير".
منهجية مثيرة للجدل
من جهة أخرى، تُعتبر المنهجية الجديدة التي تعتمدها السلطات مثيرة للجدل، إذ يتم اعتبار الأشخاص الذين ماتوا بشكل مباشر بسبب فشل الجهاز التنفسي المرتبط بكوفيد فقط، متوفّين من المرض.
ومع ذلك، بدأت بعض الحكومات المحلية في تقديم تقديرات لحجم الوباء.
فقد أفادت السلطات الصحية في تشجيانغ (شرق)، جنوب شنغهاي، الأحد أن عدد الإصابات اليومية تجاوز الآن عتبة المليون في هذه المقاطعة البالغ عدد سكانها 65 مليون نسمة.
وفي العاصمة بكين، تحدثت السلطات السبت عن "عدد كبير من المصابين" داعية إلى "بذل كل ما هو ممكن لتحسين معدل الشفاء وخفض نسبة الوفيات".
التعليقات