تتسم الأهداف العلاجية الجديدة لعام 2023، بالصرامة في العمل على ضبط ارتفاع ضغط الدم واضطرابات الكوليسترول والدهون لدى مرضى السكري.
وذلك، وفقاً لمعايير الرابطة الأميركية للسكري، ADA، وكذلك المعايير العلاجية المتعلقة بالوقاية من أمراض الشرايين القلبية، والحفاظ على وزن طبيعي للجسم
وهذه المعايير تتلاقى مع الوثيقة العلاجية الجديدة للعام 2023، والتي أصدرتها رابطة Standards of Care in Diabetes في 12 ديسمبر\ كانون الأول الماضي.
المعايير الجديدة
وعليه، فإن جهود الأطباء خلال العام الجاري ستضع في أولوياتها ثلاثة معايير هي:
- ضبط ارتفاع ضغط الدم لدى مرضى السكري، وصولاً إلى قراءات ما دون 130 على 80 ملم زئبق.
- العمل العلاجي على خفض ارتفاع الكوليسترول الخفيف LDL إلى ما دون 70 ملغم/ ديسيلتر، لعموم مرضى السكري.
- الوقاية من أمراض شرايين القلب
في هذا السياق، يقول روبرت أ. غاباي، المسؤول الطبي والعلمي في رابطة السكري الأميركية، أنه "في إصدار هذا العام من معايير رابطة السكري الأميركية للرعاية -المبادئ التوجيهية طويلة الأمد لإدارة مرض السكري على مستوى العالم- هناك معلومات تتحدث حقاً عن إمكانية معالجة مرض السكري بشكلٍ أفضل من خلال العمل على تقليل المضاعفات بعدة طرق مختلفة".
ويشدّد على أن "إدارة معالجة مرض السكري من النوع 2 لا تتعلق بضبط الغلوكوز ومعدلاته في الدم فقط، بل يزداد تركيز المعايير العلاجية في العمل على ضبط المخاطر القلبية، والمخاطر الكلوية، بالإضافة إلى إدارة ضبط الوزن.
ويضيف: هذه "الاستراتيجية العلاجية" لمريض السكري، تغيب عن أذهان الكثير من المرضى. لكن، معالجة مريض السكري لا تعني معالجة ارتفاع نسبة الغلوكوز في الدم فقط، بل أيضاً معالجة منظومة العوامل المضطربة المرافقة التي تتسبب في التداعيات والمضاعفات لديه، والتي تهدد سلامة حياته، وتعيق عدداً من قدراته البدنية المهمة.
الكوليسترول والدهون
وفي جانب الكوليسترول والدهون، تشمل وثيقة معايير المعالجة الجديدة لعام 2023، تغييرات مهمة في ضرورة التركيز على توضيح أرقام الأهداف العلاجية لضبط الدهون والكوليسترول.
وتوضح أنه بالنسبة للأشخاص الذين يعانون مرض السكري، والذين تتراوح أعمارهم بين 40 و75 عاماً، ويعانون الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية أو المهددين بالإصابة بها، يُوصى بالعلاج المُكثّف بأدوية فئة الستاتين Statin Therapy لخفض معدل الكوليسترول الخفيف الضار بنسبة 50 في المائة أو أكثر، مقارنة بالمعدل الأساسي لنسبته لدى المريض قبل بدء علاج خفض الكوليسترول، وصولاً إلى مقدار أقل من 70 ملغم/ ديسيلتر. وهو أقل من الهدف السابق البالغ 100 ملغم/ ديسيلتر.
ولتحقيق هذا الهدف، تنصح الوثيقة بالنظر في إضافة أدوية من فئة خفض امتصاص الأمعاء للكولسترول (مثل إزتيميب Ezetimibe أو مثبط PCSK9)، مع أقصى حد يمكن أن يتحمله المريض من العلاج بأدوية فئة الستاتين
أما بالنسبة لمرضى السكري الذين تزيد أعمارهم على 75 عاماً، فيجب على أولئك الذين يتناولون العقاقير المخفضة للكولسترول أن يستمروا في تناولها.
وفي حالة المرضى دون الـ75 فيمكن بدء علاج الستاتين متوسط الشدة، بعد مناقشة الفوائد والمخاطر.
حماية الكلى
تتضمن الوثيقة العلاجية الجديدة توصية أخرى تدعو إلى إضافة عقار "فينيرينون" للأشخاص المصابين بداء السكري من النوع 2. وعقار "فينيرينون" هو من الأدوية الحديثة جداً، والأول من نوعه في فئة أدوية MRA، ويستخدم لتقليل مخاطر تدهور وظائف الكلى (تقليل مخاطر الانخفاض المستمر في معدل الترشيح الكبيبي GFR)، ولمنع الوصول إلى الفشل الكلوي ESRD. كما يساعد بخفض احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية MI والوفيات ذات الصلة بأمراض القلب وفشل القلب، لدى مرضى النوع 2 من السكري المصابين بأمراض الكلى المزمنة.
وتمت الموافقة على استخدامه الطبي لهذه الغايات في الولايات المتحدة في يوليو\تموز 2021، وفي الاتحاد الأوروبي في فبراير\شباط 2022.
وتأتي التوصيات الجديدة بوصفه لمرضى السكري من النوع 2 الذين لديهم بالفعل ضعف مزمن في الكلى CKD، ولديهم كذلك البول الزلالي Albuminuria، والذين يتم علاجهم بالجرعات القصوى المسموح بها من مثبط الإنزيم المحول للأنجيوتنسين ACE أو حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين ARB.
والهدف من إضافة هذا العقار الجديد هو تقليل خطر تطور مرض الكلى المزمن، وتحسين نتائج القلب والأوعية الدموية.
وتؤكّد "الوثيقة"على ضرورة تناول هؤلاء المرضى لأحد أدوية فئة مثبط SGLT2. وهي من الأدوية الحديثة أيضاً، والتي تعمل بشكلٍ فريد في تحقيق جانبين:
- الأول هو تأثير علاجي "مباشر"، يتعلق بضبط نسبة سكر الغلوكوز في الدم، عبر زيادة إخراج سكر الغلوكوز مع البول.
- والثاني: هو تأثير "غير مباشر" عبر آليات معقدة، محصلتها حماية وظائف الكلى من التدهور لدى مرضى السكري، وحماية وظائف القلب.
وفي التحديث الجديد، تغيّرت عتبة بدء أدوية فئة مثبط SGLT2 لحماية الكلى، إلى معدل ترشيح كبيبي eGFR بمقدار أعلى أو مساوٍ لـ20 مل/ دقيقة/ مساحة سطح الجسم، ووجود البول الزلالي بمقدار أعلى أو مساوٍ لـ200 ملغم/ غم كرياتينين.
الجدير ذكره، أن الكلية الأميركية لأمراض القلب ACC، قد شاركت_خلال إعداد هذه الوثيقة_ في صياغة الجوانب المتعلقة بإدارة مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية لدى مرضى السكري.
وأصبح التعريف الجديد لارتفاع ضغط الدم لدى مريض السكري هو ما كان أعلى أو مساوياً لـ130 ملم زئبق (ضغط الدم الانبساطي) على 80 ملم زئبق (ضغط الدم الانبساطي). وذلك عندما يتكرر على قياسين في أوقات مختلفة.
لذا تم اعتماد الهدف العلاجي بما يكون أدنى من 130 على 80 ملم زئبق، إذا أمكن الوصول إليه بأمان. وهو ما دلت على جدواه كثير من نتائج الدراسات الطبية خلال العقد الماضي
التثقيف الصحي
7 جوانب رئيسية في معالجة مرض السكري
التثقيف الصحي لمريض السكري لا يتعلق بالحمية الغذائية وأدوية خفض نسبة سكر الدم فقط، بل أيضاً بإدراكه أن الأسباب الرئيسية للوفيات، والإعاقات، والمعاناة المرضية، وارتفاع التكاليف المادية في المعالجة، لا تكمن في التأثيرات السيئة "المباشرة" لارتفاع أو انخفاض نسبة سكر الغلوكوز في الدم فقط، بل في التأثيرات السيئة "غير المباشرة" وطويلة المدى لـ"عدد من العوامل الأخرى"، على شرايين القلب، وشرايين الأطراف، وشرايين الدماغ، والكليتين، والأعصاب، والعينين.
ولذلك، يجب أن يدرك مريض السكري أن جوانب متابعة معالجة حالته المرضية تشمل 7 عناصر رئيسة، هي:
1- العمل المتواصل على ضبط نسبة سكر الغلوكوز في الدم، والتأكد من ذلك بإجراء تحاليل الدم لمعدلات تراكم السكر في الهيموغلوبين. وهو ما يعكس مستويات الغلوكوز خلال الأشهر الثلاثة التي مضت.
وهنا تحديداً، تؤكّد التوصيات المُحدّثة الحرص على استخدام اختبارات تراكم السكر في الهيموغلوبين (السكر التراكمي) HbA1c المعتمدة في نقطة تقديم الرعاية الصحية لمرضى السكري، وعدم الاكتفاء بنتيجة نسبة السكر في الدم بالوخز بالإبرة. وتحقيق ذلك الضبط بتناول الأدوية اللازمة لخفض السكر (إما عبر الفم أو عبر الحقن تحت الجلد)، واتباع نمط صحي في التغذية الملائمة لاحتياج المريض
2- العمل على متابعة قياسات ضغط الدم، ومعالجة ارتفاعه بصرامة تفوق المطلوبة لدى غير مرضى السكري
3- متابعة مستويات الكولسترول والدهون الثلاثية في الدم، والعمل على خفض ارتفاع الكولسترول الخفيف الضار، بشكل صارم أيضاً
4- إجراء تقييم وظائف الكلى، وقدراتها على تصفية الدم من المركبات الكيميائية الضارة، وأيضاً قدرات ترشيح الدم وتصفيته فيها، ومدى حفاظها على منع تسريب بروتين الزلال في البول
5- الاهتمام بضبط وزن الجسم ضمن المعدلات الطبيعية. ولذا أكّدت التوصيات الحديثة على خفض وزن الجسم لجعله ضمن المعدلات الطبيعية، كـ"هدف علاجي" يتم التأكيد على تحقيقه لدى مرضى السكري من النوع 2
6- إجراء الفحوصات الدورية لشبكية العين والأعصاب الطرفية
7- إجراء الفحوصات الدورية للتأكد من سلامة الشرايين، سواء القلبية أو الطرفية أو الدماغية. وتحديداً، أكّدت التوصيات الحديثة على ضرورة إجراء الفحوصات والتقييم لمدى وجود أمراض الشرايين الطرفية PAD، في محاولة لتقليل احتمالات اللجوء اضطراراً إلى بتر الأطراف
التعليقات