غزة: يقول النازح من شمال قطاع غزة إلى مواصي خان يونس أيمن جاسر إن الذباب منتشر على الطعام والشراب ويتذمر من "القذارة" وازدياد كميات النفايات بفعل الحرب التي دخلت شهرها العاشر.

وخلُص تقرير نشرته مجموعة سلام أوروبية ناشطة الخميس إلى أن قطاع غزة "يغرق" بمئات آلاف الأطنان من النفايات البشرية وأنقاض الحرب التي يمكن أن تغطي "المنطقة بأكملها" المحيطة بقطاع غزة.

وتسبب تراكم النفايات وسط ارتفاع درجات حرارة الصيف إلى ازدياد الذباب والبعوض، الأمر الذي حوّل الحياة داخل خيم النزوح إلى جحيم.

ويقول جاسر (50 عاما) "لا يوجد أكل ولا شرب إلا وينتشر عليه الذباب، هذا في منتهى القذارة ... حياة كلها غير نظيفة وكلها أمراض ورائحة كريهة جدا".

هذا الأسبوع، خرجت محطات معالجة مياه الصرف الصحي في دير البلح عن العمل بسبب نفاد الوقود.

ونزحت أم ناهض أبو شعر إلى المدينة الواقعة وسط قطاع غزة، ويبدو أن الأمر "صعب جدا" عليها.

وتقول أبو شعر (45 عاما) لوكالة فرانس برس "العيشة في الخيمة صعبة جدا وارتفاع درجات الحرارة والوباء والذباب والبعوض، نتأذى من هذا كله".

وبحسب السيدة "لا نعرف النوم ليلا من رائحة المجاري والنفايات، أطفالي لا ينامون من كثرة الأمراض التي أصابتهم نتيجة لذلك".

وإلى جانب أزمة النفايات والجوع الذي تقول وكالات الأمم المتحدة إنه انتشر في قطاع غزة خلال الحرب يشير أطباء إلى أن امراض مثل الجرب والجدري والطفح الجلدي والقمل تنتشر بسرعة بين المواطنين.

وحذرت وكالات الأمم المتحدة مرارا من خطر تحول الكوليرا وغيرها من الأمراض الأشد فتكا إلى أوبئة.

"نختنق"
أما أم يوسف أبو القمصان النازحة في دير البلح فتصف حياتها بأنها "تعيسة".

وتقول "لا نعرف أن نأكل أو نشرب ونحن بين النفايات والحشرات، لا نعرف الجلوس ولا النوم حتى".

وتشير أبو القمصان "كل يوم (نذهب) إلى المستشفيات مع أولادي وأحفادي نتيجة تفشي الامراض من النفايات ومن البعوض ومن النار أيضا".

وتوضح أبو القمصان أنها تنفق الأموال "لشراء علاجات كثيرة".

الثلاثاء، خرجت مضخات الصرف الصحي في مدينة دير البلح في غزة عن الخدمة بسبب نفاد الوقود، وفق ما أعلنت بلديتها مبدية خشيتها من تفشي الأمراض.

ولجأ إلى دير البلح عشرات آلاف الأشخاص هربا من المعارك الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس، وقد حذّرت السلطات المحلية من "كارثة صحية وبيئية" تتهدّد أكثر من 700 ألف شخص يقطنون المدينة.

ويضطر النازحين في مواصي خان يونس إلى إشعال النار بالنفايات وفق ما يقول محمد الكحلوت.

ويقول الكحلوت (35 عاما) "نعاني من مكب النفايات، النار مشتعلة فيه منذ أسبوع تقريبا، تأتي سيارة الإطفاء لكن دون جدوى".

ويشكو الكحلوت أيضا من الروائح الكريهة ويوضح "نختنق من رائحة النفايات الكريهة ورائحة اشتعال النيران والأجواء الحارة".

ويضيف لفرانس برس "هناك مخلفات حرب داخل هذا المكب، تعرض محيطه للقصف أكثر من مرة وهذا أمر خطير، طواقم البلدية غير قادرة على السيطرة".

وتعرضت المواصي مؤخرا لعدة غارات كان بينها غارة دامية استهدفت إسرائيل من خلالها قائد كتائب عز الدين القسام محمد الضيف ونائبه.

وبحسب منظمة "باكس" الهولندية فإن "أشهرا من القصف المستمر ومنع إسرائيل إدخال الوقود دمرت" نظام جمع النفايات المتهالك أصلا في قطاع غزة.

وأضافت في دراستها "أفادت السلطات المحلية أن قوات الدفاع الإسرائيلية تمنع الوصول إلى مكبات النفايات الثلاث الرسمية في غزة".

وبحسب "باكس" فإن صور الأقمار الصناعية أظهرت انتشار 225 تجمعا للنفايات في أنحاء القطاع.

وقالت إن ما اطلقت عليه اسم "الحساء الكيميائي" من المواد والمعادن الثقيلة يمكن أن يلوث إمدادات المياه والأراضي الزراعية و"في نهاية المطاف فإن المواد السامة ستخترق السلسلة الغذائية وتصل إلى البشر".

وحذرت المنظمة من انتشار الخطر إلى ما أبعد من قطاع غزة إذ أن المياه يمكن أن "تنتقل لمسافات طويلة".

وشددت على انه "بالرغم من أن الخطر أصبح وشيكا في غزة إلا أن المنطقة برمتها قد تواجه قريبا مشاكل خطيرة تتعلق بالنظام البيئي والصحة العامة".