شهدت شوارع العاصمة الفرنسية باريس توزيع أزهار على المارة في إطار حملة بعنوان "أنا مسلم"، نظمها فرع جمعية "التيار الوطني للمجتمع الإسلامي"؛ بهدف القضاء على الأحكام المسبقة التي تكونت لدى الشارع الفرنسي بحق المسلمين، بعد الهجوم الذي تعرضت له صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة في كانون الثاني (يناير) الماضي.


إعداد كارل كوسا من بيروت: وزعت الجمعية الزهور على المواطنين في ميادين، الجمهورية، والأمة، وباستيل، في باريس، إضافة إلى كتيبات حملت عنوان، "تفضل، أنا مسلم"، تحتوي على معلومات حول معنى ورسالة الإسلام.

وقام المسؤولون عن توزيع الأزهار بالتعريف عن محبة الرسول محمّد (صلّى الله عليه وسلّم)، ومعنى السلام الاجتماعي في الإسلام لمن يسأل عن المعنى الذي تحمله تلك الأزهار.

يشار إلى أن الاعتداءات في فرنسا ضد أماكن العبادة ومقابر المسلمين؛ ارتفعت بشكل غير مسبوق في العام الجاري منذ حادثة «شارلي إيبدو». الجدير بالذكر أن 17 شخصًا لقوا مصرعهم في هجمات مختلفة، بدأت في 7 كانون الثاني/ يناير بهجوم على مجلة "شارلي إيبدو"، واستمرت ثلاثة أيام، وتمكنت الشرطة الفرنسية من القضاء على منفّذيها، ورفعت السلطات الفرنسية عقب الهجمات؛ التدابير الأمنية إلى أعلى مستوى، وبدأ الحديث عن إجراء تعديلات قانونية إضافية.

هذا وتأتي حملة "أنا مسلم" في ظل تصاعد موجة الإسلاموفوبيا في فرنسا وطالت الحجاب واللباس والمساجد والأكل الحلال. من جهته دعا الرئيس الفرنسي السابق والرئيس الحالي لحزب الغالبية الشعبية المعارض نيكولا ساركوزي الى نزع الحجاب خلال استضافته في برنامج على "أوروب 1" قائلًا: "لا نريد نساء محجبات في فرنسا". وقد علل ساركوزي طلبه باسم المساواة بين المرأة والرجل، مضيفًا أن "الحجاب أصبح أداة لخضوع المرأة للرجل".

كما دعا ساركوزي إلى ضرورة تقديم الوجبة الغذائية نفسها على جميع التلاميذ في المدارس مهما كانت ميولهم الدينية أو أصولهم، في إشارة إلى إرغام المسلمين على أكل لحم الخنزير،& وهو ما دعت إليه رئيسة حزب "الجبهة الوطنية" مارين لوبان بعد فوزها في الانتخابات المحلية، حيث أعلنت عن منع المدارس عن تقديم وجبات الغذاء الخالية من لحم الخنزير وخصت بالذكر أطباق "الحلال" واعتبرت أن مراعاة قوائم الطعام لدين الطلاب انتهاك للعلمانية على حد وصفها.

وفي نزعة عنصرية ضد المسلمين، دعا ساركوزي في مهرجان انتخابي في مدينة نيس الساحلية إلى الحفاظ على القيم العلمانية بتقليص نسبة الهجرة الشرعية التي رآها تهدد طريقة عيش الفرنسيين.

وقال أمام جمع غفير من المناصرين "الفرنسيون يريدون العيش في فرنسا ويرفضون أن تشبه بلادهم بلدًا آخر"، مضيفًا: "نحن مستعدون لاستقبال الآخرين، لكن لا نريد أن نغير نمط معيشتنا ولغتنا وثقافتنا".

وأضاف ساركوزي "علينا أن ندافع بشدة عن قيمنا المهددة من قبل الإسلام المتطرف الذي يحاول أن يزرع الرعب في الغرب"، مشيرًا إلى أن الذين يدعون إلى الكراهية وإلى عدم احترام الآخرين لا مكان لهم على أرض الجمهورية". كما هاجم ساركوزي المهاجرين غير الشرعيين قائلًا: "إن رفض النقاش حول الهجرة يعني تشجيع عنصر الخوف، موضحًا أنه بات من المستحيل دمج المهاجرين طالما لم يتم القضاء على الهجرة غير الشرعية ولم نقلص من نسبة الهجرة الشرعية".

هذا وقد أعلن مرصد مكافحة الإسلاموفوبيا، التابع للمجلس الفرنسي للديانة المسلمة، عن وصول نحو 30 رسالة إلى عدد من المساجد في عموم فرنسا منذ شهر، احتوت على عبارات فيها إهانة وتحقير للمسلمين. وأوضح رئيس المرصد عبدالله ذكري في تصريحات صحافية أدلى بها من باريس أنهم سيتقدمون ببلاغ للنائب العام، مؤكدًا أن كل الرسائل التي وردت للمساجد فيها عبارات تعتبر مسئية إلى الدين الإسلامي.

من جهتها ذكرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية أن المساجد الموجودة في بلدات مونبيليار وكاستر وبونتيرليرس كانت ضمن المساجد التي أرسلت إليها هذه الرسائل المهينة والتهديدية. هذا وقد طالت موجة اضطهاد المسلمين طالبات المدارس، حيث تم طرد الطالبة سارة (15 عامًا) ومنعها من متابعة الحصص الدراسية بسبب ارتدائها تنورة طويلة سوداء اعتبرت رمزًا دينيًا.

ورغم أنها لم تكن ترتدي حجابًا أو نقابًا منعت الطالبة سارة من متابعة دروسها في بلدة شارلفيل ميزيير في شمال شرق البلاد. وقد علل مدير المدرسة المنع بأنه "شعر" بأن التنورة طويلة "بشكل واضح"، وأنها تظهر الانتماء الديني للطالبة، وهو ما يتنافى وتفسيرات القانون الفرنسي، الصارم الذي يحمي العلمانية في البلد على حد زعمه.

من جهته أعلن عمدة مدينة بيزييي في جنوب فرنسا روبار مينار في حصة تلفزيونية في القناة الفرنسية الثانية أنه قام بإحصاء الطلاب المسلمين في المدارس دون غيرهم. واعترف العمدة مينار ذو التوجه اليميني المتطرف ومؤسس منظمة "مراسلون بلاحدود" أن ما قام به مخالف للقانون، حيث تمنع القوانين الفرنسية إجراء أي إحصاء يكون معياره العرق أو الدين.