من أفغانستان إلى العراق مروراً بالساحل الافريقي، تكاثرت في الاشهر الاخيرة عمليات احتجاز الرهائن الغربيين واختلفت طرق تعامل دولهم مع خاطفيهم، فبعضهم تفاوضت معه سرا وبعضهم الاخر نفذت ضده عمليات عسكرية، وذلك تبعا لخيار كل دولة معنية.


باريس: في نهاية الشهر الجاري يكون قد مضى على الصحافيين الفرنسيين المحتجزين في افغانستان ايرفيه غيسكيير وستيفان تابونييه عام كامل على اختطافهما. وكان الصحافيان الفرنسيان وقعا في قبضة المتمردين شمال شرق كابول. ووضع الصحافيان بالغ الصعوبة، الا ان السلطات الفرنسية والافغانية على اتصال بخاطفيهما.

ولعل جنسية هذين المخطوفين هي باعث الامل الاكبر لهما على استعادة حريتهما. فبعد سلسلة عمليات لتحرير رهائن فرنسيين سلطت عليها وسائل الاعلام الكثير من الاضواء (مثل الصحافيين فلورانس اوبينا وكريستيان شيسنو وجورج مالبرونو)، ذاع صيت فرنسا كدولة لا تدخر جهدا لتحرير مواطنيها وصولا حتى الى دفع فدية مالية للخاطفين.

وبالمقابل فان الموظفة الانسانية البريطانية ليندا نورغروف لقيت حتفها في 8 تشرين الاول/اكتوبر في افغانستان اثناء عملية عسكرية نفذها الجيش الاميركي لتحريرها من خاطفيها.

وتقول بريطانيا انها لا تتفاوض ابدا مع خاطفي الرهائن، وتجزم بانها لا تدفع اي فدية مالية. واذا كان التحقق من هذا النفي ليس ممكنا، فان الصحيح ان غالبية المواطنين البريطانيين الذين احتجزوا رهائن كان مصيرهم اسود، كما هي حال ادوين داير الذي قضى ذبحا على ايدي خاطفيه من تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي في حزيران/يونيو 2009.

بدورها تعتمد الولايات المتحدة سياسة مماثلة، اقله علانية، ولكن هذه السياسية ليست محل اجماع. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2008 اعلنت الصحافية الكندية ميليسا فونغ التي احتجزت رهينة في افغانستان لمدة 28 يوما ان الافراج عنها تم مقابل افراج السلطات الافغانية عن افراد من عائلة خاطفيها.

من جانبها لم تنف اسبانيا بشكل قاطع معلومات موثوق بها تحدثت عن ان الحكومة الاسبانية دفعت حوالى ثمانية ملايين يورو لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي مقابل افراج الاخير في آذار/مارس وآب/اغسطس عن ثلاثة موظفين انسانيين اسبان اختطفوا في موريتانيا ونقلوا بعدها الى شمال مالي حيث احتجزوا.

وقبل اسبانيا، فعلت النمسا وايطاليا الامر نفسه حيث دفعت هاتان الدولتان فديات مالية للافراج عن مواطنيهما في منطقة الساحل في 2009 و2010. وهذه الفديات يعتبرها الباحث الاسباني المتخصص في العلاقات الدولية كارلوس ايشيفيريا خيسوس بمثابة quot;دعوات للاستمرار في خطف الرهائن وابتزاز الدول الغربيةquot;.

وفي آب/اغسطس انتقد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بشكل مبطن اسبانيا، مشيرا الى ان دفع الفديات المالية لا يمكن ان يكون quot;الاستراتيجية الوحيدةquot; ضد القاعدة. ولكن الموقف الفرنسي من هذا الموضوع لا يخلو بدوره من الضبابية وهو يختلف باختلاف الظروف والخاطفين.

وفي 2006 كشف عملاء في الاستخبارات الاميركية لصحافي في وكالة فرانس برس في بغداد ان المتمردين يخطفون مواطنين فرنسيين كلما ارادوا جني المال، وانهم يخطفون مواطنين اميركيين او بريطانيين كلما ارادوا تحقيق مكسب سياسي.

وفي نيسان/ابريل 2008 دفعت باريس فدية مالية للافراج عن 30 رهينة كانوا على متن اليخت الشراعي بونان واختطفوا قبالة سواحل الصومال. ولكن جزءا من الفدية المالية سرعان ما استعادته باريس بفضل عملية عسكرية نفذتها قوات فرنسية خاصة ضد القراصنة الذين اعتقلت ستة منهم.

وبعدها بعام واحد، في نيسان/ابريل 2009 هاجمت وحدات كوماندوس بحرية فرنسية المركب الشراعي تانيت الذي اختطفه قراصنة صوماليون. وانتهى الهجوم بتحرير اربعة رهائن فرنسيين في حين قتل الرهينة الفرنسي الخامس خطأ خلال الهجوم.

وفي تموز/يوليو الماضي، اعلن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي انه قتل الرهينة الفرنسي ميشال جيرمانو ردا على هجوم عسكري فرنسي-موريتاني ضد التنظيم في مالي. ولكن بموازاة هذا التدخل العسكري لم تخف باريس في ايلول/سبتمبر سعيها quot;للاتصال بالقاعدةquot;، ممهدة بذلك الطريق امام اجراء مفاوضات مع خاطفي سبعة رهائن في النيجر بينهم خمسة رهائن فرنسيين.