على الرغم من انتهاء الأعمال القتالية في العراق، ستظلّ ذكريات الحرب مستعرة في أذهان الجنود الأميركيين.

واشنطن: على الرغم من طي صفحة في تاريخ الجيش الاميركي بإعلان الرئيس الاميركي باراك اوباما مساء الثلاثاء انتهاء مهامه القتالية في العراق، ما زالت الحرب مستعرة في اذهان بعض المحاربين القدامى.

للوهلة الاولى، تبدو الجروح التي لا يزال يعاني منها هؤلاء الجنود غير ظاهرة للعيان. فهي اعمق ودفينة وتطال الجوانب النفسية.

وكان اللفتنانت مايك ماك مايكل على متن الية مصفحة عندما انفجرت بها قنبلة موضوعة على جانب الطريق، ما تسبب بفقدانه الوعي على الفور.

منذ تلك الحادثة، لا يزال يعاني ضمورا في الذاكرة وينتابه شعور حاد بالقلق: صدمة دماغية تترافق مع اضطرابات ما بعد الصدمة.

ولا يزال مئات المقاتلين السابقين يعانون هذه المشاكل التي تشكل تحديا اقتصاديا (تكاليف الاستشفاء ومصاريف السكن...)، اضافة الى الجانب الطبي البحت.

ولدى عودته الى مدينة رالي عاصمة ولاية كارولاينا الشمالية (جنوب شرق) في كانون الثاني/يناير 2005 بعد اسبوعين على الحادث، بدا الملازم ماك مايكل سليما.

لكن زوجته احتاجت الى فترة قصيرة لتدرك ان زوجها يعاني ألمًا داخليا.

وقالت جاكي، زوجة اللفتنانت ماك مايكل لفرانس برس quot;قبل ذهابه الى العراق، كان مفعما بالحياة ويتحدث الى الجميع. كان لا يتأثر بالضغوط النفسية (...) لكنه عاد لا ادري كيف اعبر، لقد تغيرquot;.

واضافت ان الملازم اصبح اكثر بعدا عن اطفاله وبات يظهر نوبات غضب وهلوسة.

وعلاوة عن ذلك، بدت عند ماك مايكل عوارض اكثر اعاقة لحياته: فقد صار اللفتنانت الاميركي يتوه في الطرقات التي كان يحفظها عن ظهر قلب ويشعر بدوار متكرر، ويعاني صعوبات في القراءة او قيادة السيارة.

وقال ماك مايكل لفرانس برس ان quot;الامر مقلق للغاية (...) في كثير من الاحيان، انسى اين اناquot;.

وقد تخلى عن عمله في الجيش وزار معالجين نفسيين مدنيين طالبا المساعدة.

ووصف له الاطباء في العراق ادوية، لكن بدلا من ان تشفيه، فاقمت حالته وجعلت منه شخصا انطوائيا.

وبذلك، دخلت حياته منعطفا خطرا.

ففي نوبة غضب، خرب منزله وادخل الى مركز للمعالجة النفسية، ثم تم تسريحه من الخدمة وهجر زوجته لفترة قصيرة.

وقال quot;كان ذلك محبطا، لم اعد استطيع استرجاع +مايك القديم+quot;.

وتحول الجندي السابق الى الاعمال الادارية على امل الاستفادة من مخصصات مصابي الحرب.

لكنه ما لبث ان تاه في دهاليز البيروقراطية الادارية.

وانتظر حتى اذار/مارس 2008 وادلاء زوجته بافادتها امام لجنة تابعة لمجلس الشيوخ الاميركي لتسلك الامور مسار الحل.

وسمحت جلسة الاستماع امام اعضاء مجلس الشيوخ بحصول تقدم في دراسة ملفه، وتم اخيرا الاعتراف باصابته من جانب وزارة المحاربين القدامى.

واظهرت وزارة الدفاع الاميركية تلكؤا قبل المباشرة بمعالجة هذا الموضوع.

وتم ارسال مئات الاطباء النفسيين الى ارض المعركة في مناطق القتال وبدأوا متابعة الاكتشافات في هذا المجال.

واتخذ كبار الضباط في الجيش الاميركي مواقف علنية سعيا لافهام الجنود بان طلب المساعدة النفسية لن يؤدي الى الاضرار بمسيرتهم العسكرية.

حاليا، مايك ماك مايكل يعيد بناء حياته اذ يتحدث عن عودته الى التقرب من اولاده، وشفائه من مشاكله الصحية والزيادة في وتيرة خروجه من المنزل.

كما جهز سيارته بنظام تحديد المواقع (جي بي اس) بحال تاه في طريقه اثناء ذهابه للتسوق او زيارته لوالدته.