اطلقت مؤسسة quot;آنا ليند الأورومتوسطية للحوار بين الثقافاتquot; تقريرها الرائد حول التحديات التي تواجه العلاقات الإنسانية والثقافية في أوروبا ومنطقة جنوب وشرق المتوسط، وذلك يوم امس الأربعاء الموافق 15 سبتمبر الجاري، خلال اجتماع عام أقيم في بروكسيل تحت الرئاسة البلجيكية للاتحاد الأوروبي.

ايلاف: يعتمد التقرير الذى يحمل عنوان quot;الاتجاهات الثقافية في المنطقة الأورومتوسطية 2010quot;، على أول استطلاع للرأي العام قامت به مؤسسة quot;جالوبquot; حول الاتجاهات الثقافية، والذي يشتمل على آراء 13 ألف شخص من شتى أنحاء ضفتي المتوسط. ويشتمل التقرير على تحليلات الخبراء حول الموضوعات العامة الرئيسة المتداولة في الوقت الحاضر مثل quot;الإسلام والغرب والعصريةquot;، وquot;الإعلام والتصورات الثقافية المتبادلةquot; وquot;أوجه التشابه والاختلاف بين نظم القيمquot; وquot;آفاق السلام الإقليميquot;.

ويهدف التقرير إلى الكشف عن عدد من النتائج الرئيسة حول أوجه التشابه والاختلاف بين قيم الشعوب على ضفتي المتوسط وإمكانية خلق مساحة من القيم المشتركة، ومدى اتساع الفجوة في التصورات المتبادلة والتفاهم المتبادل بين شعوب شمال وجنوب المتوسط، ومدى تأييد شعوب المنطقة للتعاون الأورومتوسطي، كما يتطلع إليه quot;الاتحاد من أجل المتوسطquot;.

وافتتح الاجتماع الدولي الذي نظمه مركز السياسات الأوروبي بالتعاون مع مؤسسة الملك بودوان، ومفوض الاتحاد الأوروبي لسياسة الجوار، وستيفان فول، ورئيس مؤسسة آنا ليند ومستشار ملك المغرب، أندريه أزولاي. ويلي الحدث، ويشارك فيه الخبراء في المجال الثقافي وممثلي الإعلام.

يشير التقريرالرائد حول الاتجاهات الثقافية، والذي وزعته المؤسسة على وسائل الإعلام إلى أنه ينبغي أن يؤخذ العامل الديني في الحسبان من أجل تعزيز القيم المشتركة وسد الفجوة في الإدراك المتبادل بين الشعوب على ضفتي المتوسط.

ويقوم التقرير الذي جاء تحت عنوان quot;الاتجاهات الثقافية في المنطقة الأورومتوسطية 2010 على استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة جالوب حول الاتجاهات بين القيم الثقافية والذي شارك فيه 13 الف شخص من شتى انحاء المنطقة. استغرق إعداد هذا التقرير من قبل مؤسسة آنا ليند عامين، وجاء نتيجة تضافر جهود الخبراء من 22 دولة.

وتحدث ستفيان فيول، مفوض الاتحاد الأوروبي لسياسة الجوار، خلال الحدث العالمي لإطلاق التقرير اليوم في بروكسيل، حيث وصف التقرير بأنه quot;يحث على التفكير والتأملquot; وأضاف أن التقرير يأخذ النقاش حول هوية البحر المتوسوط من دائرة اللقاءات بين المفكرين ويضعها في دائرة رجل الشارع، فكانت النتيجة هي رسالة أمل نقلتها لنا الشعوب بمنتهى الوضوح وبصوت عال، كما اتاحت لنا اداء مهمة من أجل تعزيز العلاقات الأورومتوسطيةquot;.

وفقاً لاستطلاع المؤسسة يرى ستة من كل عشرة اشخاص من جنوب وشرق البحر المتوسط أن القيمة الأكثر اهمية بالنسبة إلى الأبوين الأوروبيين تتمثل في تعليم الابناء الاستقلالية 57%، يليها حب الاستطلاع 44% في حين أن واحدا فقط من خمسة أوروبيين أشار إلى ان الاستقلالية في المركز الاول أو الثاني 19% كقيمة تربوية اساسية، وفقط 13% أشاروا إلى حب الاستطلاع.

وأوصى التقرير إلى الاستثمار في التعليم من أجل معرفة افضل بين الثقافات، وكذلك اوصى بدعم وسائل الإعلام من أجل تحسين المعرفة والاحترام.

كما أوصى بدعم البعد الثقافي داخل المدن، نظرا لان نتائج التقرير قد أشارت إلى أن تزايد فرص اللقاء وزيادة الاهتمام والتوعية بين قاطني المدن، ويؤكد التقرير أن اهمية التبادل الثقافي والاساليب العابرة للقوميات تعتبر اساليب لتنمية الانفتاح الثقافي في البيئات الحضرية وتسهيل التبادلات بين الهيئات المحلية والاقليمية في مختلف دول المنطقة التي ترتكز على وضع الخطوط الإرشادية من أجل الثقافة التعددية والاحترام المتبادل بين الافراد.

كما يوصي التقرير بتطوير الأدوات من أجل تحسين التوعي للتفاعل بين الشعوب.

ويسلط التقرير الضوء ايضا على الدور المحوري للدين في تحسين العلاقات الثقافية، ويشير التقرير الرائد حول الاتجاهات بين الثقافية إلى أنه ينبغي أن يؤخذ العامل الديني في الحسبان من أجل تعزيز القيم المشتركة وسد الفجوة في الإدراك المتبادل بين الشعوب على ضفتي المتوسط.

وتقول داليا مجاهد وهي أحد الخبراء المساهمين في تقرير آنا ليند وتشغل منصب المدير التنفيذي لمركز جالوب للدراسات الإسلاميةquot; لم يقم أحد من قبل بإجراء استطلاع رأي عن مدى استعداد الشعوب في كل من أوروبا وشمال أفريقيا والشرق المتوسط لتقبل كيان متحدد ومشروع مشترك في منطقة البحر المتوسطquot; وأضافت: أن الاختلاف الشاسع حول قيمة الدين ربما تمثل اعظم تحدٍ يواجه هذه المجموعة من الدول، فإذا كانت مجموعة ترى أن للدين أهمية محورية، في حين تجد المجموعة الاخرى أنه خالٍ من الأهمية أو انه ضار، فان العلاقات بين الشعوب قد تتعرض لخطر سوء التفاهم او الإهانة المتبادلةquot;.

ويوصل التقرير أن يؤخذ هذا التحدي في الاعتبار في سياق بناء مشروع مشترك يضم دول المنطقة.

حيث إن الأوروبيين وفقاً لاستطلاع آنا ليند/جالوب 2010، يقدرون قيمة احترام ثقافة الآخرين، يدعو التقرير القادة إلى استغلال هذه القيمة في مساعدتهم على فهم أهمية الدين بالنسبة إلى سكان الدول الواقعة جنوب وشرق المتوسط، وإن كانت تختلف تماماً عن وجهة النظر الأوروبية.


يوصي التقرير كذلك بتعزيز الحوار بين الشعوب التي تعتنق معتقدات دينية مختلفة من أجل إيجاد ارضية مشتركة للحوار، للشعوب ذات وجهات النظر المختلفة حول الممارسات والمعتقدات الدينية، وتتضمن الانشطة الفعلية المقترحة،من قبل تقرير آنا ليند، تشجيع المناظرات على كل المستوى المحلي والدولي، والاستثمار في برامج بحثية تتناول التطور التاريخي للأديان، بالإضافة إلى تناول الاتجاهات الدينية والروحانية المعاصرة وذلك من أجل خلق اساس علمي للمناظرات وإشراك المنطقة بأسرها فيها.

ووفقاً للاستطلاع الذي اجرته المؤسسة فقد أقر معظم الاشخاص الذين شملهم الاستطلاع بمزايا التعاون الإقليمي على نمط quot;الاتحاد من أجل المتوسطquot;.

وفي حديثه بمناسبة حدث الإطلاق العالمي في بروكسل قال اندريه ازولاي، رئيس مؤسسة آنا ليندquot; بفضل نتائج التقرير سوف نتمكن من معالجة كافة القضايا التي ادت إلى تقويض وإضعاف النواحي المؤسسية والايديولوجية للمحاولات التي اجريت في السابق من أجل إقامة وحدة بين ضفتي البحر المتوسط ولضمان أن الشراكة لن تكون مجرد منطقة تجارية واسعة وغير متوازنة، بل شراكة تتمتع بالشرعية الإنسانية والعدالة الاجتماعية والقواعد المقبولة من جميع الأطراف من أجل مواجهة التحديات المشتركةquot;.

كما كشف الاستطلاع أن الابتكار والاعمال الإبداعية على راس المزايا التي ذكرها الاشخاص الذين يعيشون في منطقة جنوب وشرق البحر المتوسط، في ما يتعلق بالمشروع المشترك للمتوسط، أما بالنسبة للأوروبيين فكان احترام الحضارات الاخرى والتضامن الاجتماعي الديناميكية الشبابية على راس المزايا التي يقدرونها في هذا المشروع للاتحاد.

كما كشف تقرير آنا ليند أن البحر المتوسط له مدلول اجتماعي ثقافي لدى شعوب المنطقة، حيث يرى كل اربعة من ضمن خمسة اشخاص شملهم الاستطلاع أن هذا المفهوم مرتبط في اذهانهم بصور ايجابية مثل الضيافة ونمط الحياة والتراث الثقافي والتاريخ المشترك.

ويؤكد القائمون على مؤسسة آنا ليند أن تقريرهم يهدف إلى ان يكون بمثابة اداة للعمل في ايدي المؤسسات والمجتمع المدني والحكومات والإعلام والافراد العاملين على تحسين العلاقات بين الثقافية، وقد وضعت المؤسسة مجموعة من الخطوط الإرشادية والمقترحات القائمة على نتائج الإستطلاع وتحليل التقرير، بما في ذلك:

نقل الصور والقيم الرئيسة التي تقترن بالمنطقة. وكذلك تعزيز دور الشباب والمرأة كفاعلين أساسيين في الأتحاد من أجل المتوسط، بالإضافة إلى تطوير الأدوات من أجل تحسين نوعية التفاعل.

يذكر أن مؤسسة quot;آنا ليند للحوار بين الثقافاتquot; هي المؤسسة المختصة بالعلاقات الإنسانية والثقافية للاتحاد من أجل المتوسط. أنشئت المؤسسة عام 2005، وهى تقوم بقيادة ودعم مشروعات شبكتها المؤلفة من شبكات المجتمع المدني القومية لثلاث وأربعين دولة التي تضم ما يزيد عن 3000 مؤسسة ومنظمة غير حكومية.