في حوار مع (إيلاف) من تونس، تقول سعاد عبدالرحيم، عضو المجلس التأسيسي عن حزب النهضة الإسلامي، إنها ستكون أول من يتصدى للنهضة إن لم تسعى لتطبيق ما وعدت به، وعلى رأس وعودها احترام حقوق المرأة وتعزيزها. عبدالرحيم أكدت أنها رفضت التوزير لأنها لا تريد ممارسة السلطة بل تمثيل مطالب من انتخبوها.

سعاد عبدالرحيم عضو المجلس التأسيسي عن حزب النهضة الإسلامي التونسي

تونس: أثار انضمام السيدة سعاد عبدالرحيم إلى صفوف حركة النهضة ثم انتخابها عضوا بالمجلس الوطني التأسيسي جدلا واسعا بين النخب السياسية، وأثار حديثها عن الأمهات العازبات جدلا أوسع، فتعرضت لحملة شرسة بلغت أوجّها لما تعرضت للاعتداء وهي في طريقها إلى المجلس الوطني التأسيسي.

هي صيدلانية وصاحبة شركة بيع أدوية فازت على راس قائمة النهضة في دائرة تونس 2 التي لقبت بquot;دائرة الموتquot; في الانتخابات لكثرة عدد زعماء الأحزاب الذين ترشحوا فيها، مثلت ورقة رابحة للإسلاميين بحضورها الخطابي في الاجتماعات العامة مقدمة صورة معتدلة لقوة سياسية لا ينفك خصومها يتهمونها بأنها تمثل تهديدا للحريات عامة ولحرية المرأة بشكل خاص.

نقول في حوارها مع إيلاف إنها متشبثة بالدفاع عن حقوق المرأة، وأنها ستكون أول من يعارض حركة النهضة إن لم تطبق ما وعدت به.

فيما يلي نصّ الحوار كاملا:

من تكون سعاد عبدالرحيم ؟

سعاد عبدالرحيم مناضلة في الجامعة التونسية من 1984 إلى 1991 وشاركت في تأسيس الإتحاد العام التونسي للطلبة وكنت عضوا في المكتب التنفيذي لدورتين وكوّنا في 2010 رابطة قدماء الإتحاد العام التونسي للطلبة وهذا ما أعادني فعلا إلى واجهة الأحداث وشاركت في الثورة و أصدرنا بيانا يوم 12 جانفي/ يناير قبل هروب الرئيس المخلوع بيومين، وكانت عودتي للمجال السياسي.

المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية تحدث في بيانه الأول في المجلس التأسيسي عن السافرات، وquot;السافرة quot; هي الكاشفة وجهها، وبالتالي: سعاد عبد الرحيم، امرأة سافرة في حركة النهضة. هل يدخل ذلك في باب الدعاية السياسية أم هو تحوّل جذري في منهجية الحركة؟

هناك من أخذ الكلمة التي أوردها رئيس الجمهورية من الجانب السلبي اعتمادا على أنّ المجتمع التونسي يرى في السافرة كلمة غير مقبولة، وقد كان عليه أن يقول محجبات وغير محجبات.

أنا أقول سعاد عبدالرحيم امرأة غير محجبة في حركة النهضة فوجودي في الحركة فيه رسالتان، الأولى موجهة من شخصي والثانية موجهة من حركة النهضة.
الرسالة الأولى أني عرفت حركة النهضة منذ كانت تسمى حركة quot;الاتجاه الإسلاميquot; وتعاملت معهم في الإتحاد العام التونسي للطلبة الذي يضم أغلبية من الإسلاميين وعرفت فيهم الجدية وحسن التأطير إلى جانب الإيمان بقضية.

وكانوا يكنون احتراما كبيرا للعنصر النسائي محجبا وغير محجب، ينتمي للإتحاد أو لا ينتمي.

ورسالتي هي أن الفوبيا المنظمة حاليا ضد حركة النهضة نحن الذين خلقناها لنقول بأنها إرهابية وتمنع وتفرض لأني تعاملت معهم ولم توجه لي اية ملاحظة بالرغم من عدم ارتدائي الحجاب، صحيح أن حركة النهضة تشجع على الحجاب ولكنها لا تفرض ذلك، وبالتالي لست مع إقصاء حركة النهضة التي كسبت تعاطفا كبيرا من الجميع.

أما عن رسالة حركة النهضة فتتمثل في أن أيديها مفتوحة إلى كل الطاقات الوطنية وهذا يتجسد حاليا في حكومة الوفاق التي كنا ندعو إليها، وقد تأكدت من خلال برنامجها أن الدين لا يمكن أن يطغى على السياسة و لا يمكن للسياسة أن تسيطر على الدين.

أثار حديثك عن الأمهات العازبات جدلا كبيرا ورفضا من عديد الجهات. فما هي رؤيتك لهذا الموضوع ؟

كانت حملة تشويهية مبرمجة ضد شخص سعاد عبدالرحيم لأن الإحصائيات لم تكن تمنح لحركة النهضة أكثر من 12% من الأصوات في دائرة تونس2 التي ترشحتُ عنها وكانت تضم عددا كبيرا من الشخصيات المعروفة وقد تمكنا من الفوز بثلاثة مقاعد في النهاية.

أنا في حواري لم أذكر الأمهات العازبات ولكني ذكرت ضرورة سن قانون يحمي المرأة التونسية من الإنجاب خارج منظومة الزواج ولكنه كان عبارة عن فخ لسؤال حول المرأة التي ترغب في الإنجاب خارج الزواج الشرعي، وقد أكدت أنّ كل ضحية للاغتصاب والتحرش والفقر والاستدراج ووعود زائفة، كلهن ضحايا وعلى الدولة ومكونات المجتمع المدني أن تحمي الضحية وتحمي ابنها وتمكنه من المواطنة ولكن أن نسنّ قانونا نحمي بموجبه من تريد بكل حرية أن تنجب خارج إطار الزواج، فهذا غير مقبول وبالتالي لا بد من المحافظة على الأسرة التونسية وتماسكها للعمل على التخفيض من مشاكل يبدو المجتمع التونسي في غنى عنها.

وهل هذا الموضوع كان وراء الاعتداء الذي تعرضت إليه يوم افتتاح المجلس الوطني التأسيسي؟

قد يكون كذلك، ولكني غير متأكدة، وهي في الواقع حملة شنت ضدي بكل أشكالها حتى أن البعض قال إن سعاد عبدالرحيم طالبت برميهم في البحر، هناك بعض الأسماء المعروضة وبعد اجتماع في نزل المشتل وتمت البرمجة وهناك

من هو من حزب سياسي معارض كان حاضرا في الاجتماع ورفض ذلك ولكنها كانت مؤامرة سياسية، وقد اجتمعت بعديد النساء اللواتي يطالبن بإدراج حقوقهن في الدستور وقد طمأنتهن وقلت سأكون مدافعة عنكن وسأكون أول معارضة لحركة النهضة إذا رفضت ذلك.

خلال الحملة الانتخابية الأخيرة لم يكن هناك حديث عن مجلة الأحوال الشخصية إلا من خلال حماية المرأة و صون حقوقها. لكن الإحصائيات تبين أن نسبة الإناث تفوق نسبة الذكور وفي كل الدول العربية والإسلامية هناك تحليل لتعدد الزوجات، فلماذا لا يتم ذلك في تونس ؟

في تونس قلنا إنها ثورة الكرامة، والمرأة التونسية ترى كرامتها وهي زوجة واحدة لا يشاركها غيرها في زوجها، وتعدد الزوجات ليس أمرا مفروضا، ولكنه مباح ولأننا نريد الحفاظ على كيان الأسرة التونسية ونحن لسنا في مجتمع اسلامي لنتقيد بقواعد اسلامية بل في مجتمع مسلم حداثي وبالتالي فمصلحة العائلة التونسية تقتضي الوقوف ضد المباح وهذا خيار المرأة التونسية.

ولكن عندما تتحسن الظروف الاجتماعية للمواطن التونسي يمكن التشجيع على الزواج المبكر والظروف الصعبة للتونسي هي التي تجعله يعزف عن الزواج، من جهة ثانية لا بد من التطرق لارتفاع نسبة الطلاق في تونس وهي من أكبر النسب في العالم وبتحسين الظروف الحياتية وتمتين العلاقات الأسرية يمكن أن نجد حلا لمشكل الطلاق.

الجامعية ألفة يوسف كتبت عبر صفحتها على فايسبوك التالي: quot; كم من عورة في المجلس التأسيسي، طبعا من حقهن أن يرين أنفسهن عورات، ومن حقنا أن نعلق على ذلك .. تحيا الحريةquot;.. ما تعليقك؟

أنا أعتبر ألفة يوسف مفكرة تونسية بطريقتها الخاصة، المرأة التونسية لم تكن أبدا عورة ومن شرف حركة النهضة أنها رفعت من عدد النساء في المجلس التأسيسي، لقد لاموا على حركة النهضة بأنها لم تشارك بشدة في نقاشات المجلس حول القانون المنظم للسلط ونحن قد شاركنا في إعداد هذا القانون وصادقنا عليه واقتنعنا به، وكان لنا هاجس يتمثل في عدم الدخول في متاهات النقاش البيزنطي الذي يأخذ كثيرا من الوقت ونحن أمام مسؤولية تشكيل الحكومة.

هنالك نساء تونسيات عديدات، يعرفن أنفسهنّ على أنهنّ حداثيات ومتحررات، يسخّرن حياتهن لأجل الدفاع عن حقوق المرأة وعن الأمهات العازبات والمثلية الجنسية والتساوي في الميراث.. ما تعليقك؟

هن مناضلات بطريقتهن، وحسب قناعاتهن وأنا أحترم آراءهن ولكني أخالفهن الرأي وليست لنا نفس المواقف حول عديد القضايا وأنا مع حرية التعبير والتفكير والمعتقد ومع الحريات العامة والخاصة، ولكن مع ضرورة احترام القواعد السارية والعادات والدين في البلاد و بالتالي منوال المجتمع الذي يعيش فيها.

بمعنى لا حرج لديك أن يدعو شخص ما في تونس إلى المثلية الجنسية؟

باسم الحرية لكل مواطن الحق في أن يطرح ذلك، وباسم حق الرد لنا أن نرفض.

اجتماعيا هذا غير مقبول ولكن كحرية كونية من حقه أن يدعو لكل ما يراه صالحا بالرغم من أن عديد الدول الأوروبية متحفظة على مثل هذه المواضيع، الإشكال في أن هذه المواضيع تطرح على مستوى النخب والأهم أن تطرح على المجتمع التونسي.

في حديثك عن الحرية الكونية قلت سابقا: quot;اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لا تمت بصلة إلى عاداتنا و تقاليدناquot;، فهل من توضيح ؟

أنا لم أتحدث في كامل المنظومة التي لها عديد الفروع، والمسائل التي ذكرتها في السؤال السابق لا تتطابق مع موروثنا الحضاري والثقافي والعقائدي.

كيف ترين وضعية المرأة التونسية حاليا؟

الرغم أن المجتمع التونسي ما يزال ذكوريا ودليلي على ذلك الهجمة الشرسة التي شنّت على شخصي وكان الأجدر بتلك النساء أن يدافعن عن المرأة حتى لو خالفتهن الرأي، وقد أصدرت جمعية النساء الديمقراطيات بيان تنديد ضد العنف الذي تعرضت له سعاد عبدالرحيم، وفي باب الدفاع عن المرأة التونسية كنت تقدمت بمقترح يتمثل في تغيير قانون الأحوال الشخصية وتحويله من قانون عادي إلى قانون أساسي.

كنت من النساء اللواتي تمّ اقتراحهنّ لشغل منصب وزيرة شؤون المرأة ولم يتم ذلك. فما الذي حصل؟

بالفعل كنت مرشحة لوزارتي المرأة والصحة، عندما ترشحت لعضوية المجلس التأسيسي قلت بأني سأكون دائما إلى جانب المواطن التونسي ويوم أكون في صف الحكومة قد أتغاضى عن طلبات الشارع التونسي وفي الوقت الحالي أرفض الوزارة وعندما أكمل مهمتي في أن أرى تونس مثلما وعدنا الشعب ساعتها يمكن أن أخدم بلادي من أي موقع، أنا أخدم شعبي بتمثيله، لا بممارسة السلطة عليه.