أثار زلزال اليابان والتسربات الإشعاعية التي حدثت العديد من التساؤلات عن ماهية الإشعاع النووي وما الفوائد والمخاطر المترتبة من تسربه ومدى أضراره على البشر، في وقت بدافيهاحتمال المخاطر مرتفعاً أكثر من أي وقت مضى حالياً في اليابان، حيث نقلت laquo;وكالة كيودو للأنباءraquo;، عن لجنة الامن النووي أن نشاطًا إشعاعيًا سجل في الموقع.
مع انتشار الأخبار حول الانفجار الذي شهدته محطة فوكوشيما النووية في شمال شرق اليابان دعا الخبراء السكانمن أجل البقاءفي منازلهم وإغلاق نوافذهم في دائرة أوسع من منطقة الـ10 كلم التي تم إخلاؤها، وأيضًا الأفراد الموجودين في الخارج إلى حماية جهازهم التنفسي بفوطة مبللة وتغطية أجسامهم إلى أقصى حد لتجنب تعرض جلدهم مباشرة إلى الهواء، وقد يتبادر إلى الأذهان تساؤلات عن ماهية الإشعاع النووي وما الفوائد والمخاطر المترتبة من تسربه ومدى أضراره على البشر مستذكرين كارثة quot;تشرنوبلquot; التي ذهب ضحيتها الآلاف في فترة طويلة.
ويعرف الإشعاع النووي على أنه ظاهرة فيزيائية تحصل في ذرات العناصر غير المستقرة، وتخسر النواة فيه جسيماتها وتتحول ذرة العنصر إلى عنصر آخر أو إلى نظير آخر من العنصر نفسه.
ومن الممكن أن يحوّل الإشعاع النووي الذرات في أنسجة الكائنات الحية إلى أيونات أو أن يتلف الأنسجة أو يدمرهاعن طريق تمزيق الجزيئات، وقد يشكل ارتفاع تركيز غاز الرادون، وهو غاز طبيعي مشععديم اللون والطعم والرائحة خطرًا على الرئة، حيث إنه أحد مصادر الإصابة بسرطان الرئة، إضافة إلى أن الأعراض تظهر على المدى الطويل فهي لا تظهر فورًا، وتشمل عددًا من الأمراض كالعقم والسرطان وفقدان الشعر ونقص في عدد كريات الدم البيضاء، وقد يؤدي إلى طفرة جينية في الحمض النووي، وفي حال تضرر الحمض النووي فإنه قد يسبب تشوهات في نسل الشخص المصاب.
على صعيد علاج الداء بالداء، فإن الاشعاع النووي ليس كله شرًا، حيث إنالتعرض له،وإن كان يؤدي للإصابة بمرض السرطان، إلا أنه أيضًا يستخدم في المعالجة منه، وكذلك يستخدم في الزراعة والأبحاث العلمية.
احتمال المخاطر بدا مرتفعاً أكثر من أي وقت مضى حالياً في اليابان، حيث نقلت laquo;وكالة كيودو للأنباءraquo;، عن لجنة الأمن النووي أن نشاطًا إشعاعيًا سجل في الموقع. ويقول العلماء ان هذا الزلزال اقوى بثمانية آلاف مرة من ذلك الذي ضرب منطقة كرايستشيرتش نيوزيلندا في الشهر الماضي.
وذكرت وكالتا laquo;كيودوraquo; وlaquo;جيجيraquo; قبل الانفجار، ان laquo;انصهارًا نوويًا قد يكون حصل في المحطةraquo;، في حين ذكرت محطة التلفزيون اليابانية العامة laquo;ان اتش كيraquo;، ان وكالة الامن النووي اوضحت ان انابيب معدنية تحتوي على اليورانيوم قد تكون ذابت.
تضرر نظام التبريد في المحطة جراء الزلزال الذي ضرب المنطقة الجمعة، ما حمّل السلطات امس، على توسيع المنطقة التي يجب اخلاؤها من السكان حول محطتي فوكوشيما النوويتين الى 20 كيلومترا.
وتعرض قضيبا وقود في المفاعل النووي الرقم واحدة، لفترة قصيرة للهواء امس، بعد انخفاض مستوى تبريد المياه، كما ذكرت quot;جيجيquot;. وصرح ناطق باسم شركة طوكيو للطاقة الكهربائية التي تشغل الموقع لـ quot;فرانس برسquot;، quot;نحاول رفع مستوى المياهquot;.
ولكن بحسب خبراء، فإن خطر التسرب إن حدث سيكون أخف وطأة في بلد مثل اليابان، حيث إن اليابان بحكم وقوعها في منطقة نشطة بالزلازل وقدرتها الكبيرة على تقليل وقعها، فإنها ولا بد أخذت الاحتياطات الكاملة في ما لو تعرضت مفاعلاتها النووية لأمر متوقع مثل هذا.
وهو أمر يذكر بما فعله ناشطون يابانيون عندما رفعوا قضايا عدة على بناء مفاعلات نووية في مناطق نشطة بالزلازل، حيث أمرت محكمة يابانية العام 2006 بإغلاق أحدث مفاعل نووي في البلاد بسبب مخاوف بشأن سلامته في حال وقوع زلزال.
وأقام سكان إيشيكاوا، في شمال غرب طوكيو، دعوى قضائية مفادها أن مفاعل quot;شيكاquot; خطر، وقد يحدث به تسرب إشعاعي في حال وقوع زلزال. وتعتمد اليابان بشدة على الطاقة النووية، لكن الثقة فيها اهتزت بسلسلة من الحوادث في الأعوام الأخيرة. وفي وقت سابق من العام عينه اندلع حريق في منشأة quot;أوهيquot; النووية في غرب اليابان، أصيب إثره شخصان.
وفي عام 2004، قتل خمسة عمال في مفاعل quot;ميهاماquot;، الواقع أيضًا في غرب البلاد، عندما انفجر أنبوب صدئ مغرقًا العاملين بالبخار الساخن والماء المغلي.
وقد تقدم الناشطون، ومقرهم قرب منشأة شيكا في إيشيكاوا، بالدعوى القضائية للمرة الأولى العام 1999، عندما بدأ العمل في ثاني أكبر مفاعل في البلاد. ويقولون إنهم معرضون لخطر دائم، يتمثل في احتمال وقوع حادث كبير في المفاعل، لأنه يقع قرب خط صدع، يقول خبراء حكوميون إن زلزالاً كبيرًا شدته 7.6 على مقياس ريختر قد يقع فيه.
ويوجد في اليابان 55 مفاعلاً نوويًا نشطًا، ويقع معظمهم في مناطق يحتمل أن تقع بها زلازل.
وعلى الرغم من أن اليابان تتعرض اليوم إلى أقوى زلزال في تاريخها، حيث تسبب تسوناميمع أمواج وصل ارتفاعها إلى 10 أمتار، وبلغت قوة الزلزال 8.9 درجة، وأحدث أيضاً ميل في محور الأرض بقدر 10 سم، إلا أن التقدم المهول لليابانيين في هندسة المباني والمنشآت ووضع معايير خاصة لمقاومة الزلازل ساهم في التقليل من حجم الخسائر المادية والبشرية.
يدعم ذلك التدرج انخفاضًا في عدد الوفيات في مرات سابقة تعرضت فيها اليابان للزلازل، حيث يلحظ متابعو تاريخ بلاد الشمس مع هذه الكوارث تطورًا ملحوظًا في إجراءات الحد من تأثيراتها البشرية والمادية في كل مرة عن سابقتها.
التعليقات