شارك الآلاف من فلسطينيي الـ48 في إحياء الذكرى الـ35 ليوم الأرض في مسيرات مركزية ثلاث دعت إليها لجنة المتابعة العليا لشؤون فلسطينيي الـ48، في عرابة البطوف واللد وقرية العراقيب البدوية غير المعترف بها. مؤكدين على تمسكهم بالأرض والوطن ورفضهم سياسات الحكومة الإسرائيلية.


القدس: طالب النائب العربي في الكنيست مسعود غنايم (القائمة الموحدة-العربية للتغيير)، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بإقامة لجنة تحقيق في أحداث يوم الأرض، التي وقعت في 30 آذار/مارس 1976، والتي قتل خلالها ستة مواطنين فلسطينيين من سخنين وعرابة وكفركنا ونور شمس، على يد قوات الشرطة وحرس الحدود الإسرائيلية، خلال مشاركتهم في المظاهرات التي خرجت احتجاجًا على مصادرة آلاف الدونمات العربية في منطقة المل في الجليل.

وسوّغ غنايم دعوته رئيس الوزراء الإسرائيلي، انه حتى اليوم لم يتم إقامة أي جسم بالتحقيق بشكل معمق في الأحداث التي جرت في يوم الأرض 1976، وكيف تم قتل ستة متظاهرين عرب، ومن هو المسؤول عن قتلهم، وما هي الأسباب التي أدت إلى يوم الأرضquot;.

وأوضح غنايم، وهو من سكان مدينة سخنين التي جرت فيها أبرز أحداث يوم الأرض، quot;أن تجاهل إقامة لجنة تحقيق في حدث مركزي وتراجيدي بالنسبة إلى المواطنين العرب، أدى ولا يزال يؤدي إلى سياسة quot;اليد الخفيفة على الزنادquot; ضد المواطنين العرب، وإلى قتل المزيد من المواطنين العرب على يد قوات الأمن الإسرائيلية، خاصة ما جرى في أحداث أكتوبر/تشرين الأول2000. إنها العقلية التي ترى في كل عربي عدوًا وخطرًا على أمن الدولة، وأن التعامل معه ينبغي أن يكون فقط عن طريق السلاح وإطلاق النارquot;.

يوم الأرض: يوم كسر فلسطيني الـ48 حاجز الخوف

وخلال اجتماع اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية في بلدية شفاعمرو، في 25 في آذار/مارس 1976 صعد رئيس بلدية الناصرة النائب الراحل توفيق زيّاد خلال الاجتماع على الطاولة وقال :quot; الشعب قرر الإضرابquot;، ومنذ ذلك التاريخ بات يوم الأرض الخالد، يشكل علامة فارقة وبارزة في تاريخ نضال الشعب الفلسطيني، حين أعلن فيه فلسطينيي الـ48 تمسكهم بأرض آبائهم وأجدادهم، وتشبثهم بهويتهم الوطنية والقومية وحقهم في الدفاع عن وجودهم رغم كل السياسات الإسرائيلية الممارسة في حقهم.

في ذكرى يوم الأرض..ومقاومة التهويد

تصادف الذكرى الـ35 ليوم الأرض الخالد مع استمرار سياسية التنكيل والمصادرة وسلب الأرض العربية من قبل الحكومة الإسرائيلية، ولم يستثن شبح المصادرة أي منطقة من مناطق تجمع فلسطينيي الـ48، إن كان ذلك في النقب، والمدن الساحلية، والمثلث والجليل.

فالأرض كانت وما زالت الركيزة الأساسية في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، فمنذ انطلاق المؤتمر الصهيوني الأول في بال في سويسرا في عام 1897، كانت ضمن أدبيات الحركة الصهيونية العالمية، وتواصلت خلال فترة الاستيطان اليهودي في فلسطين إبان الانتداب البريطاني، وتحولت إلى الهاجس الأول بعد إقامة دولة اسرائيل عام 1948، على أنقاض الشعب الفلسطيني.

استمرار مخططات التهويد

اليوم وبعد مرور 35 عامًا على يوم الأرض الأول 1976، لا تزال سياسة مصادرة الأراضي العربية تتواصل من قبل السلطات الإسرائيلية، والقائمة على مصادرة العربية بذرائع مدعومة بالقوانين التي شرعنتها المؤسسة الإسرائيلية لأجل تبرير ممارساتها الهادفة للاستيلاء على الأرض العربية، من منطلق تركيز اكبر عدد ممكن من المواطنين العرب وحصرهم في اقل مساحة ارض، بالتالي تضييق الخناق ومحاصرتهم، لمصلحة مخططات التهويد والمشاريع الاستيطانية،والحدّ من تطور وتوسع المدن والقرى العربية.

خلال العامين الماضيين، وبعد عودة اليمين الإسرائيلي المتطرف لسدة الحكم، كرّست حكومة نتانياهو سياسة المصادرة وملاحقة المواطنين العرب في أماكن وجودهم كافة، وفي قراءة سريعة لما جرى بين الذكرى الـ34 والـ35 كثفت حكومة نتانياهو عمليات الهدم والاستيطان في النقب والمثلث والجليل ومدن الساحل.

وواصلت السياسية نفسها،التي تعمّق الشرخ والاضطهاد القومي، إذ لم تنجُ أي منطقة من مناطق تجمع فلسطينيي الـ48 في النقب والمثلث والجليل من شبح المصادرة.

النقب: مواصلة مشروع التهجير

يأتي يوم الأرض في هذا العام في ظل استشراس الهجمة السلطوية على فلسطين عامة، وفلسطين المحتلة عام 1948، فواصلت حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف عمليات التهويد للحيز والمكان الفلسطيني، وكانت منطقة النقب في جنوب فلسطين المحتلة الأبرز في عملية تضيق الخناق على فلسطينيي الـ48، حيث شهدت المنطقة خلال العام 2011 مساعي تهويد إسرائيلية حثيثة، بدءًا من هدم قرية العراقيب 20 مرة وصولاً إلى الكشف أول أمس عن مخطط جديد لمصادرة مليون دونم من بدو النقب.

فقد تصاعدت وتيرة هدم البيوت العربية، ووصل عدد المباني إلى عشرات البيوت في المثلث ومئات في النقب، وتسوغ السلطات الإسرائيلية سبب قيامها بهذه الأعمال بالعمل على تحقيق يهودية الدولة، والتي تستثني سكان الأرض الأصليين والشرعيين، وتربط الحقوق مقابل الواجبات في دولة يهودية وديمقراطية.

ومنذ العام 1948 تسعى الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إلى تهويد النقب، وتقوم برصد الموارد والميزانيات من اجل تحقيق حلم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول دافيد بن غوريون، الذي سعى إلى استجلاب اكبر عدد ممكن من المستوطنين اليهود إلى النقب.

وتعرّض فلسطينيو النقب لسياسة إسرائيل العنصرية أكثر من غيرهم في أراضي الـ48، اذ لم يتبق اليوم سوى 1.1 مليون دونم، قامت إسرائيل بمصادرة كل اراضيهم، البالغة نحو 10 مليون عشية النكبة، واليوم تعمل على مصادرة البقية الباقية منها.

يعيش في النقب نحو 180 ألف فلسطيني من فلسطيني الـ48، حيث يعيش أكثر من نصفهم في 45 قرية غير معترف بها في ظروف صعبة تتنافى مع ابسط الحقوق الإنسانية، وترفض السلطات الإسرائيلية الاعتراف بقراهم، وتعمل على تجميعهم وتركيزهم في 7 تجمعات تركيز، على غرار القرى السبع التي أقامتها بعد حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973، وذلك على الرغم من وجودها قبل قيام إسرائيل، وتمتنع عن ربطها بشبكة المياه أو بالكهرباء، وحرمان أهاليها من خدمات الصحة والتعليم، الضغط على السكان العرب للقبول بمخطط حكومي لتجميع أهالي هذه القرى في عدد صغير من القرى والبلدات حتى يتسنى للسلطات الإسرائيلية الاستيلاء على أراضيها. ولا يكاد يمر أسبوع في النقب دون هدم منازل عربية خاصة في القرى غير المعترف بها.

المثلث: تسريع إقامة مستوطنة حريش لليهود المتزمتين

في المثلث وسط اسرائيل لا يختلف الوضع كثيرًا عن ما يجري في النقب، إذ تعرّضت مدن وقرى وادي عارة إلى حملة شرسة، تقوم على أساس تضييق الخناق على البلدات العربية فيها، والحد من توسعها، ولعل إقرار وزارة الإسكان الإسرائيلية إقامة مدينة حريش للمتزمتين اليهود مثال حي على ما يجري، حيث كشف النقاب عن مخطط لتحويل مستوطنة quot;حريشquot; في وادي عاره إلى مدينة يهودية في قلب التجمع السكاني العربي، وتلتهم مساحات شاسعة من أراضي القرى العربية، وتحد من إمكانية توسعها.

ويهدف مخطط quot;حريشquot; إلى توسيع المستوطنة القائمة، والتي تحمل الاسم نفسه، لتتسع في مراحلها الأخيرة إلى مائة وخمسين ألف نسمة، و30 ألف وحدة سكنية على حساب أهالي وادي عاره، بهدف قلب الميزان الديمغرافي في وادي عاره،تستهدف الوجود العربي في وادي عاره.

هذا إضافة إلى توسيع شارع 65 الذي بدوره يلتهم مئات الدونمات من أراضي قرى كفر قرع وعرعرة وخور صقر والبويرات وأم الفحم وعين إبراهيم ومشيرفة والبياضة. ويتضمن تحويل الشارع إلى ثلاثة مسارات، وبناء ثمانية محولات، سبعة منها ستقام على الأراضي العربية.

الجليل: ترشيحا ويانوح وجث وكفر سميع وطرعان تواجه خطر المصادرة

قرية ترشيحا هي الأخرى طالتها مخططات المصادرة، وفقدت 59 ألف دونم منذ إقامة دولة اسرائيل، بعدما كانت تملكها لتعيش محاصرة على 1000 دون ، فيما يعيش عشرات آلاف من سكانها المهجرين في الشتات، وينعم سكان quot;معلوتquot; اليهود بمساحات واسعة من الأراضي والمناطق الخضراء المصادرة من العرب ومناطق الترفيه المقامة على أرضيهم.

قرية طرعان شمال الناصرة كان لها نصيب من مخططات المصادرة، حيث تتعرض طرعان لخطر يهدد مصادر أراضي جبل طرعان، والبالغة مساحتها 12 ألف دونم، في إطار خطة تهويد وإقامة مستوطنة يهودية واستيعاب 300 مستوطن.

أما قرى يانوح وكسرى وكفر سميع الدرزية فتواجه اليوم مخططًا إسرائيليًا جديدًا يهدف إلى مصادرة ما تبقى من أراضيها، إذ كانت يانوحتملك عام 1948 ما مجموعه 13500 دونم من الأراضي المتنوعة، حرجية وزراعية، ولم يبق سوى 2800 دونم فقط، والان تواجه مخططًا إسرائيليًا جديدًا يسلب 350 دونميطال قرى كسرى والبقيعة وجت وغيرهاquot;.

وفي البقيعة ثمة مخطط يبين أنه سيطال 12 حوضًا (بلوك) تشمل مئات القسائم تضم آلاف الدونمات، يقضي بتوسيع منطقة نفوذ المجلس الإقليمي quot;معالي يوسفquot;، الواقع في الجليل الغربي على حساب أراضي القرى أعلاه، جاء من دون أيّ ذكر بأنّ المساحات المذكورة تتبع لنفوذ تلك السلطات المحلية أصلاً، علمًا أن هذه المنطقة تعادل أكثر من 20% من احتياطي الأراضي للسلطات المحلية في كسرى وكفر سميع ويانوح وجت، الأمر الذي يحدّ من قدرة السلطات العربية على تنفيذ مشاريع حيوية لمصلحة سكانها مستقبلاً أو توسيع مسطحات البناء فيها.

وفي قريتي عسفيا ودالية الكرمل شرق حيفا، تواجهان هما الآخرين مخططًا لمصادرة مئات الدنمات من أراضي الجلمه والمنصورة، لمد خطوط للغاز الطبيعي، ويعاني أهاليالبلديتين مشاكل في الخرائط الهيكلية المجمدة.وقد احتج الأهالي على قرار من حكومة اسرائيل الاستيلاء على مساحات واسعة من أراضيهم لمد أنبوب للغاز الطبيعي فيها ولشق المقطع الشمالي لطريق quot;عابر اسرائيلquot; دون أن يعوّضهم عن بديل لهذه الأراضي.

وفي منطقة أم الشقف التابعة لقرى الكرمل ثمة مخطط لمصادرة 4132 دونما، وتحويلها إلى منطقة حدائق تابعة لما يسمى quot;بارك هكرميلquot;، ولا تقتطع شبرًا واحدا منquot;أراضي الدولةquot;.