الجزائر:يحتفل الجزائريون الخميس بالذكرى الـ 58 لثورة أول نوفمبر 1954 والتي كانت وراء إنهاء 132 سنة من الاحتلال الفرنسي وخلفت مليون ونصف المليون شهيد وسط جدل متواصل حول رفض باريس الاعتراف بجرائم الاستعمار .

وتشهد كل المدن الجزائرية في هذه الذكرى احتفالات رمزية بهذه الثورة -التي توصف من قبل المؤرخين من أنها الأكبر في القرن العشرين- حيث يكرم مجاهدون شاركوا في الثورة وكذا عائلات الشهداء.
وأصدر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عشية هذه المناسبة عفوا عن مئات المساجين باستثناء المتورطين في جرائم وقضايا إرهاب.
وسارع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في خطوة بروتوكولية إلى تهنئة نظيره الجزائري بهذه المناسبة في برقية قال فيها quot;بمناسبة الفاتح من نوفمبر يطيب لي أن أوجه لفخامتكم ولكافة الشعب الجزائري تمنياتي الصادقة والوديةquot;.
وأكد هولاند الذي يستعد لزيارة الجزائر شهر ديسمبر/ كانون الأول القادم أن quot;الزيارات الوزارية الأخيرة المتبادلة بين بلدينا وكذا آفاق زيارة الدولة المقبلة التي سأجريها (الى الجزائر) تندرج ضمن الطموح الأكيد إلى التوجه نحو المستقبل بغية توطيد صداقة مستديمة بين وطنيناquot;.
وتحاشى الرئيس الفرنسي التطرق لملف الذاكرة الشائك في رسالته واكتفى بالحديث عن ارتياحه quot;للحيوية المتجددة لعلاقاتنا التي تنعكس من خلال المجالات المتعددة التي يتعاون فيها بلديناquot;.
واستبق وزير المجاهدين محمد الشريف عباس زيارة هولاند ليجدد مطلب الجزائر لفرنسا بضرورة الاعتراف بجرائم الاستعمار.
وقال عباس في تصريحات صحفية بمناسبة ذكرى اندلاع الثورة أنه quot;بالنظر لما اقترفه هذا المستعمر من جرائم في حق شعب أعزل وبالنظر لمخلفاته والآثار العميقة التي تركها حتى عند الأجيال التي لم تعايش فترة الاستعمار والكل يدرك ما عاناه شعبنا من تنكيل وتعذيب وبطش ودمار فالجزائريون يريدون اعترافا صريحا لما ارتكب في حقهمquot;.
و اعترفت فرنسا لأول مرة بمجازر 17 أكتوبر/ تشرين الأول سنة 1961 ضد متظاهرين جزائريين خرجوا للمطالبة بالاستقلال بباريس وهي خطوة لاقت ترحيبا بالجزائر لكنها اعتبرت quot;غير كافيةquot;.
وقال فرانسوا هولاند بشأن تلك الأحداث quot;الجمهورية تقر بوعي بهذه الوقائع، بعد 51 عامًا على هذه المأساة، أوجه تحية إلى ذكرى الضحاياquot;.
وتسعى باريس من خلال الزيارة المرتقبة لهولاند إلى الجزائر لإعادة بعث العلاقات بين البلدين بعد فترة جمود طبعت العلاقات خلال ولاية سلفه نيكولا ساركوزي.
ورأى الإعلامي الجزائري المتخصص في العلاقات الجزائرية الفرنسية محمد مسلم أن quot; زيارة هولاند ستكون كسابقاتها، ستواصل فرنسا الدفاع بقوة عن مصالحها في الجزائرquot;.
وأوضح في تصريحات لمراسل وكالة الأناضول أن quot;اعتراف فرنسا بجريمة 17 أكتوبر 1961، مجرد ذر للرماد في العيون، لأن هذا اليوم لا يعدو أن يكون مجرد يوم واحد من أزيد من 48 ألف يوم من الاستعمار وجرائم الإبادة في حق الجزائريينquot;.
وبشأن فشل السلطات الجزائرية إلى اليوم في الحصول على اعتذار فرنسي على جرائم الاستعمار قال مسلم quot;أعتقد أن السلطات الجزائرية ليست جادة في مطالبة فرنسا بالاعتراف بجرائمها الاستعمارية وهذا راجع لغياب الإرادة السياسية كما أن هناك لوبيات محسوبة على التيار الفرانكوفوني معششة في هرم السلطة الجزائريةquot;.
واستدل على ذلك بالقول quot;السلطات الجزائرية تملك أوراقا للضغط على فرنسا من أجل حملها على الاعتراف، لكنها لم توظفها في الضغط على المستعمرة السابقةquot;
وأوضح الإعلامي محمد مسلم quot;الجزائر تصر على فصل الجانب الاقتصادي عن مسألة الذاكرة في تعاملها مع فرنسا وهذا توجه يقوده تيار نافذ في السلطة يرى في ضرورة الاستفادة من التكنولوجيا الفرنسية لكن لم يتحقق شيء من ذلكquot;.