ينذر فتح ملف الحسابات الخصوصية، أو كما يحلو للبعض تسميتها بـ quot;الصناديق السوداءquot;، بنقاشات ساخنة داخل مجلس النواب. ويأتي طرح هذا الملف في البرلمان، بعد تفجّر quot;فضيحةquot; تبادل المنح بين وزير الاقتصاد والمالية صلاح الدين مزوار، وخازن المملكة الحالي نور الدين بنسودة.


أيمن بن التهامي من الرباط: بدأت قصة تبادل المنح، حسب تقارير إعلامية، في 27 نيسان/ أبريل 2010 حينما قرر صلاح الدين مزوار توقيع وثيقتين بمنحتين للخازن العام للمملكة.

تحمل الوثيقة الأولى اسم quot;قرارquot;، وهي منحة سمّاها وزير المالية آنذاك quot;منحة فصلية صافيةquot;، وبلغت 20 مليون سنتيم، قدمت من حساب خاص لوزارة المالية.

في اليوم نفسه وقع مزوار وثيقة ثانية حصل بموجبها الخازن العام للمملكة على أكثر من ثلاثة ملايين سنتيم من حساب خاص لوزارة المالية.

أثارت هذه التعويضات لدى تداولها إعلاميًا سخطًا كبيرًا، ورفعت الأصوات المطالبة بإدراج هذه الحسابات في قانون المالية. في هذا الإطار، قال عبد الله بوانو، رئيس فريق العدالة والتنمية في مجلس النواب، quot;نحن نستحضر ما التزمت به الحكومة في محاربة الفساد، والشفافية، والحكامة المالية، وبالتالي فإن مطلبنا بإدراج هذه الصناديق في قانون المالية ينسجم مع ما صرح به، وما هو مضمن في البرنامج الحكوميquot;.

وأضاف رئيس فريق العدالة والتنمية (قائد الائتلاف الحاكم) quot;نحن نؤمن أن الحكامة المالية تبنى أولاً على قواعد، من بينها أن الميزانية ثانوية، وشاملة، ويجب أن تكون شفافة وموحدة، غير أن وحدة الميزانية تتطلب بأنه لا يجمع ولا يصرف ولا يحصل أي نقد مالي إلا في إطار هذه الوحدةquot;.

وقال عبد الله بوانو، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;للأسف في المغرب ليست لدينا وحدة الميزانيةquot;، وزاد موضحًا quot;لدينا ميزانية عامة، نعرف نفقاتها ومصادرها، لكن هناك بعض الصناديق نعرف بعضًا من كيفية تحصيلها، غير أننا لا نعرف كيفية صرفهاquot;.

وأكد القيادي السياسي أنه، من هذا المنطلق، quot;نطالب بأن تكون الصناديق الثلاثة التابعة لمديرية الضرائب، والخزينة العامة، والجمارك، ضمن الميزانيةquot;.

وذكر أن هذا المطلب كان يتقدم به الحزب منذ أن كان في المعارضة، ومضى مفسرًا quot;كنا نقول إن بعض الصناديق هي خارج المراقبة والتتبع، وخارج المنطق السليم لتقديم الميزانية. واليوم وبعدما أثير حول موضوع تعويضات صلاح الدين مزوار وبنسودة والتبادل بينهما أصبح الأمر أكثر إلحاحًاquot;.

وأضاف quot;قيل لنا إن المجلس الأعلى للحسابات يدقق في هذه الصناديق، فتريثنا حتى نرى مآل هذه المراقبة، ولكن بعد مرور مدة وتوقف عمل المجلس الأعلى في هذا المجال سنتقدم بالتعديلات التي تهم كيفية إدخال هذه الصناديق للميزانية العامةquot;.

من جهته، أكد المستشار البرلماني محمد دعيدعة، رئيس الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية، أن قانون المالية يأتي بتقرير سنوي مرافق لقانون المالية يتضمن الحسابات الخصوصية، مشيرًا إلى أن quot;النقصquot; المسجل يتمثل في كون quot;البرلمان ليست لديه السلطة لمراقبة هذه الحسابات، وبالتالي فإن الاجتهاد التنظيمي الذي يجب أن يكون في القانون التنظيمي للمالية هو منح الحق للبرلمان في مراقبة هذه الحساباتquot;.

وذكر المستشار البرلماني محمد دعيدعة، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;هذه الحسابات تتطلب الإصلاح، الذي من المفروض أن يأتي به القانون التنظيمي للمالية، وأن لا يكون هناك تعدد لهذه الحسابات الخصوصيةquot;.

وأوضح رئيس الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية أن quot;هذه الحسابات تكون من أجل غرض أو هدف ما، وتنتهي بتحقيق ذلك الهدفquot;.

يشار إلى أن الحسابات الخصوصية هي صناديق تصرف منها مكافآت، وذلك استنادًا إلى الفصل 28 من القانون المالي، الذي يرخص بمنح العلاوات والمكافآت للموظفين السامين في وزارة الاقتصاد والمالية.

ولم يخضع هذا الفصل المنظم لهذه الحسابات، منذ إحداثه سنة 1965، لأي تعديل أو مراجعة، لكونه يطلق اليد لوزراء المالية لتحديد قيمة المكافآت ولائحة المستفيدين منها، كما يرخص لوزير المالية نفسه بوضع اسمه على رأس اللائحة، إذا اعتبر نفسه موظفًا ساميًا.