فيما يتوجه الناخبون في الكويت يوم السبت في الأول من كانون الأول (ديسمبر) إلى صناديق الاقتراع لاختيار مرشحيهم لمجلس الأمة، تنطلق يوم الجمعة مسيرة معارضة تضم كتلًا سياسية وبرلمانية سابقة، ذات ثقل تاريخي، تنادي بمقاطعة الاقتراع، بعدما قاطع أفرادها الترشّح.


وسط حملات انتخابية استخدم المرشحون فيها جميع وسائل الإعلان والإعلام والديوانيات، وفي ظل حملة إعلامية قوية تقودها الحكومة لتوعية المواطنين حول أهمية الإدلاء بأصواتهم، تقف كتل المعارضة، التي كانت تشكل غالبية في مجلس 2012 الذي حل في يونيو 2012 بحكم المحكمة الدستورية، معترضة على مرسوم ضرورة أميري صدر بعد حل المجلس، قلص عدد الأصوات التي يحق للناخب التصويت لها من أربعة أصوات إلى صوت واحد.

تطور في الرأي العام

تعليقًا على هذا الاحتجاج، يقول المستشار الدستوري الدكتور محمد الفيلي لـ quot;إيلافquot; إنه لا يقوم على أساس quot;مخالفة المشروعية، وإنما الملاءمة في إصدار التشاريع، فلا يجوز لسلطة من السلطات الانفراد بالتشريع بمعزل عن الأخرىquot;.

ويضيف أن هذا الاحتجاج quot;يستحق أن نقف عنده، لأننا بصدد ظهور رأي عام يطالب باحترام أدق لمبدأ المشروعية، وهذا الواقع مؤشر إلى تطور نوعي في موقف الرأي العامquot;.

ويستبعد الفيلي أن يكون سبب الاحتجاج هو اقتصار التصويت على اسم مرشح واحد بدلًا من الأربعة، قائلًا إن الهدف quot;تنظيم الحياة السياسية، وهذا يحتاج إلى أدوات أهمها وجود أحزاب أو جماعات سياسية وهي الأولى بالتركيز عليها بدلًا من التركيز على النظام الانتخابيquot;.

ويذكر الفيلي أن لا معارضة في الكويت بمعنى كيان سياسي يعمل وفق برنامج محدد، لكن ثمة ائتلاف معارض، تجمع أفراده قضايا وتفرقهم قضايا أخرى، quot;فهناك عدد من القوى السياسية عارضت الترشح للانتخابات، فيما شاركت قوى أخرى في تلك الانتخاباتquot;.

التجديد في الجديد

عن تصوره للمجلس الجديد، قال الفيلي إن الوجوه الجديدة التي ستشكل هذا المجلس، وهي ستكون الغالبية، quot;ستواجه تحديًاكبيرًا في إقناع الناخب بقدرتها السياسية، وهذا أمر جديد على المجلس قد يكون إيجابيًا، لأن الوجوه السابقة هرمت وضعفت قدرتها على التجديدquot;.

وأكد أن مجموعة المعارضة التي تقاطع الترشيح والانتخاب quot;مجموعة لها ثقلها في الرأي العام، وتأتي مسيرتها الجمعة لتأكيد وجودها، وما يميز مسيرتها هو حصولها على ترخيص حكوميquot;.

يذكر أن شعار مسيرة المعارضة، التي حصلت على ترخيص من الحكومة لمسيرتها يوم الجمعة، هو quot;كرامة وطن 3quot;، إذ سبق أن نظمت تلك المعارضة مسيرتين تحملان اسم quot;كرامة وطنquot; من دون ترخيص من الحكومة، وشابها مواجهات بين جماهير المعارضة وأفراد الأمن.

مجلس تاريخي

ناصر المري، مرشح الدائرة الخامسة، يؤكد لـ quot;إيلافquot; أن مقاطعة المعارضة للانتخابات لن تعيق توافد المواطنين والمواطنات على صناديق الاقتراع، quot;فنحن دولة مؤسسات لا يوقفها أحدquot;، كما يقول.

وفي رده على سؤال شاع بين الكويتيين، يتساءلون أين الحكماء في الكويت ليوصلوا ما انقطع بين المختلفين؟، يجيب: quot;الحكيم الأول هو صاحب السمو أمير البلاد، فقد اتخذ القرار المناسب لإنهاء الصراع بين المعارضة والحكومةquot;.

وعن برنامجه في حال وصوله لمجلس الأمة، يقول المري إنه سيعمل لإقرار قانون الانتخابات بصوت واحد وبخمس دوائر انتخابية، وإقرار قانون الذمة المالية، quot;كما سأتقدم بطلب تشريع قوانين لمعالجة الازدحام المروري، وتفعيل خطط التنمية، وحل مشكلة البطالة، ومشكلة القروض، والرعاية السكنية، والتأمين الصحي للمواطنينquot;.

ويؤكد المري أن المجلس الجديد سيكون مجلسًا تاريخيًا في الحياة الديمقراطية الكويتية، وأكثر المجالس النيابية تشريعًا للقوانين التي تهدف إلى دفع عجلة التنمية، وعمل نقلة نوعية في الخدمات والبنية التحتية، quot;فالسنوات السابقة ضاعت بين صراع السلطتين التشريعية والتنفيذية، وسيكون المجلس الجديد مجلس إنجازات وتعاون بين السلطتين، لا سيما أنه سيضم 50 شابًا طموحًا، مجتمعين على هدف واحد هو المصلحة الوطنية وتحقيق ما عجزت عنه المجالس النيابية السابقةquot;.

أول انقسام

في تصريح خاص لـ quot;إيلافquot;، يلفت المحلل السياسي والأكاديمي الدكتور عايد مناع إلى أن هذه الانتخابات هي الأولى التي ينقسم فيها الكويتيون بين مؤيدين لإجراءات الانتخابات ومعارضين لها. يضيف: quot;أغلبية 2012 لا تعترض على الانتخابات بذاتها، ولكن على إصدار مرسوم ضرورة قلص عدد الأصوات من أربعة إلى صوت واحد، إذ يعتبرونه تفردا بالسلطةquot;.

ويشير مناع إلى أن هذه الأغلبية المعارضة تمثل قاعدة كبيرة من المواطنين، إذ تضم التحالف الوطني الديمقراطي، والتجمع السلفي الإسلامي، والحركة الدستورية، والمنبر الديمقراطي، ونسبة من التجار السياسيين، إلى جانب قوة قبلية ذات حضور معتاد في البرلمان، منها قبائل المطير والعوازم والعجمان والرشايدة والظفير وشمر وعنزة.

وبحسب مناع، يعتبر البعض مقاطعة الأسماء النيابية المؤثرة ذات النجومية السياسية quot;فرصة لدخول أفراد جدد لمجلس الأمة، ما كانوا ليدخلوها لولا مقاطعة تلك الأسماء للانتخاباتquot;.

ويتوقع مناع أن يكون حجم مسيرة quot;كرامة وطن 3quot; كبيرًا، ومؤشرًا على قوة المعارضة للإنتخابات. كما يتوقع أن تتسم الانتخابات الجديدة بإقبال ضعيف على صناديق الاقتراع، على الرغم من الحملة الإعلامية المكثفة التي تتبناها الدولة ووسائلها.

الحل في هوية النظام

يأسف مناع لما ستؤول إليه الأمور إذ لا يرى أفقًا للصراع في الكويت، quot;بل سيستمر إلى أن يتم توافق على آلية الانتخابات، وهذا سيكون حلًا موقتًا. أما الحل الدائم، فهو أن تتحدد هوية النظام السياسي، إما نظام رئاسي خالص، أو نظام برلماني خالص، وأن يتم تشكيل الحكومة بناء على قراءة موضوعية لنتائج الانتخابات بحيث تشكل الأغلبية النيابية الحكومة، سواء حصل تشكيلها من النواب أو ممن يرشحهم النواب، أو مختلط بين الإثنينquot;.

ويرى مناع أن هذا الحل سيوفر حالة من الاستقرار السياسي للحكومة، تمكنها من تنفيذ برامجها التنموية التي تتفق عليها مع مجلس الأمة، quot;وما عدا ذلك ستظل الكويت تدور في حلقة مفرغة، وفي أزمات سياسية متكررةquot;.

ويقترح مناع تقسيمًا جديدًا لدوائر الانتخاب، يقول: quot;في السابق، كان عدد الدوائر الانتخابية 25 دائرة، تقلصت في السنوات القليلة الماضية إلى خمس دوائر. وأنا أقترح أن تتوسع إلى خمسين دائرة وبصوت انتخابي واحدquot;.

أعداد واستعدادات وصمت

يذكر أن عدد الناخبين والناخبات في الكويت هو 422 ألف ناخب وناخبة، وعدد المرشحين حتى يوم الأربعاء 28 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي كان 306 مرشحين ومرشحات، بعد شطب 37 مرشحًا، حكمت الدائرة الإدارية في المحكمة الكلية بإلغاء شطب مجموعة كبيرة منهم.

أما الاستعدادات الحكومية لهذه الانتخابات فقد اتسمت بتجهيزات متعددة وكبيرة، فاقت الانتخابات السابقة، منها ما أعدته وزارة الإعلام والداخلية للصحافيين والإعلاميين من مراكز متعددة ومجهزة.

كذلك جهزت إدارة الطوارئ الطبية 64 عيادة موزعة على الدوائر الانتخابية، و24 سيارة إسعاف، و48 فني طوارئ طبية، عدا الاستعدادات الأمنية وغيرها مما يتطلبه يوم الانتخابات من كوادر بشرية مدربة.

وسيتم تطبيق الصمت الانتخابي يومي الجمعة والسبت القادمين، إذ منعت وزارة الإعلام الصحف ووسائل الإعلام من بث أي مواد إخبارية أو إعلانات عن المرشحين خلال يوم الاقتراع واليوم الذي يسبقه.