تشتهر القاضية السويسرية كارلا دل بونتي التي عينت الجمعة عضوا في لجنة الامم المتحدة للتحقيق في الجرائم المرتكبة في سوريا، بصراحتها وعفويتها اللتين زادتا من اعدائها وخصومها.


جنيف: أوجدت هذه المرأة القصيرة القامة ذات الشعر الاشقر القصير التي عينت مدعية عامة لمحكمة الجزاء الدولية ليوغوسلافيا السابقة اواخر 1999، سابقة بإصرارها على مثول رئيس دولة سابق هو الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش امام القضاء الدولي لمحاكمته على جرائم حرب.

وأرضت هذه النتيجة كارلا دل بونتي، ابنة ممرضة وصاحب فندق، المولودة قبل 65 سنة في لوغانو في سويسرا الايطالية، والتي تؤكد انها تمارس مهنتها quot;لأمر اتمسك به كثيرا هو التصدي للإفلات من العقابquot;.

ويحتل هذا المبدأ اليوم صلب أولويات لجنة التحقيق في سوريا، حيال خطورة جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي تقوم بتوثيقها للقيام بملاحقات لاحقة.

وهذا التعطش الى العدالة قاد خيارات كارلا دل بونتي، من تحقيقاتها ضد المافيا الى جانب القاضي الايطالي جيوفاني فالكوني حتى التحقيقات التي أجرتها في الاوساط المالية السويسرية عندما كانت المدعية الاتحادية في التسعينات.

القاضية السويسرية كارلا دل بونتي

وتمسكها في تلك الفترة بتسمية الاشياء بأسمائها زاد من اعدائها في الاوساط المصرفية السويسرية المعتادة على الاجواء الغامضة.

وعرضتها تحقيقاتها حول المافيا لمخاطر كثيرة حملت السلطات المختصة على تأمين حماية لصيقة لها.

وخلال السنوات الثماني التي أمضتها في محكمة الجزاء الدولية، كان لتصريحاتها حول توقيف قادة سابقين عسكريين وسياسيين من صرب البوسنة وقع الصاعقة.

ودائما ما كانت تتهم السلطات الصربية بالتقاعس في اعتقال راتكو ملاديتش. وفي بلغراد، باتت العدو اللدود للقوميين.

ولم تتردد ايضا في توجيه النقد الى قوات حلف شمال الاطلسي في البوسنة، وبطريقة غير مباشرة الى بلدان الحلف التي تتوانى عن ملاحقة رادوفان كرادجيتش. وانتقدت ايضا تحفظ الغربيين عن اجراء تحقيقات حول جيش تحرير كوسوفو.

وقال دبلوماسي اوروبي معتمد في البوسنة quot;لم تتأثر على ما يبدو لا بالعصابات المحلية ولا بالقوى العظمى. وتعكس هذه المرأة القصيرة القامة صورة داود يحارب جولياث وهذا ما يجعل ضحايا الجرائم يثقون بهاquot;.

إلا ان قرار كارلا دل بونتي بألا تفتح تحقيقا حول عمليات القصف التي قام بها الحلف الاطلسي في البوسنة وكوسوفو تعرض لانتقادات شتى من منظمات مثل منظمة العفو الدولية التي اعتبرت انها سرعان ما اكتفت بامتناع الحلف الاطلسي عن الرد على اسئلتها.

ويشكك البعض ايضا في اتساع معلوماتها القانونية. وقال قاض في محكمة الجزاء الدولية ان quot;القانون في نظرها هو العجلة الاخيرة في العربةquot;.

وفي مقابل صورة المرأة الحديد الملتصقة بها، يتحدث معاونوها المقربون عن كارلا دل بوني المرأة العاطفية التي تتسم بصفات انسانية والمنفتحة والتي تتقن فنون الدعابة والفكاهة.

وقد اشاد نائب المدعي العام في محكمة الجزاء الدولية ب quot;مرونتهاquot; وquot;ارادتهاquot;، لكنه اعرب عن اسفه لرفضها مبدأ التسويات. وقال quot;تريد ترتيب الامور على طريقتها ايا تكن العواقبquot;.

لذلك فقدت تفويضها في المحكمة الخاصة لرواندا الذي لم يجدده مجلس الامن الدولي. وبعد ثماني سنوات في محكمة الجزاء الدولية، عينت كارلا دل بونتي في 2008 سفيرة لسويسرا في الارجنتين.

وفي 2011، تقاعدت وهي تعيش اليوم في تيسان مسقط رأسها. وقد اقترحت الحكومة السويسرية رسميا تعيينها في لجنة التحقيق. وقال دبلوماسي غربي في الامم المتحدة الجمعة ان quot;الاستعانة بهذه الشخصية القوية والمعترف بها رسالة واضحة تفيد أن القضاء سيطبق على المجرمين السوريينquot;.