دفع التطهير العرقي والتهجير القسري غالبية المسيحيين الآشوريين للهرب من شرق تركيا منذ عقود، لكن سياسات رجب طيب أردوغان أعادتهم إلى منازلهم.



بيروت: الأمن المتزايد في تركيا، والازدهار الاقتصادي والثقافي، وتعزيز حقوق الأقليات، عوامل شجعت نحو 80 عائلة آشورية للعودة إلى شرق تركيا من جديد، بعد أن رحلت عنها في العام 2006. فقد نصّب حزب العدالة والتنمية في تركيا نفسه حاميًا للحقوق الدينية وحقوق الأقليات منذ استلامه الحكم في العام 2002، على النقيض من الحكومات العلمانية السابقة التي غذت شعورًا بعدم الثقة القومية للأقليات. وعلى الرغم من هذه العودة الخجولة، فإن تجاوز المرحلة الماضية صعب للغاية، حيث كان التاريخ مشحونًا بالحروب الدموية بين أغلبية البلاد المسلمة والأقليات المسيحية.
حرمان وتهجير
تضرر المجتمع الآشوري، الذي كان يضم مئات الآلاف في السابق، من حملة التطهير العرقي والهجرة القسرية والتداعيات الناجمة عن القتال بين الحكومة التركية والانفصاليين الأكراد. وحتى الآن، يمنع على الآشوريين فتح المعاهد الدينية الخاصة بهم، في حين ما زال الكهنة محرومين من راتب الدولة الممنوح للأئمة السنة، كما يشكون من المضايقات البيروقراطية والقانونية.
لكن في 30 أيلول (سبتمبر) الماضي، أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عن حزمة التحول الديمقراطي، التي سمحت للمرة الأولى للجماعات الأقلية بفتح المدارس الخاصة لتدريس لغاتهم. كما وافق على إعادة الأراضي التي صودرت من دير مار جبرائيل منذ 1600 عام، والتي تقع على بعد ثمانية أميال من بلدة كفرو، وهي محجة للمسيحيين الآشوريين في جميع أنحاء العالم.
تاريخ من الخوف
كانت تركيا موطنًا لنحو 700 ألف آشوري قبل القرن العشرين، لكن اليوم لا يوجد سوى 20 ألفًا، بينهم 17 ألفًا في اسطنبول، انتقل معظمهم اليها من الجنوب الشرقي.
هرب الآشوريون، الذين بقوا في منطقة مديات بعد التطهير العرقي للحرب العالمية الأولى وحملة التهجير من قبل العثمانيين، في الثمانينات عندما حاصرتهم نيران المعركة بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني. وتم استهداف الآشوريين في كثير من الأحيان وسط مناخ من انعدام القانون العام، حتى خلت مناطقهم بشكل شبه تام.
خلال هذه السنوات، كانت بلدة مور غابرييل المكان الوحيد لتواجد الاشوريين، وفقًا لعيسى دوغدو، نائب رئيس مؤسسة غابرييل مور، الذي يهتم بالدير.
أضاف: quot;كان وجود الأشوريين خطير جدًا هنا، إذ أن الطريق المؤدي من أقرب مدينة، أي من ماردين، مكتظ بنقاط التفتيش العسكرية وبالمسلحينquot;.
العودة إلى الجذور
واقع غابرييل موريعكس موقف السلطات المختلط تجاه الأقليات المسيحية. ففي عام 2008، جردت الدولة جزءاً كبيراً من أراضيها وأعطته لقرى مسلمة مجاورة. ومنذ ذلك الحين، تخوض البلدة معركة قضائية فاشلة لتعيد هذه الأراضي.
وقال دوغدو: quot;الأتراك وصلوا هنا أمس لكن من كان قبلهم؟ نحن. هل من المنطق أننا كنا نحتل الارض بشكل غير قانوني طوال 1600 سنةquot;.
يشار إلى أن حقوق الأقليات في تركيا شهدت الكثير من التحسن بسبب جهود الحكومة لإصلاح القوانين بعد أن بدأت البلاد محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2005. وكانت العديد من الإصلاحات متصلة بحرية الدين، مما عاد بفائدة مزدوجة بمساعدة الأقليات والمسلمين الأتقياء على حد سواء.
ودُعي الآشوريون للعودة إلى تركيا في عام 2001 من قبل رئيس الوزراء آنذاك بولنت اجاويد. وعقد المجتمع الاغترابي المتمركز بشكل رئيسي في ألمانيا وسويسرا اجتماعات للمطالبة بضمانات من الحكومة التركية قبل عودة العائلات.