وضع قرار حرمان الولايات المتحدة الأميركية من حقها في التصويت في منظمة quot;اليونسكوquot; بسبب عدم وفائها بالالتزامات المالية، المنظمة العالمية في موقف لا تحسد عليه، ما يثير المخاوف بشأن قوة ونفوذ المنظمة التي تمر بمنعطف خطير.

الرياض: لم تجد quot;اليونسكوquot; خياراً سوى الاضطرار للإعلان عن حزمه من الإجراءات من بينها خفض مبادرات بقيادة أميركية، ومنها التعليم بشأن المحارق النازية (الهولوكوست)، وذلك للتغلب على الأزمة المالية التي تعاني منها.

وامتنعت الولايات المتحدة عن دفع مستحقاتها المالية، التي تشكل نحو خمس حجم تمويل اليونسكو، عندما منحت المنظمة عضوية كاملة للفلسطينيين في عام 2011، كما جمدت اليونسكو حق التصويت الخاص بإسرائيل، التي امتنعت بدورها عن سداد مستحقاتها في التوقيت نفسه.

وشهد المؤتمر العام لليونسكو في باريس مناقشة مسألة منع أميركا من التصويت بسبب عدم دفع المستحقات، فيما رد الأميركيون بطلب المعاملة بالمثل مع الإيرانيين إذ أنهم لا يدفعون واجباتهم المالية كذلك، قبل أن تتجرأ المنظمة الدولية وتتخذ قرارها المثير.

وشهد المؤتمر كذلك مناقشة عدد من الموضوعات الملحة والتي قد تشكل منعطفا حاسما في تاريخها وأبرز قضية تلقي بظلالها على المؤتمر الـ37 تتعلق برد الفعل الأميركي المثير للجدل عشية تصويت الاعضاء الـ192على قرار إنضمام فلسطين عضوا كامل العضوية في اليونسكو.

وتضطلع المنظمة، التي تتخذ من العاصمة الفرنسية باريس مقرا، برعاية مواقع التراث العالمي، ونشر التعليم، ودعم حرية الصحافة.

يأتي ذلك في وقت دعت السعودية منظمة quot;اليونسكوquot; إلى ضرورة العمل الجاد والمخلص لتحويل قراراتها من القول إلى الفعل، وسرعة تنفيذها بما يلبي مصالح الدول الأعضاء في المنظمة.

جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها نائب وزير التربية والتعليم الدكتور خالد بن عبدالله السبتي أمام المؤتمر العام لليونسكو في دورته السابعة والثلاثين.

وقال السبتي الذي رأس وفد المملكة في أعمال المؤتمر quot;إننا نثمن بشكل كبير الدور المهم الذي تقوم به منظمة اليونسكو على الساحة الدولية، ونأمل أن تنتهي قريباً الظروف المالية الصعبة التي مرت بها المنظمة خلال العامين الماضيين، من أجل تمكينها من تحقيق أهدافها وبرامجها التي تقرها الدول الأعضاءquot;.

وبين أن المملكة أسهمت مع عدد من الدول الأعضاء في دعم صندوق الطوارئ بمنظمة اليونسكو حرصاً منها على قيام المنظمة بأداء مهامها الأساسية. وأكد أهمية تطبيق المنظمة للقرارات التي تتخذها في الميادين كافة وعدم الحيلولة دون تنفيذها وإعاقتها، مستشهداً بعدم تنفيذ المنظمة للقرارات الستة المتعلقة بالجوانب الثقافية والتراثية والتعليمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لاسيما ما يتعلق بمدينة القدس وتراثها الإسلامي والمسيحي المهدد.

وكانت العديد من البلدان العربية، ولا سيما المملكة العربية السعودية من المؤسسين الأوائل لليونسكو، حينما عقد اجتماعاً تاريخياً في العاصمة البريطانية لندن بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، للاتفاق على يجاد منظمة تسعى إلى نشر السلام في العالم.

وتتبع اليونسكو 191 دولة، ويوجد مقرها الرئيسي في باريس، ولليونسكو أيضاً أكثر من 50 مكتباً وعدة معاهد تدريسية حول العالم، ولها كذلك خمسة برامج أساسية هي التربية والتعليم، والعلوم الطبيعية، والعلوم الإنسانية والاجتماعية، والثقافة، والاتصالات والإعلام.

وساهمت السعودية في نشأة هذه المنظمة من خلال المندوبية الدائمة التي بدأت في عام 1964 وبقيت المندوبية تقوم بدورها خلال السنوات الماضية وقد تعاقب خلالها على مسؤوليتها ستة مندوبين، أولهم الدكتور حمد بن عبدالله الخويطر.

لكن السعودية تعاظم طموحها إلى ما هو أبعد من ذلك، وسعت لترؤس تلك المؤسسة، وقبل 13 عاماً دفعت بالراحل الدكتور غازي القصيبي ي للترشح، بيد أنه خسر أمام مرشح ياباني آنذاك، بعدما كان قاب قوسين أو أدنى من الفوز.

كما أن مصر التي لعبت أدواراً طلائعية منذ تأسيس المنظمة حاولت هي الأخرى، وقدّمت قبل سنوات قليلة الأديب فاروق حسني للترشح لمنصب الرئاسة، لكنه خسر أيضاً، وكان هذه المرة أمام الرئيسة الحالية للمنظمة، البلغارية إيريكا بوكوفا.

في كلتا المحاولتين كان الحلم قريباً من التحقق، غير أن سوء التخطيط وغياب التنسيق العربي المشترك وقف حائلاً أمام ذلك، وبات اللعبة بالنسبة للجميع واضحة، ولا تحتاج سوى للتخطيط، والعمل الجماعي للوصول إلى قمة هرم المؤسسة التي تحظى بشيئ من الاستقلالية عن القوى العظمى في العالم.

بوكوفا التي هزمت حسني بفارق ثلاث أصوات فقط في انتخابات عام 2009، نالت فرصة التجديد لولاية أخرى قبل أيام دون أي منافسة فعلية، بعدما حاولت بعض الدول العربية تقديم مرشحين بشكل عشوائي وبدون أي عمل جاد، لتكون النتيجة نكسة جديدة.

وشهدت فعاليات المؤتمر العام لليونسكو فوضى عربية عارمة، بعدما قدّم عربيان (جيبوتي ولبناني) ترشيحهما لهيئات المنظمة ارتجالاً ما أحرج الوفود العربية، خصوصاً أن كليهما لا يملك أي فرص بالنجاح.

ويقول احد المتخصصين في شؤون المنظمات الدولية ان الإعداد لمنصب المديرية العامة يحتاج الى تخطيط دقيق وتنسيق بين الاطراف الاقليمية مثل الخليج ومصر والمغرب ثم تدار المعركة على غرار ما فعلته اليابان في بداية عام 2000 حيث هزم مندوبه احد اهم المرشحين العرب الدكتور الشاعر غازي القصيبي، وعام 2009، حينما سقط فاروق حسني رغم أنه كان المرشح الأور حظاً بالفوز.