قادة عسكريون وسياسيون يدعمون مد المعارضة السورية بالسلاح لكن سرعان ما يتراجعون عندما يشعرون بالقلق من أن هذه الخطوة قد تؤدي لإطالة عمر الصراع.

القاهرة: مازال الحديث متواصلاً حول موضوع خيار تسليح المعارضة السورية في مواجهة قوات نظام الرئيس بشار الأسد، المطروح منذ فترة لإنهاء الصراع المشتعل في البلاد.
ففي ظل احتدام المعارك التي تشهدها كافة أنحاء سوريا، واستمرار سقوط ضحايا من المدنيين، نتيجة أعمال القصف والدمار التي تتم بلا هوادة، تحدثت تقارير صحافية أميركية عن أن فكرة تسليح المعارضة ليست فكرة معتدلة، وإنما خاطئة.
واشتعل النقاش مجددا بعد الكشف عن دعم وزير الدفاع ليون بانيتا ورئيس هيئة الأركان المشتركة مارتن ديمبسي مقترح المدير السابق لوكالة السي آي إيه دافيد بيتريوس ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون لتسليح المعارضين السوريين المعتدلين.
وذكرت في هذا الصدد مجلة فورين بوليسي الأميركية أن الساسة السوريين، الذين يتوقون الآن لتدخل أميركي أكثر حدة، شعروا بالغضب نتيجة إلغاء البيت الأبيض لتلك الخطة، موضحةً أن حقيقة ما حدث هو أن الوكالات الأميركية قامت فيما بينها بفحص مخطط كانت تعتزم تنفيذه، لكنها نبذته بعدما خلص تحليل دقيق إلى أنه لن يكون مجدياً.
وتسبب إخفاق الدبلوماسية الأميركية في إنهاء الرعب الحاصل بسوريا في دفع الساسة إلى البحث عن بديل مفيد. بيد أن تسليح المعارضين كان دائماً هو quot;الخيار 3quot; الكلاسيكي. وسواء كانت هناك فرص لنجاح الخيار 3 أم لا فهذا أمر يكاد يكون ثانوياً.
ويمكن النظر هنا كمثال إلى quot;الحرب بأفغانستانquot;، التي افتقرت إلى نظرية مقبولة بخصوص الطريقة التي يمكن أن تعمل من خلالها. وبالنسبة إلى سوريا، فإن التأثير الأرجح لمسألة تسليح المعارضة هو دفع الرئيس الأميركي لنقطة اتخاذ قرارات أخرى بعد ستة أشهر، في ظل احتدام المعركة وعدم قدرة المعارضين على ما يبدو على إنهاء الأمر.
وسيواجه أوباما وقتها قراراً أكثر قسوة بين 3 خيارات : الخيار 1 هو الاستسلام، والخيار الثاني هو تدخل عسكري واسع النطاق، سيُرفَض بالطبع، والخيار 3 هو التصعيد عبر تركيبة قوامها فرض مناطق حظر طيران وشن حملة قصف وإنشاء مناطق آمنة.
ومضت المجلة تقول إنه حين بدأ هذا النقاش قبل ما يقرب من عام، كان يعتقد أن تلك السياسة ستقود صوب تسليح المعارضة باعتبارها الطريقة الأسهل للظهور وكأن هناك quot;ثمة شيء يتم فعلهquot;، حتى وإن لم يكن هناك من يعتقد أن ذلك سيكون مجدياً.
ولم تبدي المجلة اندهاشها من ميل بيتريوس أو كلينتون أو بانيتا إلى هذا الخيار، وأن الأمر المثير للدهشة بهذا الخصوص هو أن البيت الأبيض نجح في اعتراض ذلك الخيار.
وسبق لجون ماكين، الذي يقود مساعي التدخل في سوريا، أن قال خلال الصيف الماضي إن تسليح الثوار خطوة جيدة، وإن كانت وحدها لن تكون حاسمة. وذهب لما هو أبعد من ذلك بتحذيره من أن توفير الأسلحة قد يتسبب حتى في إطالة الصراع.
وأضاف ماكين أنه كان يعتزم توفير القوة الجوية الأميركية، إلى جانب الحلفاء، كجزء من عملية دولية تهدف إلى الدفاع عن المناطق الآمنة في سوريا ومنع قوات الأسد من الإضرار بالثوار. وأوضح كذلك أن القوة الجوية من الممكن أن تنشئ منطقة بداخل سوريا يمكن للمعارضة أن تنظم فيها صفوفها، ثم تستخدمها كنقطة انطلاق لبسط سيطرة المعارضة على كافة أنحاء البلاد، مثلما سبق للثوار الليبيين أن استعانوا بمدينة بنغازي ( شرق البلاد ) لكي تكون قاعدة لهم في حربهم ضد القذافي.
وسبق لكين بولاك الزميل في معهد بروكينغز أن حذر من أن مساعدة المعارضة على تحقيق الانتصار قد تؤول إلى سيناريو مماثل لما حدث في أفغانستان عام 2001.
وهي الرأي الذي يتفق مع الإجماع الأكاديمي على أن الحروب الأهلية حين تقترن بتدخل خارجي فإنها عادةً ما تدوم لمدة أطول وتتسبب في وقوع مزيد من الضحايا وتزداد صعوبة حلها من خلال المفاوضات. واتفق محللون بارزون في مقدمتهم ستيفن هيديمان وسلمان الشيخ على أن التسلح العسكري حقيقة، وأنه يتعين على الولايات المتحدة أن تدير العملية، وأن تسرع في إنهاء الصراع، وأن تحظي بنفوذ على المعارضة السورية من خلال قيامها بدور بارز في توجيه عملية تدفق الأسلحة.
ورغم أن الكل يرغب في إيجاد طريقة لكي ينهوا من خلالها عمليات القتل المتواصلة في سوريا، إلا أنه ليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن التسليح الأميركي للثوار سوف يحقق ذلك الهدف. ولهذا ربما كانت إدارة أوباما محقة في التركيز بدلاً من ذلك على فرز قيادة المعارضة السورية، ومحاولة تشكيلها باعتبارها غطاء سياسي فعال عوضاً عن فتح خطوط توريد الأسلحة للثوار المعارضين.