الرباط: بعدما صور سرا لست سنوات شرطيين وموظفين يرتشون، كشف الشاب المغربي منير اكزناي الملقب quot;بقناص تارجيستquot; القرية الصغيرة الواقعة شمال المغرب هويته للاعلام المغربي مؤخرا. وتمكن الشاب من الذي توارى وراء الكاميرا، من quot;اقتناصquot; لقطات يظهر فيها رجال الشرطة والجمارك يتلقون رشاوى.

وسبب هذا الشاب ازعاجا للسلطات منذ اولى اللقطات التي صورها مع اصدقائه تتعلق برشوة رجال امن. وقد نشرها في منتدى اخباري الكتروني محلي كان يديره، فتناقلته المواقع الاخبارية المغربية والاعلام الدولي، ما اثار ضجة كبيرة واستياء الامن.

وقال منير quot;تم حينها استدعائي من طرف الدرك الملكي مع مجموعة من الأصدقاء للتحقيق معنا. هددوا والدي وارادوا ان يلصقوا بي تهمة الارهابquot;. وقد اضطر الشاب بعد انكار علاقته بالفيديو، لاخفاء هويته والعمل سرا في نشر مزيد من تسجيلات الفيديو التي اثارت حنق رجال الامن، املا في محاصرة المرتشين.

وترتسم على وجه منير ابتسامة دائمة تخفي وارءها حزنا يعتصر قلبه على حد قوله بسبب quot;استمرار مظاهر الفساد الذي صارت محاربته مجرد شعارquot;. واوضح هذا الشاب ان اول صورة اثرت فيه وجعلته يقرر مطاردة المرتشين هي quot;سيارة مكتظة بالناس في نوع من الاستهتار الكامل بالقانون، مرت امام حاجز امني بدون ان يوقف الدركيون صاحبهاquot;.

واضاف quot;بكل بساطة أخذوا رشوة ولم تعنهم سلامة الناسquot;. واضطر منير، الذي ادى نشاطه الى ظهور آخرين يعملون مثله بينهم quot;قناص الناظورquot; (شمال شرق المغرب وquot;قناص ايفنيquot; (جنوب)، لكشف هويته بعدما اوقفت الشرطة اخيه شريكه في تسجيلات الفيديو، بتهم خطيرة.

وكان رضوان اكزناي الذي اودع السجن في تشرين الاول/اكتوبر لقضاء حكم بالسجن سنتين، يساعد منير منذ 2007 في تصوير لقطات فيديو هزت المغرب بعدما كشفت حالات فساد في الامن في مدينة تاركيست والريف.

وقال منير متحدثا عن السلطات quot;لقد ارعبوناquot;. واضاف quot;عندما اقتحموا المحل حجزوا ميزانين يستعملان في وزن الذهب والفضة باعتبارها دليلاquot;.

واضاف quot;اثناء المحاكمة، اعترف شخص شهد ضد اخي ان الامن طلب منه ان يشهد زورا وقال للقاضي انه لا يريد ان يكون مذنبا في حق انسان بريءquot;. لكن رغم ذلك لم يتغير شيء في الحكم على رضوان بالسجن سنة في المحكمة الابتدائية ثم سنتين في الاستئناف.

وتابع ان شقيقه وجد يوم اعتقاله quot;محضرا جاهزا فيه تهم ترويج الخمور والحشيش والكوكايين والاعتداء على افراد الشرطة، فرفض التوقيع، ورغم ذلك تمت ادانته على أساس ذلك المحضرquot;. ووصف منير الحكم quot;بالعقابيquot;، وتساءل quot;لو كان اخي فعلا تاجر كوكايين لمدة ثلاث سنوات كما قال القاضي لكان مليونيرا. كان مجرد عاطل عن العمل يساعد والدي في محله بتارجيستquot;.

واكد منير الذي نشر فيديو جديدا مطلع شباط/فبراير quot;ما زلت امتلك تسجيلات تبين علاقة رجال الامن بشبكات الدعارة والمخدرات وامتلك كذلك دلائل على تورط من حرروا محضرا لأخي وسجنوهquot; في مدينة تارجيست.

وتارجيست مدينة صغيرة في قلب جبال الريف المغربي شمالا، كانت تسمى قديما quot;كرونةquot; أو التاج ويفوق عدد سكانها اليوم 12 الف نسمة. وهي مدينة تملك تاريخا عريقا رغم صغرها وتقع في منطقة معروفة بزراعة واستهلاك القنب الهندي. وقال منير ان هذه النبتة هي quot;سبب بلائنا في المنطقة. زرع الناس الحشيش فاستفاد الغرباء والدخلاء من عائداته وبقينا نحن مهمشين ومطاردين ومتهمين ونتعرض للابتزاز طوال الوقتquot;.

وكان المغرب اقر استراتيجية وطنية لمكافحة المخدرات بدعم اوروبي كبير، ساهمت حسب الأرقام الرسمية في تقليص المساحات المزروعة من 137 ألف هكتار في 2004 الى 35 ألفا بداية 2009.
ويعيش حوالي مليونا مغربي من زراعة القنب الهندي.

ورغم جهود الرباط لتقليص المساحات المزروعة، قالت quot;الهيئة الدولية لمراقبة المخدراتquot; التابعة للامم المتحدة في آخر تقرير لها ان المغرب ما زال يتربع على عرش المنتجين. وتقدر عائدات تجار القنب الهندي او quot;الذهب الاخضرquot; ب11 مليار دولار سنويا، لا تظهر نتائجها على اهل المنطقة لان الجزء الاكبر من الاموال يتم تبييضها في مشاريع عقارية في كبريات المدن المغربية.

ويتساءل منير quot;اين كل البرامج التي وضعت والاموال الاوروبية الضخمة والمشاريع الملكية التي بقيت حبرا على ورق؟quot;، مؤكدا ان quot;مدينة تراجيست اليوم أسوأ مما كانت عليه سنوات التسعيناتquot;. وقد ترشح منير باسم حزب العدالة والتنمية في 2009 quot;املا في التغيير من داخل المؤسساتquot;، على حد قوله، ثم انضم الى حركة 20 فبراير الاحتجاجية سنة 2011 في مدينته.

وقد رفعت هذه الحركة شعار quot;محاربة الفساد والاستبدادquot; منذ بدايتها في 2011. وكان ذلك شعارا ايضا للحملة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية الاسلامي الذي حقق بفضله فوزا تاريخيا بانتخابات نهاية 2011 التشريعية التي تلت تعديل الدستور بضغط من الشارع.

وقال منير بحسرة ان quot;الفساد هو هو والظلم يزيد يوما عن يوم. اما حزب العدالة والتنمية الذي كنت اؤمن به فتوقف عند الشعارات ولم نعد نلمس شيئا او نرى فعلا يبرز الرغبة في محاربة الفساد والاستبدادquot;.

ودعا منير اكزناي المغاربة الى quot;مطاردة المفسدين بانفسهم بدون انتظار وعود الحكومة الاسلامية التي لم تتحققquot;، مؤكدا ضرورة quot;ان يتحمل المغاربة مسؤولياتهم. فالعمل الذي قمت به يمكن لأي مغربي ان ينجزهquot;.

واضاف quot;عندما يصبح هذا الشعب واعيا بالقدر الكافي (...) سيكون صعبا عليهم (المسؤولون) تدبر أمورهمquot;. وعلى الرغم من خيبة امله من الحكومة، قال باصرار quot;لم اعد اخاف من اي شيء. اخذوا أخي الى السجن ويهددون عائلتي. سأنشر ما لدي من تسجيلاتquot;.