انسحبت الشرطة المصرية اليوم الجمعة من مديرية أمن بورسعيد بسبب أعمال العنف فيها، بينما أعلن عن مقتل متظاهر مساء الخميس في المواجهات مع الشرطة في المدينة.


بورسعيد: انسحبت الشرطة المصرية الجمعة من مقر ومحيط مديرية أمن بورسعيد حيث تدور اشتباكات دامية منذ ستة ايام وسلمته للجيش في محاولة لتهدئة الغضب المتصاعد لسكان المدينة المطلة على قناة السويس، شمال شرق مصر.

وكان مقتل متظاهر مساء الخميس في مواجهات مع الشرطة في محيط مقر مديرية الأمن أثار قلقا من تصاعد أعمال العنف قبل حكم قضائي متوقع السبت في قضية quot;مذبحة بورسعيدquot; المتهم فيها عدد من ابناء المدينة.

تخفيف الاحتقان

وفيما بدا وسيلة لنزع فتيل العنف، اعلنت وزارة الداخلية في بيان انه quot;في ظل ما تشهده مدينة بورسعيد من أحداث استمرت معها أعمال التعدي على القوات (الشرطية) والمنشآت وحرصا من الوزارة على تخفيف حالة الإحتقان وما يسفر عنها من أعمال عنف، تقرر إسناد مهام تأمين مديرية أمن بورسعيد للقوات المسلحة التي تولت حمايتهاquot;.

وانسحبت الشرطة منذ الصباح من محيط مديرية الامن في بورسعيد مفسحة المجال لمدرعات الجيش لتأمين المنطقة التي تعد مسرح الاشتباكات. وقتل متظاهر مساء الخميس في المواجهات المستمرة مع الشرطة منذ الاحد الماضي لترتفع حصيلة هذه الصدامات الى سبعة قتلى، من بينهم ثلاثة من رجال الشرطة.

واصيب كريم سيد عبد العزيز عطعوط (33 عاما) بثلاث رصاصات بينها واحدة قاتلة في الرأس، كما اوضح الطبيب محمد عرنوس الذي حاول انعاشه دون جدوى. وجرى نقله الى مدينة الاسماعيلية القريبة ليلفظ انفاسه الاخيرة هناك.

جنازة شعبية

وكانت المواجهات اندلعت عقب نقل المتهمين في قضية quot;مذبحة بورسعيدquot; من سجن بورسعيد الى سجن اخر بعيد عن المدينة. وقال ابراهيم عطعوط عم القتيل إن جنازة شعبية ستنظم لكريم في بورسعيد الجمعة.

وتترقب مصر بحذر حكما قضائيا السبت في قضية استاد بورسعيد التي قتل فيها نحو 72 شخصا من مشجعي النادي الاهلي في شباط (فبراير) 2011. وينتظر 50 متهما اخرين احكام السبت بينهم 9 مسؤولين في الشرطة و3 من مسؤولي مدينة بورسعيد. وقالت وكالة انباء الشرق الاوسط إن وزارة الداخلية قررت تأمين محاكمة السبت بنحو 2000 رجل أمن.

مذبحة بورسعيد

ومن المقرر أن تصدر محكمة جنايات مصرية حكمها السبت في هذه القضية التي تشمل أكثر من 70 شخصا متهمين بالتورط في قتل 72 من مشجعي النادي الاهلي إثر مبارة لكرة القدم بين فريقي الاهلي والمصري البورسعيدي في استاد بورسعيد.

وقررت المحكمة في 26 كانون الثاني (يناير) الماضي احالة اوراق 21 متهما كلهم من اهالي بورسعيد على المفتي ما يعني حكما بالاعدام عليهم ما اشعل آنذاك مواجهات اوقعت اكثر من 40 قتيلا في المدينة. وطبقا للقانون المصري يؤخذ رأي مفتي الجمهورية قبل النطق بأحكام الاعدام. وجرى العرف على أن يوافق المفتي على احكام المحاكم.

الا انه بسبب حساسية قضية quot;مذبحة بورسعيدquot;، اعلنت دار الافتاء المصرية في بيان الخميس ان المفتي الجديد شوقي عبد الكريم، الذي تولى مهام منصبه قبل بضعة ايام، لم يتمكن بعد من دراسة ملف القضية وبالتالي فإنه يصعب عليه ابداء الرأي فيها قبل جلسة المحكمة السبت، ما يرجح ارجاء النطق بالحكم في القضية.

يوم النطق بالحكم

ويخشى الاهالي في بورسعيد من أن يشهد السبت أحداث عنف واسعة يراق فيها مزيد من الدماء. وقال البدري فرغلي، النائب البرلماني السابق عن المدينة quot;ما سيحدث يوم السبت يتوقف على منطوق الحكم وأرى انه من الافضل تأجيل الحكم وإلا مصر ستشتعل سواء هنا او هناكquot;، واضاف quot;الشيء المرعب والمخيف هو عندما يفقد الناس الحق في التظاهر والاحتجاج ثم يجد ان العصيان لم يعد له قيمة.. فالتطرف يكون سيد الموقف..وهذا ما نخشاهquot;.

وقال التاجر احمد صالح (52 عاما) بغضب شديد quot;نحذر الحكومة من تكرار أحداث العنف السبت ضدناquot;، واضاف مخاطبا الرئيس المصري quot;بورسعيد لا يمكن قمعها بالقوة ابداquot;.

وقرر عدد من شركات بورسعيد إعطاء موظفيها اجازة يوم السبت. وقال محمد حافظ (30 عاما)الموظف في شركة في المنطقة الصناعية في بورسعيد quot;شركتي قررت اعطاءنا اجازة يوم السبت خشية اعمال العنفquot;. وقال تجار في المنطقة التجارية انهم قرروا اغلاق محلاتهم التجارية السبت تحسبا.

ويتزامن انسحاب الشرطة مع تظاهرات لرجال الشرطة في مدن مصرية عدة ابرزها في مدن القناة الثلاث. ورفضت تشكيلات من قوات الامن المركزي في مدينة الاسماعيلية التوجه لمدينة بورسعيد للمشاركة في حفظ الامن خشية التورط في مواجهات مع الاهالي، بحسب مصادر أمنية.

ويقول رجال الشرطة إنهم غير مجهزين لمواجهة عنف المتظاهرين وانهم يدفعون ثمن الاخطاء السياسية للحكومة. وتفاعل الاهالي مع مدرعات وجنود الجيش عند انتشارها في محيط مديرية امن بورسعيد وهتفوا quot;الجيش والشعب ايد واحدةquot;، بحسب مصور لفرانس برس.

وضاعف الجيش المصري من تواجده في كافة ارجاء المدينة. وظهرت دوريات للشرطة العسكرية في المنطقة المحيطة بالمقرات الامنية والمؤسسات الحيوية الاخرى كالمحكمة ومجرى قناة السويس ومنزل المحافظ.

وقال مجند في الجيش، طالبا عدم ذكر اسمه، لفرانس برس quot;لدينا تعليمات مشددة بحماية المنشآت وعدم التدخل في الاحداثquot;، قبل ان يضيف بقلق وتوتر quot;انا مرعوب مما قد يحدث يوم السبتquot;. وقالت سيدة خمسينية quot;ربنا يستر يوم السبتquot;.

وتزايدت في الايام الثلاثة الماضية عقد حفلات الزواج في المدينة بشكل غير مسبوق، حسبما قال مسؤول تعاقد افراح في فندق مطل على البحر. وقال السائق محمد كرم 29 عاما quot;الكل يتسابق لإنهاء ارتباطاته الهامة قبل السبتquot;، متابعا quot;لا اتمنى ان يأتي يوم السبت من الاساسquot;.