في آخر تداعيات الصدامات المسلحة بين القوات العراقية والمعتصمين في قضاء الحويجة في كركوك، أكد رئيس بعثة الأمم المتحدة أنه غاضب لمنع الحكومة له من زيارة القضاء، بينما دعا المرجع السني السعدي المعتصمين إلى الدفاع عن أنفسهم في مواجهة هجوم الجيش،في حينحذر الصدر من حرب داخلية.


لندن: دعا رجل الدين البارز المرجع السني الشيخ عبد الملك السعدي المعتصمين في العراق إلى الدفاع عن أنفسهم في مواجهات الجيش. وقال السعدي:quot;أرجو أن يسمع كلام الله من يفتح النار على العُزَّل ويقتلُ الأبرياءَ الذين يُطالبون بحقوقهم وليعلم أين مصيرهم وليسمع من يستحل دماءَ من يقول (لا إله إلاَّ الله محمد رسول الله)، وليسمع مَن يدَّعي أنَّه على منهج الإمام علي -عليه السلام- الذي لم يقم بقتل مسلم إلاَّ نصرةً للإسلام أو صار القتل دفاعًا عن النفس وعن وحدة المسلمين، وليسمعوا لمصير من فجع الأبرياء فجر هذا اليوم في قضاء الحويجه قوله تعالى: (ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنًا إلاَّ خطأ) فمن يتعمَّد القتل فهو ليس مؤمنًا؛ لأنَّ الله أعقب ذلك بقوله: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)quot;.

وأضاف الشيخ السعدي في بيان اليوم الثلاثاء تسلمته quot;إيلافquot;: quot;لقد قلت عِدّة مرَّات ناصحًا الجيشَ بعدم الإجابة لمن يأمرُ بالقتل كائنا مَن كان، وبالوقت الذي كُنَّا نقول للمتظاهرين إيَّاكم وحملَ السلاح والبدءَ بالعِدوان على القوَّات المُسلَّحة لأنَّا نريد استمرارَ سلميةِ المُطالبةِ ومازلنا نريدها، فإنَّ الدفاع عن النفس في الوقت الحالي أصبح واجبًا شرعيًّا وقانونيًّا، فدافعوا عن أنفسكم، ومن قُتِلَ دون ماله أو عِرضه أو وطنه فهو شهيدquot;.

وشدد بالقول إنه quot;ما عدا الدفاع عن النفس أقول: عليكم ضبطَ النفس حتى تفوِّتوا الفرصة على المُعتدين.. وأنا أُناشد المُنظَّمات الدولية والإسلامية والعربية والدول الإسلامية والعربية وأقول: يكفيكم سكوتًا عمَّا يجري الآن في العراق وسوريا، وأطلب منكم المُسارعة لإنقاذ المسلمين ووقفِ نزيف الدم بالإعدامات والمجابهات المُسلَّحة وبخاصة من لا يملك القوَّة أمام معتدٍ مجرم يمتلك القوَّة ويُمَدُّ من دول تريد الشر للمنطقة وسفكَ الدماء فيها على أساس الهوية والعقيدة؛ إذ أصبح الدفاع عن المظلومين واجبًا شرعياً وقانونيًاquot;.

ودعا الحكومة والقوَّات المُسلَّحة quot;لإيقاف إراقة دماء العراقيِّين من مدنيِّين وعسكريِّين فورًا؛ فإنكم ستُحاسبون عليها في الدنيا قبل الآخرة، واخشوا ضرباتِ الله فإنَّ الله لا يحب المعتدين ويدافع عن المظلومين، واعتبروا بمن قتل وسفك قبلكم، أين هم؟! وأين مصيرهم؟! وأين قوتهم أمام قوة الله؟quot;.

وأضاف quot;وأنا بدوري أُدين بشِدَّة العدوان المُسلَّح الذي حصل على المعتصمين في الحويجه هذا اليوم وأُحمِّل الحكومة مسؤولية دمائهم، وأُقدِّم أحرَّ التعازي لذوي الشهداء وأن يتقبَّلهم الله وندعو من الله للجرحى الشفاء، ولينتظر المعتدي ما يأتيه من الله، ولينتظر أثرَ دعوات الأُمَّهات والآباء والأطفال عليهquot;.

كوبلر غاضب وابو ريشة والسليمان يدعوان الجيش للابتعاد عن المدن

ومن جانبه، عبر رئيس بعثة الامم المتحدة في العراق مارتن كوبلر اثر عقده مباحثات طارئة في كركوك مع نائب المحافظ راكان سعيد ورئيس مجلس المحافظة حسن توران لمناقشة احداث الحويجة عن غضبه، وقال إن quot;الجيش منعني من زيارة الحويجة قبل الحادثة أنا لست حزيناً بل غاضب جداً من ذلكquot;. ودعا القوى السياسية العراقيةالى السيطرة على الاحداث وتجنب التصعيد نظرًا لخصوصية كركوك التي قال إنها تعاني اصلاً من مشاكل عدة. وطالب باجراء تحقيق دقيق وشفاف في الاحداث التي شهدتها الحويجة.

وحمل مجلس محافظة كركوك الوفد المفاوض للمتظاهرين في الحويجة وقوات الجيش مسؤولية الاحداث التي شهدتها المحافظة، كونهما لم ينسقا مع ادارة ومجلس المحافظة. واوضح اعضاء المجلس في مؤتمر صحافي عقد في مبنى المحافظة في كركوك أن quot;المجلس يحمل جميع الاطراف الذين شاركوا سواء في المفاوضات او في تنفيذ عملية اقتحام ساحة الاعتصام في قضاء الحويجة مسؤولية ما حدث كونهما لم ينسقا ولم يبديا أي اهتمام بادارة ومجلس محافظة كركوك اللذين يمثلان جميع مكونات المحافظة في التعاون والسعي للوصولالى حلول سلمية بعيدة عن كافة اشكال العنفquot; داعيًا quot;المنظمات الانسانية سواء الدولية أم الحكومية بالتدخل العاجل لمساعدة الجرحى ونقل جثث الشهداءquot;.

وأشاروا إلى أنّ quot;مجلس المحافظة كان قد حذر قبل يومين جميع الأطراف من تطور الوضع في الحويجة الى ما لا تحمد عقباهquot; مؤكدًا quot;ضرورة تدارك الموقف قبل أن تتطور الاحداث الى ابعد مما يحدث الآن في قضاء الحويجة كما ويدعو المنظمات الانسانية سواء الدولية أم الحكومية الى التدخل العاجل لمساعدة الجرحى ونقل جثث الشهداء التي مازالت موجودة في ساحات الاعتصامquot;.

وعلى الصعيد نفسه، فقد طالب زعيم مؤتمر صحوة العراق أحمد أبو ريشة الجيش العراقي بالانسحاب من المدن الثائرة فورًا وتسليم الملف الأمني للشرطة محذرًا من quot;عواقب لا تحمد عقباهاquot; في حال رفض القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي ذلك.

وقال أبو ريشة إن quot;على الجيش العراقي الانسحاب من المدن الثائرة فورًا وتسليم الملف الأمني للشرطة الآن قبل يوم غدquot;، مبينًا أنه quot;في حال رفض رئيس الحكومة نوري المالكي ذلك فعليه أن يعلم بأن القرار سيخرج من يد رجال ورموز التهدئة التي تحاول إخماد الموقفquot;. وحذر أبو ريشة في تصريح للسومرية نيوز من quot;عواقب لا تحمد عقباها عند عدم تنفيذ هذا المطلبquot;، لافتًا إلى أن quot;هذه المرة ستكون الأمور أفعالاً وليس أقوالاً فقطquot;.

اما أمير عشائر الدليم علي حاتم السليمان فقد دعا رجال العشائر إلى حمل السلاح فيما quot;خيّرquot; ضباط الجيش والشرطة من غير أبناء الانبار بين مغادرة المحافظة أو البقاء في ثكناتهم. اما المجلس الاعلى الاسلامي برئاسة عمار الحكيم فقد اعتبر أحداث الحويجة فتنة كبيرة ستجر البلاد إلى مشكلة كبيرة ودعا القوات الأمنية ألى الانسحاب لحين احتواء الأمر.

وشدد في بيان على ضرورة دخول أطراف غير العسكر لفسح المجال للتحقيق مع الجناة الذين اطلقوا شرارة هذه الفتنة. وقال النائب عن المجلس الاعلى الاسلامي عزيز العكيلي في تصريح صحافي إن أحداث الحويجة فتنة كبيرة وعلى القوات الامنية الموجودة قريبًا من ساحات الاعتصام الانسحاب فورًا من المواجهة اذا كانت مع العشائر أو مع المواطنين لحين احتواء الأمر. وشدد العكيلي على أن المواجهة الآن غير صحيحة ويجب سحب القوات الأمنية وفسح المجال للأهالي لامتصاص غضبهم، وذلك تجنبًا لإمكانية الاعتداء على الادارات أو حصول عصيان مدني.

كما دعت الجبهة التركمانية العراقية اثر اجتماع طارئ اليوم في كركوك بحثت خلاله آخر التطورات على الساحتين المحلية والعراقية الىquot; ضرورة ضبط النفس تجاه ما يحصل في الحويجة وذلك بتطويق الأزمة لعدم فسح المجال امام الجهات التي تسعى لاستغلال الوضع الخاص والحساس لمحافظة كركوك ويتم ذلك من خلال التفاهم المشترك وحل القضايا عبر الوسائل القانونية والدستورية ومن اجل الحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي في كركوك، نطالب بعدم تدخل قوات أخرى خارج القوى الامنية الرسمية المكلفة بحماية كركوكquot;.

وقدم وزير العلوم والتكنولوجيا عبد الكريم الشامرائي استقالته احتجاجًا على ضرب المعتصمين في الحويجة.

الصدر يحذر من حرب داخلية ولجنة برلمانية الى الحويجة

ومن جهتها حذرت كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر من حرب داخلية لا تحمد عقباها في حال امتداد أحداث الحويجة إلى المحافظات الأخرى ودعت الجيش العراقي في الحويجة إلى quot;عدم استخدام القوة المفرطةquot; وشددت على أنه كان من الأجدر أن quot;تتولى وزارة الداخلية مسؤولية الملف الجنائي وليس الجيشquot;.

وقال النائب عن كتلة الأحرار أمير الكناني إن quot;على الجيش توفير الحماية للمعتصمين والمواطنين، وما يحدث الآن في الحويجة خلاف لما اتفق عليهquot;، داعيًا إلى أن quot;يتم احتواء الأمر من خلال العشائر ورجال الدين والوجهاء والقادة السياسيينquot;. وحذر quot;من توسع الأمر وامتداده إلى المحافظات الأخرى، مما سيؤدي إلى حرب داخلية لا تحمد عقباهاquot; مشدداً على ضرورة quot;احترام هيبة الدولة، والحفاظ على ممتلكاتها ومؤسساتها العامة والخاصةquot;.

ودعا الكناني في تصريح نقلته quot;المدى برسquot; الجيش العراقي إلى quot;عدم الاستخدام المفرط للقوة وذلك للحفاظ على حياة المواطنين في الحويجة، والتعامل بحكمة عالية في معالجة الوضع هناكquot;، مؤكدًا أنه إذا كان هناك جناة ومطلبية، فان وزارة الداخلية هي المسؤولة عن الملف الجنائي وليس الجيشquot;.

أما لجنة حقوق الانسان النيابية فقد ارسلت وفدًا إلى الحويجة لتقصي الحقائق وناشدت في بيان تسلمته quot;إيلافquot; المواطنين والأجهزة الأمنية في ساحات الاعتصام في قضاء الحويجة بأن تنظرفي الاعتبار quot;بأننا اليوم بحاجة ماسة إلى التهدئة ووقف نزيف الدماء التي أصبحت تراق اليوم بأسهل مايمكن وأننا وان اختلفنا في الرؤى فإن العراق هو بلدنا وهو الذي جمعنا على اختلاف أدياننا ومذاهبنا وقومياتنا فلا بد اليوم أن نقف وقفة حقيقية وجادة أمام جميع التحديات التي واجهتنا منذ بداية التغيّر ولانترك بصمة سوداء أمام كل من أراد أن يرانا في مثل هكذا موقف مؤلم وحزين وهو أن تدور الدوائر بين أبناء الشعب والأجهزة الأمنية فكلنا اليوم عراقيون ويجمعنا العراق شئنا أم أبينا وأن الجروح لم تُشفَ بعد لكي نسقيها بجروح جديدةquot;.

وطالبت اللجنة الأجهزة الأمنية بـquot;عدم استخدام السلاح ضد أبناء شعبنا الأعزل وأن تنظر إلى مبادئ حقوق الإنسان التي شرعتها جميع الأديان السماويةquot;.. وناشدت جميع الجهات الحكومية إلى إجراء تحقيق عاجل نزيه وشفاف أمام جميع الخروقات التي حدثت في قضاء الحويجةquot;.

المطلك ووزراؤه ينسحبون من اجتماع الحكومة

وأعلن نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات صالح المطلك أن مجلس الوزراء رفع جلسته بعد انسحاب وزراء ائتلاف العراقية العربية بزعامته. وقال المطلك في بيان إن وزراء العراقية العربية انسحبوا من جلسة مجلس الوزراء الاعتيادية التي عقدت اليوم، احتجاجاً على ما وقع من أحداث في الحويجة مؤكدًا أن مجلس الوزراء رفع جلسته على خلفية ذلك الانسحاب. ووزراء العراقية العربية هم إضافةالى المطلك وزير التربية محمد تميم الذي قدم استقالته لاحقاً ووزير الصناعة والمعادن احمد الكربولي ووزير الكهرباء عبد الكريم عفتان.

ومن جهته، وجه رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي اليوم بتشكيل لجنة وزارية برئاسة المطلك للتحقيق في أحداث الحويجة quot;ومحاسبة المقصرينquot;.. وقال بيان لمكتب المالكي إن quot;رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي وجه بتشكيل لجنة وزارية برئاسة نائب رئيس الوزراء صالح المطلك وعضوية كل من نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني ووزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي ووزير حقوق الانسان محمد شياع السوداني ووزير الدولة لشؤون مجلس النواب صفاء الدين الصافي، للتحقيق في ملابسات ماحدث في قضاء الحويجة وتحديد المقصرين ومحاسبتهمquot;.

ومن جانبها، وضعت قيادة قوات البشمركة الكردية قواتها في محافظتي كركوك ونينوى الشماليتين في حال انذار بسبب توتر الاوضاع هناك اثر الاحداث الدموية التي شهدها قضاء الحويجة اليوم. كما فتحت مستشفيات اقليم كردستان ابوابها لعلاج المصابين في هذه المواجهات.

مقتل 13 مسلحًا هاجموا قوات الجيش

وقد أكد مصدر أمني في محافظتي صلاح الدين وكركوك بأن 13 مسلحًا قتلوا في سلسلة هجمات تعرضت لها قوات الجيش العراقي في مناطق جنوب وجنوب غربي كركوك وشمال صلاح الدين وتكريت، وذلك بعد ساعات من عملية اقتحام الجيش العراقي لساحة الاعتصام في الحويجة. إن quot;ما لا يقل عن 13 مسلحاً قتلوا ظهر اليوم في سلسلة هجمات نفذها مسلحون على مراكز ونقاط عسكرية في جنوب وجنوب غرب كركوكquot;.

وتأتي هذه التطورات اثر قيام قوات من سوات لمكافحة الارهاب والشرطة الاتحادية باقتحام ساحة الاعتصام وسط الحويجة بمحافظة كركوك بمساندة طائرات الهليوكوبتر، بحثًا عن عناصر هاجموا نقطة تفتيش قبل أيام ما أسفر عن مقتل 22 شخصاً وإصابة 40 آخرين بجروح بحسب ارقام وزعتها وزارة الدفاع العراقية.