توالت ردود فعل السياسيين العراقيين والعواصم الغربية حول هجوم القوات العراقية على المعتصمين والمحتجين ما أدى الى سقوط عشرات القتلى والجرحى. فيما دافع نوري المالكي عن قواته، وجدوى الهجوم على الاعتصام.


أسامة مهدي من لندن: على خلفية هجوم القوات العراقية للمعتصمين بقضاء الحويجة بمحافظة كركوك، سقط عشرات القتلى والجرحى في صدامات بين مسلحين وقوات الجيش العراقي في محافظات صلاح الدين والانبار وكركوك ونينوى بينما انشق عدد من العسكريين وسلموا اسلحتهم الى رجال العشائر، حيث وصف النجيفي الهجوم بالفتنة وقال بارزاني انه خرق فاضح للدستور بينما اتهم علاوي المالكي بارتكاب مذبحة في حين عبرت القاهرة وواشنطن عن قلقهما من تطور هذه الاحداث.

وفي القاهرة اعرب نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية عن بالغ قلقه من تطور الأوضاع في العراق وذلك في ضوء الأحداث التي وقعت اليوم في قضاء الحويجة وشدد على أن ما يجري في العراق من أحداث وتطورات وتدهور أمني وإرتكابات إرهابية يهدد وحدة العراق وسلامته وسيادته.

وحذر العربي في بيان من خطورة ما يجري من أحداث تؤدي إلى مزيد من العنف، ودعا الحكومة والقوى السياسية العراقية إلى معالجة هذه الأزمة واحتواء الموقف في الحويجة فوراً للحيلولة دون تفاقم الوضع الذي قد يؤثر على تماسك الشعب العراقي ومكوناته واستقرار وأمن العراق والمنطقة بأكملها.

وطالب العربي الحكومة العراقية بإجراء تحقيق عاجل يكشف المتورطين في هذه الأحداث وتقديمهم للمحاكمة لينالوا جزاءهم العادل.

ورفض القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء نوري المالكي محاولات اتهام الضباط والقادة الامنيين بتحملهم المسؤولية لوحدهم للخروقات والاحداث الامنية.

وقال المالكي في تصريح خاص لوكالة كل العراق:quot;من المؤسف عندما يحصل خرق أمني لا يدان الارهاب ولا يتحدثون عن القاعدة او حزب البعث وانما يتحدثون عن الضابط من أجل ان يكسروا هيبة الضابط والجندي ويدينوه ولا يدينوا الارهاب ودائماً ما نسمع عندما تحصل عملية امنية مباشرة الادانة تطلق على القائد العام للقوات المسلحة وعلى الوزير والضابط، وكانما هم ليسوا شركاء في هذا الجيش الذي يمثل جميع مكونات الشعب العراقيquot;.

وأضاف ان quot;هذه الادانة تقف خلفها إستراتيجية إحداث هزيمة نفسية عند الضابط، ونحن لا نسمح ابداً بحصول ذلكquot;. وأشار المالكي الى ان quot; كل قطرة دم عراقية نزيهة شريفة، تشرف كل الذين يخونون الامانة من سياسيين وغير سياسيينquot;.

وأعلن ائتلاف العراقية العربية بزعامة نائب رئيس الوزراء صالح المطلك الانسحاب من العملية السياسية احتجاجا على زج الجيش بالصراعات السياسية فقد يحث المطلك مع مسؤولة اميركية تداعيات احداث الفلوجة.

اكد الائتلاف انه ستدعو القوائم الأخرى للانسحاب quot;لعدم جدوىquot; العملية السياسية وذلك في ختام اتماعات عقدتها قيادات القائمة العراقية بحضور اياد علاوي.

وقد بحث المطلك، مع نائبة مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون العراق باربرا ليف والسفير الامريكي في بغداد، تداعيات احداث اقتحام ساحة اعتصام الحويجة.

وشدد المطلك خلال الاجتماع على اهمية محاسبة المقصرين في هذه الحادثة مضيفاً انه سيشرف بنفسه على التحقيقات من خلال اللجنة المشكلة لهذا الغرض وسيحرص على اعلان النتائج بأسرع وقت ممكن.

واضاف المطلك انه اجرى اتصالات مكثفة مع رئيس الوزراء ووزير الدفاع وكالة لغرض انهاء هذه المشكلة قبل اندلاعها الا انه وكما يبدو ان هناك اطرافا كانت تدفع باتجاه التصعيد.

وحذر من التمادي باستخدام القوة ضد المتظاهرين لان ذلك سيدفع البلاد الى هاوية خطيرة ويوفر اجواء مناسبة لأثارة الفتنة بين ابناء الشعب الواحد وسيدفع المواطن البسيط فاتورة ذلك من دمائه مثلما حصل في الحويجة اليوم.

واشار بيان لمكتب المطلك ان باربرا عبرت عن قلق الادارة الاميركية حيال الاحداث في العراق والتصعيد الذي حصل في الحويجة ودعت الاطراف جميعها الى ضبط النفس والاحتكام الى منطق الحوار سعيا لحلحلة المشكلات بين الاطراف السياسية المختلفة وبين الحكومة والمتظاهرين ايضا.

وكان وزيرا التربية محمد تميم والعلوم والتكنولوجيا عبد الكريم السامرئي وهما ينتميان الى القائمة العراقية قد قدما استقالتيهما من منصبيهما في وقت سابق اليوم احتجاجا على هجوم القوات المسلحة ضد المحتجين في الحويجة.

عشرات القتلى والجرحى في كركوك والانبار وصلاح الدين

دارت صدامات بين محتجين غاضبين والقوات الامنية في الرمادي عاصمة محافظة الانبار الغربية مما ادى الى سقوط سبعة قتلى وجرحة وحرق عجلة همر عسكرية تابعة للجيش العراقي.

وهاجم متظاهرون بمدينة الرمادي بالحجارة رتلاً عسكرياً قرب ساحة الاعتصام بالمدينة مما اسفر عن تعطّلها وبعدما انتقل الجنود الى سيارة أخرى قام المعتصمون بإحراقه من دون وقوع إصابات في الإرواح. لكن صدامات اخرى جرت مع مسلحين ادت الى سقوط سبعة قتلى. كما انشق عدد من العسكريين وسلموا اسلحتهم الى رجال العشائر.

وفي محافظة كركوك الشمالية سقط 13 قتيلا بين صفوف رجال عشائر هاجموا نقاط تفتيش عسكرية في منطقتيالرشاد والرياض بالمحافظة.

وفي قضاء طوز خورماتو التابع لمحافظة صلاح الدين شمال غرب بغداد سقط عشرات من المسلحين ورجال الجيش الشرطة بين قتيل وجريح في اشتباكات اندلعت بين القوات الأمنية وعشرات المسلحين الذين حاولوا السيطرة على مقر مديرية شرطة ناحية سليمان بك.

وفي اول احصائية للضحايا من الطرفين اشارت تقارير الى سقوط ثلاثة قتلى وإصابة ما لا يقل عن خمسة آخرين في صفوف الاجهزة الامنية فيما سقط العديد من المهاجمين بين قتيل وجريح لم يعرف عددهم بالضبط.

وفي الموصل الشمالية قام رجال عشائر بحرق ثكنات للجيش العراقي في ناحية الشورى مما ادى الى مناوشات مع القوات الامنية.

النجيفي: مهاجمة معتصمي الحويجة فتحت باب الفتنة

طالب مقتدى الصدر بتشكيل لجنة امنية للتحقيق بهجوم الحويجة، فيما حذر رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي من ان احداث الحويجة فتحت الباب واسعا امام فتنة كبيرة تحيق بالبلد وقال في مؤتمر صحافي اليوم انه اجرى باتصالات مهمة مع القيادات العراقية بينها رؤساء التحالف الوطني ابراهيم الجعفري والمجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم واقليم كردستان مسعود البارزاني واتصالات خارجية ايضا ل يوضح طبيعتها.

واوضح انه بصدد الاتصال مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من اجل اتخاذ موقف واضح من الجهة التي اعطت الامر باستهداف المعتصمين في الحويجةquot;.

واشار النجيفي الى انه تم ارسال وفد من لجنة الامن والدفاع النيابية الى كركوك لتقصي الحقائق على خلفية احداث الحويجة التي راح ضحيتها العشرات من المعتصمين.

وقال ان اشتباكات تدور حاليا في محافظة كركوك بين قوات الجيش وابناء العشائر على خلفية اقتحام ساحة الاعتصام في الحويجة فجر اليوم وسقوط عشرات القتلى والجرحى.

ودعا القوات المسلحة الى عدم اطاعة اي اوامر بالتصدي للمتظاهرين او اطلاق النار عليهم وناشد العشائر العراقية الى ايقاف اطلاق النار والتهدئة ونزع فتيل الازمة وعدم اتباع مخطط يراد به جر البلد الى حرب اهلية quot;لان هذا الامر من اخطر ما يواجه العراق في تاريخهquot; كما قال.

وشدد على انه سيفعل كل ما بوسعه لايقاف نزيف الدم والتحقيق الجدي في هذه القضية واحالة كل من تورط بدم العراقيين خارج اطار القانون والدستور الى المحاكم سواء كان قائدا عسكريا او مسؤولا سياسيا، او مواطنا عاديا.

بارزاني: هجوم الحويجة خرق للدستور

ومن جهته اعتبر رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني الهجوم على معتصمي الحويجة خرقا فاضحا للدستور.

ورفض بشدة قيام الحكومة العراقية quot;باستخدام الجيش والقوة العسكرية ضد المتظاهرين المطالبين بحقوقquot;، وأكد ان ذلك يعد خرقا فاضحا للدستور وكل القوانين واوعز إلى مستشفيات إقليم كردستان العراق ان تفتح أبوابها لاستقبال جرحى حادثة الحويجة وطالب المؤسسات ذلت العلاقة في الاقليم بتسهيل ذلك الأمر على وجه السرعة.

وقال فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان ان بارزاني أمر بأن تأخذ كافة المستشفيات والمراكز الصحية في الإقليم إستعدادها التام لإسعاف جرحى الأحداث الدامية التي وقعت اليوم في قضاء الحويجة وضواحيها، وتسخير كل إمكاناتها المتاحة من أجل العناية بهم وتوفير المستلزمات الضرورية لمعالجتهم.

وأضاف ان الرئيس بارزاني أوصى كافة الجهات والمؤسسات ذات العلاقة في كوردستان بأن تبدي ما عليها لتقديم التسهيلات اللازمة بهدف إسعاف وإستقبال هؤلاء الجرحى وتقديم كل الخدمات الطبية والعلاجية اللازمة لهم.

علاوي: المالكي ارتكب مذبحة ضد المواطنين

قالت القائمة العراقية بزعامة اياد علاوي ان قوات الجيش وما يسمى بقوات سوات التابعة للقائد العام للقوات المسلحة وبأمر منه قد قامت اليوم بأقتحام ساحة الأعتصام في الحويجة في عدوان سافر على أبناء الشعب العراقي وفي أنتهاك صريح للدستور الذي حرم أستخدام الجيش كأداة لقمع الشعب وفق المادة التاسعة منه مما أدى الى أستشهاد وجرح المئات من الموطنين.

واضافت الناطق الرسمي باسم العراقية النائب ميسون الدملوجي في تصريح صحافي مكتوب تسلمته quot;ايلافquot; أن ائتلاف العراقية يستنكر ويدين هذا التصرف والقرار الشائن بأقتحام المعتصمين السلميين والذي بني على ذرائع واهية مما يعرض السلم والأمن المجتمعي للخطر وكان الأجدر أن تأخذ الجهود السياسية فرصتها في حل الأشكالية دون اللجوء الى هذا الأسلوب العسكري الذي سيسجل في الصفحات السوداء لتاريخ الجيش العراقي عندما يتحول الجيش الى عدو لشعبه.

وشددت على أن القائد العام للقوات المسلحة سجل فشلاً جديداًهذا اليوم يضاف الى سلسلة الفشل المستمر في الملف الأمني وكان حري به أن يلملم جراحات شعبه المنكوب بأدارته للملف الأمني والسياسي. وأن ما جرى اليوم يأتي تجسيداً لخطابات التحريض بين أبناء الشعب العراقي التي سمعناها منه قبل أيام.

ودعت القوى السياسية وخاصة الأخوة في التحالف الوطني أن يبينوا موقفهم الصريح من الفعل الذي جرى هذا اليوم، كما نحمل رئيس مجلس الوزارء القائد العام للقوات المسلحة وقادة الجيش والعناصر التي أشتركت في جريمة اليوم المسؤولية القانونية والأخلاقية على ما حصل quot;وندعو السيد المالكي والسيد وزير الدفاع بالوكالة الى الأستقالة حقناً للدماء وندعو أبناء الجيش العراقي لضبط النفس وعدم الأنجرار وراء الصراعات السياسية، كما ندعو أبناء شعبنا وخاصة في الحويجة وفي المحافظات المنتفضة على الظلم أن تتمسك بسلمية التظاهرات ومطلبيتها وأن لايستفزها هذا التصرف الأحمق الذي جرى اليوم وأن تفوت الفرصة على الذين يريدون أن يجروا البلاد الى الأقتتال للاحتفاظ بكرسي السلطةquot;.

وطالبت المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الأنسان والأمم المتحدة بأن يكون لها موقف quot;ضد السياسات القمعية التي يمارسها رئيس مجلس الوزراء بحق أبناء الشعب العراقي خصوصاً وأن الحكومة قد فشلت في أخراج العراق من الفصل السابعquot;.

واكدت الدملوجي quot;أن أئتلاف العراقية بكل قياداته وأعضائه ينحاز بالكامل للمطالب المشروعة للشارع العراقي وهو في حالة أجتماع مفتوح لرصد الأنتهاكات وإتخاذ الموقف اللازم والذي يقتضيه الواجب الوطني والأنسانيquot;.

والحويجة مدينة في شمال العراق ومركز قضاء تابع لمحافظة كركوك (225 كم شمال شرق بغداد حيث تقع جنوب غرب مدينة كركوك بحوالي 50 كيلومترا و يقدر عدد سكانهبنصف مليون نسمة والغالبية الساحقة منهم من العرب مع أقليات كردية وتركمانية. ومن أبرز العشائر العربية التي تقطن القضاء: الجبور والعبيد والنعيم وشمر.

ومنذ يوم الجمعة الماضي تحاصر قوات أمنية حكومية ساحة الاعتصام في قضاء الحويجة على خلفية مقتل جندي وجرح ضابطين في هجوم على نقطة تفتيش عسكرية حيث كانت السلطات العراقية تطالب المعتصمين بتسليم المسلحين الذين هاجموا نقطة التفتيش وإعادة السلاح الذي أستولوا عليه من الجنود أثناء الهجوم فيما ينفي المعتصمون من جهتهم ذلك مؤكدين ان الجنود هم من فتحوا النار عليهم ما أدى الى مقتل أحد المتظاهرين وجرح عدد آخر مؤكدين أن الجندي قتل بسلاح زملائه.