مجموعة الدعم الغربي الرئيسة للمعارضة السورية وصلت في الآونة الأخيرة إلى حال من الفوضى بعد أن فشلت في تأمين أية مساعدات تذكر للمقاتلين على الأرض وصار عملها الوحيد هو الكفاح من أجل إلبقاء.


لميس فرحات وعبدالاله مجيد: يتسم عمل المجموعة الغربية الرئيسة لدعم المعارضة السورية بالتخبط والفشل في إيصال أي دعم يُعتد به إلى مقاتلي المعارضة، بل إن المجموعة نفسها تواجه أزمة تهدد وجودها.

وفي وقت تحقق قوات النظام السوري تقدما على محاور مهمة في الحرب المستعرة منذ ما يربو على عامين فان مجموعة دعم سوريا تعاني الانقسامات الداخلية وتواجه صعوبات كبيرة في جمع التبرعات المالية لإسناد المعارضة، كما أفادت صحيفة الديلي تلغراف في تقرير من واشنطن.

وكانت مجموعة دعم سوريا التي انطلق عملها من العاصمة الأميركية بعد أشهر على اندلاع الانتفاضة تعتبر إطاراً يمكن أن يغيّر مجرى الحرب بقدراتها على جمع المال اللازم لمد قوات المعارضة بما تحتاجه من أسلحة حديثة.

ولكن المجموعة بدلا من استخدام الترخيص الفريد الذي نالته من الولايات المتحدة لضخ المال والسلاح إلى المعارضة أمضت أشهرا في مجهود عقيم لجمع ملايين الدولارات من داخل سوريا نفسها التي يعيش شعبها أزمة خانقة في كل المجالات.

هوس بصفقات النفط

وذهب كادر سابق في مجموعة دعم سوريا إلى أن قيادة المجموعة أصبحت quot;مهووسةquot; بعقد صفقة نفطية راهنت على ما ستحققه لها من موارد مالية ضخمة على ما يُفترض بدلا من التركيز على مهمتها الأساسية في دعم فصائل المعارضة المسلحة.

وكان رئيس مجموعة دعم سوريا في واشنطن استقال الشهر الماضي من منصبه بعد أن أخفقت المجموعة في كسب مسؤولين ذوي كلمة مسموعة في الإدارة الأميركية إلى جانبها في حين أن مكتب المجموعة في لندن مهدد بالغلق بعد تردي علاقته بالحكومة البريطانية.

وطالبت وزارة الخارجية البريطانية مجموعة دعم سوريا بدفع آلاف الجنيهات الإسترلينية من منحة قُدمت إليها بعد أن توصلت الحكومة البريطانية إلى وجود تلاعب في إنفاق بعض المال، كما اشارت صحيفة الديلي تلغراف.

وكان الغرب علق آمالا على مجموعة دعم سوريا التي أُنشئت في الولايات المتحدة في كانون الأول/ديسمبر 2011 لدعم فصائل المعارضة السورية الوطنية والمعتدلة ومُنحت في ايار/مايو عام 2012 ترخيصا قل نظيره من وزارة الخزانة الاميركية يعفيها من العقوبات المفروضة على سوريا.

ولكن منابع التبرعات الخاصة جفت بعد ان حذرت وزارة الخارجية الاميركية مجموعة دعم سوريا من ان اموالها لا يمكن ان تُستخدم لشراء اسلحة. وقال ديفيد فولت مدير الشؤون الاوروبية السابق في مجموعة دعم سوريا ان المجموعة حولت اتجاه عملها من جمع التبرعات الى السعي لعقد صفقات نفطية كبيرة ومثيرة للجدل بقيادة براين سايرز المسؤول السابق في حلف الأطلسي.

ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن فولت قوله quot;ان براين وآخرين كانوا مهووسين بالنفط وان فكرة التمكن من جمع مئات الملايين من بيع النفط سيطرت على عمل مجموعة دعم سوريا بحيث لم تول اهتماما حقيقيا بطبيعة النزاعquot;.

قضية معقدة

ويشكل النفط السوري قضية حساسة جدا بين قياديين في المعارضة السورية حريصين على تفادي تهمة الفساد والخضوع للنفوذ الغربي التي ستثيرها أي صفقة نفطية تُعقد مع الغرب.

وقال ممثل المعارضة السورية في لندن وليد سفور انه ليس هناك فصيل في ائتلاف المعارضة السورية مخول ببيع حقوق النفط أو الاستحواذ على موارد قبل سقوط نظام الرئيس بشار الأسد ومجيء حكم بديل.

وقال رئيس مجموعة سوريا مازن اسباهي الذي يحاول الآن إعادة بناء المنظمة إن مجلس إدارتها أُجبر في النهاية على وقف المشاريع النفطية لعدم ارتياحه إلى نشاطات براين سايرز.

وأوضح اسباهي أن نقاشات اولية مبكرة جرت، ولكن لم تكن هناك متابعة جدية. ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن اسباهي quot;أن القضية المتعلقة بالنفط قضية معقدة وان منظمتنا تركز على تيسير وصول مساعدات غير فتاكة إلى المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحرquot;.

وأكد أعضاء في مجلس إدارة المجموعة أنهم دعوا سايرز إلى إنهاء مشاريعه النفطية. واتهم احد أعضاء المجلس سايرز بالانفراد بالعمل.

ولكن سايرز قال ان قيادة مجموعة دعم سوريا واللواء سليم ادريس قائد الجيش السوري الحر دعما فكرة استخدام أموال النفط للمساعدة في تمويل الانتفاضة. وأضاف quot;لم يكن هناك خلاف على مبادئ هذه القضية والقول بأني تماديتُ قول باطل تماماquot;.

وفيما كانت هذه النقاشات جارية طلب اللواء ادريس دعم الغرب لطرد الجماعات الجهادية التي تسيطر على حقول نفطية. وقال اللواء ادريس لصحيفة فايننشيال تايمز quot;حين تكون لدينا كتيبة حسنة التسليح ونرسلها إلى الحقول النفطية سينظر إليها الآخرون بوصفها قوة مركزية تحمي الثروة الوطنية وليست جماعة محددة تبسط سيطرتها لبيع النفطquot;.

أجبر على إخلاء مكتبه

يشار إلى أن مجموعة الدعم، وعلى الرغم من حملات الدعم التي نظمتها في واشنطن ولندن، إلا انها لم تحصل إلا على عقدين صغيرين لمنح حكومية خلال 14 شهراً، أحدهما تم والثانيألغي بسبب اعتراض الخارجية البريطانية على استخدام المنحة لتأسيس مكتب يطل على حديقة quot;هايد باركquot; خاص بوليد سفور، عضو مجلس شورى جماعة الأخوان المسلمين وسفير المجلس الوطني في لندن. ولكن طُلب من فرع مجموعة دعم سوريا في أوروبا إعادة جزء من مبلغ المنحة إلى وزارة الخارجية البريطانية.

وقال سفور لصحيفة الديلي تلغراف انه أُجبر على إخلاء مكتبه ولم يعثر على مكتب جديد حتى الآن. وأضاف quot;للأسف أن مجموعة دعم سوريا لم تتمكن من الاستمرار في استئجار المكتب لعدم توفر المال. وأنا لم أسألهم قط عن مصادر تمويلهمquot;.

ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم وزارة الخارجية قوله إن الوزارة لا تقدم حالياً أي دعم مادي لسفور وإنها استعادت الأثاث ومعدات أخرى من المكتب، مضيفاً أنها ستكون صارمة مستقبلاً تجاه بحث استخدام موارد المجموعة.

واشار اسباهي الى ان مستقبل فرع المجموعة في اوروبا موضع نقاش وانه لا يستبعد غلقه. واعترف اسباهي بأن مجموعة دعم سوريا لم تملك ذات يوم أكثر من 200 الف دولار في حسابها. وقال عضو في مجلس الادارة quot;نحن نكافح لإبقاء المصابيح مضيئةquot;.