الفاتيكان: وجّه البابا فرنسيس الجمعة تهنئة حارة الى quot;الاصدقاء الاعزاءquot; من المسلمين بعيد الفطر، داعيا الى تعزيز quot;الاحترام المتبادلquot; بين الديانتين، ومؤكدا تقديره ومودته لجميع المسلمين، وخاصة القادة الدينيين بينهم.

ومع اقتراب عيد الفطر، وقع البابا باسمه الشخصي الرسالة السنوية للمجلس البابوي للحوار بين الاديان في الفاتيكان، الذي يرأسه الكاردينال الفرنسي جان-لوي توران.

وقال البابا حسب الترجمة الرسمية لرسالته الى العربية التي خاطب فيها المسلمين في العالم quot;جرت العادة أن يوجِّه إليكم المجلس البابوي للحوار بين الأديان التهاني بالعيد، (...) هذه السنة، الأولى من حَبريَّتي، قرّرت أن أوقِّع أنا بنفسي هذه الرسالة إليكم، أيها الأصدقاء الأعزاء، للتعبير عن تقديري ومودَّتي لجميعكم، وبصورة خاصّة للقادة الدينيّين بينكمquot;. تجدر الاشارة الى ان البابا يوحنا بولس الثاني وحده قام بالخطوة نفسها عام 1991.

وقال البابا في رسالته quot;في هذه السنة، الموضوع الذي أوَدّ أن أتأمّل فيه وإيّاكم وجميع الذين سيقرأون هذه الرسالة هو موضوع يهمُّنا كلَّنا، مسيحيّين ومسلمين، ألا وهو: تعزيز الاحترام المتبادل من خلال التربيةquot;.

واضاف البابا فرنسيس quot;رسالة هذه السنة تركِّز على أهمّيّة التربية في الطريقة التي نفهم بها أحدنا الآخر، والتي أساسها الاحترام المتبادل. +الاحترام+ يعني موقفًا من المودّة لأناس لهم في مشاعرنا اعتبار وتقدير. و+المتبادل+ يعني أنّ الموقف ليس موقفًا من جهة واحدة، بل هو موقف يشترك فيه الجانبانquot;.

وتابع البابا quot;ما نحن مدعوون إلى احترامه في كلّ شخص هو قبل كلّ شيء حياته وسلامته الجسديّة، ثم كرامته كإنسان والحقوق الناجمة عن هذه الكرامة، وسمعته وكلَّ ما يملك، وهوّيّته الإثنيّة والثقافيّة، وأفكاره وخياراته السياسية. لذلك نحن مدعوُّون إلى التفكير والتكلّم والكتابة بطريقة تحترم الآخر، وليس فقط إذا كان حاضرًا، بل دائمًا وفي كلّ مكان، فنترك جانبًا كلَّ نقد لا يليق وكلَّ تشهير. وللعائلات والمدارس والتربية الدينيّة ووسائل الإعلام بجميع أشكالها دور تلعبه من أجل تحقيق هذا الهدفquot;.

واضاف quot;نحن مدعوون لاحترام ديانة الآخر وتعاليمها ورموزها وقيمها، ويتوجب كذلك احترام خاص للقادة الدينيين ولأماكن العبادة. كم هي مؤلمة الاعتداءات التي يتعرّضون لها!quot;.

وتابع البابا فرنسيس quot;من الواضح أنَّنا إذا أبدينا احترامنا لديانة الآخر أو قدَّمنا له تمنِّياتنا الطيِّبة في مناسبة الاحتفالات الدينية، فإننا نشاركه فرحه وسروره بالعيد، دون التطرق إلى مضمون قناعاته الدينيّةquot;.

وتطرق البابا الى دور التربية في التقريب بين الديانتين وقال quot;أما بالنسبة لتربية الشباب المسلمين والمسيحيين، فعلينا أن نربي الأجيال الصاعدة على التفكير والتكلم باحترام عن الديانات الأخرى وأتباعها، والابتعاد عن كلَّ استخفاف أو إساءة لعقائدهم وممارساتهمquot;.

واعتبر ان quot;الاحترام المتبادل أساسيّ في كلّ علاقة بشريّة وخاصة بين أتباع الأديان. بهذه الطريقة يمكن لصداقة حقيقية ودائمة أن تنموquot;.

من جهته علق الكاردينال توران على رسالة البابا الى المسلمين وقال في تصريح الى اذاعة الفاتيكان quot;أن الحبر الأعظم شاء من خلال هذه المبادرة أن يعرب عن احترامه الكبير تجاه أتباع الدين الإسلاميquot; مضيفا ان البابا quot;وعندما كان رئيس أساقفة على بوينوس أيريس أرسل أحد كهنة الأبرشية ليتعلم اللغة العربية في القاهرة ليكون لديه شخص مطلع بعمق على الحوار مع الإسلام بنوع خاص. ومع وصوله إلى السدة البطرسية أراد البابا في أول سنة من حبريته أن يسلط الضوء على أهمية الحوار الديني مع الإسلام، الذي يحتل مرتبة أولية بالنسبة لهquot;.

وأقر رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان quot;أن الجهود التي بُذلت على صعيد الحوار الديني خلال السنوات القليلة الماضية كانت حثيثة لكنها وللأسف لم تحقق النتائج المرجوة، إذ لم يُترجم ما تم الاتفاق حوله إلى قوانين أو إجراءات إداريةquot; معتبرا انه quot;لا بد أن تُكثف الجهود ليتمكن المسيحيون والمسلمون من التعرف على بعضهم البعض بصورة أعمق، وليروا أنهم يبحثون عن اللهquot;.

واشار الكاردينال توران الى ان quot;الأوروبيين لا يميّزون غالبا بين الإسلام كدين والإسلام السياسي، مع أن الجميع يعي أن التطرف والأصولية هما عدو مشتركquot;.

وبدأت الخلافات بين الفاتيكان والمسلمين بسبب تصريحات للبابا بنديكتوس السادس عشر في جامعة المانية في ايلول/سبتمبر 2006 فسرت على انها تربط بين الاسلام والعنف.

واعلن الازهر الشريف في الثامن من حزيران/يونيو الماضي في بيان بعد ثلاثة اشهر من انتخاب البابا فرنسيس بابا جديدا للفاتيكان quot;أن عودة العلاقات بين الأزهر والفاتيكان مرهونة بما تقدمه مؤسسة الفاتيكان من خطوات إيجابية جادة تظهر بجلاء احترام الإسلام والمسلمينquot;. وجدد الازهر مطالبته الفاتيكان quot;باحترام الإسلام والمسلمين بما يؤسس لإعادة العلاقات بين الجانبين على أسسquot; سليمة.

واستانف الطرفان في عام 2009 الحوار بينهما لكن الامور تازمت مجددا مطلع كانون الثاني/يناير 2011 اثر ادانة البابا بنديكتوس السادس عشر لتفجير كنيسة في مدينة الاسكندرية (شمال مصر) داعيا الى حماية المسيحيين في مصر. وقرر الازهر عقب هذا الموقف تجميد علاقاته مع الفاتيكان لاجل غير مسمى بسبب ما اعتبره انذاك تعرضا متكررا من بابا الفاتيكان السابق للاسلام quot;بشكل سلبيquot;.

وختم البابا رسالته قائلا quot;ختاما، أقدِّم لكم تمنيّاتي الطيبة وأسأل الله لكم حياة موفَّقة ومباركة تمجِّده تعالى وتجلب المسرَّة لجميع الناس من حولكم. كل عام وأنتم بخير!quot;.