ازدادت معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مع وصول المزيد من إخوانهم الذين يفرون من نيران الحرب المشتعلة في سوريا منذ أكثر من عامين.


منذ عقود مضت، يتزاحم الفلسطينيون في لبنان يومياً على الوظائف البسيطة التي يلجأون إليها لسد قوتهم، لكن هذه المهن شهدت منافساً جديداً على الساحة، لا سيما من قبل اللاجئين الفلسطينيين الذين وصلوا مؤخراً من سوريا.

فقد لجأ عدد كبير من الفلسطينيين إلى لبنان منذ العام 1948، لكن الأزمة السياسية والأمنية في سوريا المجاورة أدت إلى تدفق أعداد إضافية منهم وزادت من حدة التنافس على عدد قليل من الوظائف المتاحة للفلسطينيين في لبنان، فتدنت الأجور البائسة بالفعل، مما أدى الى ارتفاع تكاليف السكن وزاد من حدة التوترات في المخيمات.

الفلسطينيون في لبنان يعيشون في فقر مدقع يشكل ضغطاً لم يسبق له مثيل على مخيمات اللاجئين، فالموارد ضعيفة والوظائف نادرة. وفي ظل هذا الوضع، يعجز الفلسطينيون في لبنان عن استيعاب عدد غير مسبوق من اللاجئين القادمين من سوريا إلى المخيمات الخاصة بهم.

100 ألف لاجئ

تشير تقديرات منظمة التحرير الفلسطينية إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين من سوريا قد يصل إلى 100 ألف بحلول نهاية عام 2013 - أي بزيادة قدرها 20 في المئة لعدد الفلسطينيين في لبنان عموماً، والذين بلغ عددهم حوالي 450 ألفاً قبل بدء الحرب في سوريا.

فتحي أبو العردات، ممثل فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، قال لصحيفة الـ quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; إن المخيمات غير قادرة على استيعاب أكثر من 35 الف لاجئ هذا العام، لكنها بالفعل تستضيف ضعف هذا العدد، في ظل وصول 6000 فلسطيني شهرياً.

لا دخل منتظم

وتمكن المجتمع الفلسطيني في لبنان من البقاء خلال صراعات عديدة، واعتاد سكان المخيم على استضافة موجات من النازحين الفلسطينيين بين الفترة والأخرى.

لكن نسبة7٪ فقط من اللاجئين الفلسطينيين الآتين من سوريا لديها دخل منتظم، وجميع من تبقى تقريباً يعيشون مع أسر مضيفة، تعاني في الأساس من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة، لأن الفلسطينيين في لبنان ممنوعون من العمل في القطاع العام، وفي العديد من المجالات المهنية الأخرى، وفقاً لما قاله ياسر داود، المدير التنفيذي لجمعية النبع الخيرية، التي تعمل في ثمانية مخيمات للاجئين الفلسطينيين، بما في ذلك مخيم عين الحلوة.

مليون لاجئ سوري في لبنان

عدد اللاجئين السوريين في لبنان يتجاوز الآن المليون شخص، وفقاً لمسؤولين لبنانيين، من ضمنهم 65 ألف فلسطيني، غالباً ما يكونون موضع ترحيب أو قادرين على العثور على السكن في المخيمات فقط، حيث يستقر الفلسطينيون في لبنان منذ وصولهم في أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948.

سوريا كانت تستضيف 486 ألف لاجئ فلسطيني قبل الحرب، لكنّ عدداً كبيراً منهم بدأ بالفرار مع اندلاع الحرب في البلاد، لا سيما في تموز 2012، عندما اندلع القتال للمرة الأولى في ضواحي دمشق حيث تتركز المخيمات الكبيرة. معظم الفلسطينيين القادمين من سوريا يستقرون في واحد من 12 مخيماً للاجئين الفلسطينيين في لبنان.

اشتباكات واستغلال للضعفاء

العدد الهائل من الوافدين إلى مخيمات لبنان أدى إلى أزمة من الصعب معالجتها. في 17 تموز/يوليو، حذر العردات، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية، من أن تدفق اللاجئين إلى المخيمات الفلسطينية في لبنان سيؤدي إلى اشتباكات داخل المخيمات أو استغلال اللاجئين الضعفاء من قبل الميليشيات الطائفية التي تحتاج إلى المقاتلين.

وتفاقمت المخاوف في الشهر الماضي عندما انضم مسلحون فلسطينيون من مشارف مخيم عين الحلوة إلى رجل الدين السلفي أحمد الأسير في معركة مع الجيش اللبناني التي أدت إلى مقتل 18 جندياً.
quot;المسألة ليست مثيرة للقلق فقط، بل هي خطيرة جداًquot;، قال أبو العردات.

واعتبرت الساينس مونيتور أن الفلسطينيين القادمين من سوريا يعامَلون بنفس التمييز كما هم أسلافهم في لبنان، فعلى الرغم من أن هؤلاء لديهم العديد من نفس الحقوق التي يتمتع بها المواطنون في سوريا، إلا أن الحال في لبنان ليس مشابهاً.

يعتمدون على الاونروا

يعتمد اللاجئون في المقام الأول على وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، التي تدير المخيمات وتوفر المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين.

ويحظر على الفلسطينيين في لبنان امتلاك العقارات أو دخول العديد من المهن، مما جعل سكان المخيمات في لبنان يتنافسون على وظائف وضيعة وغير رسمية في الاقتصاد اللبناني.

وتؤكد الحكومة اللبنانية أن وجود اللاجئين الفلسطينيين في البلاد هو موقت، على الرغم من أن العديد منهم يسكن المخيمات منذ عام 1948. القواعد التي تحكم وجود الفلسطينيين في لبنان تعتمد على سياسة quot;النأي بالنفسquot;. كما أن دخول فلسطينيي سوريا إلى لبنان يتطلب منهم الحصول على وثيقة من وزارة الداخلية في دمشق بخمسة دولارات، وهو مبلغ لا تستطيع العائلات الفقيرة أن تتكفل به، وفقاً لما قالته كاثرين ريتشاردز، المسؤولة الميدانية لمشروع الأونروا.

لا مغادرة دون وثيقة

quot;هذا يعني أن المواطن السوري الذي احترق بيته ويريد الفرار، يحزم حقائبه ويمشي. لكن الفلسطيني عليه الذهاب إلى دمشق في رحلة خطيرة إلى وزارة الداخلية للحصول على هذه القسيمة، وعندئذ فقط يستطيع مغادرة سورياquot;، تقول ريتشاردز.

وأضافت: quot;من الواضح أن عدد اللاجئين المرتفع يؤثر على لبنان، لكن السلطات ما زالت تسمح بدخولهم. على الرغم من السلبيات، إلا أنه لا بد من الاعتراف بالإيجابيات والانتصارات الصغيرة أيضاًquot;.