من الطبيعي أن ينتقل الانقسام الحاد الذي تشهده مصر على خلفية الاطاحة بحكم الاخوان المسلمين وتفشي العنف، إلى الجاليات المصرية في الخارج. فالمصريون في كندا منقسمون بشدّة على غرار بقية مواطنيهم في الداخل.


أشرف أبوجلالة من القاهرة: في ظل حالة الغموض السياسي التي تعيشها مصر على خلفية التطورات المتلاحقة خلال الآونة الأخيرة، بدأت تتسبب نفس التصدعات الأيديولوجية المعقدة التي ظهرت في حرب الشوارع التي شهدتها القاهرة في حدوث انقسامات عميقة بين المصريين في كندا.

فقليلون هم من بوسعهم الابتعاد عن الأخبار وأقل منهم مَن بوسعهم التحدث بتجرد عن الجهة التي يرونها تتحمل مسؤولية فوضى الانتماءات السياسية والدينية المتشابكة التي تمزق وطنهم.

وقال محمد فاضل أستاذ القانون المساعد في جامعة تورنتو:quot; المصريون هنا منقسمون على غرار ما هو حاصل في مصرquot;.

وأضاف فاضل، الذي غادر مصر في الطفولة، أن وصلات الصراخ نشبت في المساجد المحلية بسبب حالة الهستريا التي تجتاح المصريين في أعقاب الإطاحة بالرئيس محمد مرسي والصدامات الدموية التي وقعت بين جماعته quot;الإخوان المسلمينquot; والجيش والمواطنين بينهما.

وتسببت أعنف اضطرابات مدنية، تشهدها البلاد منذ 60 عاماً، في مقتل 1000 شخص على الأقل، من بينهم ما يقرب من 100 جندي وضابط.

ومن بين الذين قُتِلوا ذلك الشاب الذي يقيم في كندا بشكل دائم ويدعى، عمرو قاسم، حيث لاقى حتفه في التظاهرات التي اندلعت في الإسكندرية يوم الـ 16 من آب/ أغسطس الجاري.

وأشارت زوجة قاسم إلى أن زوجها لم يكن عضواً بجماعة الإخوان المسلمين، وأنه كان يتظاهر فقط ضد قتل المتظاهرين في القاهرة إبان تلك الفترة.

وأضافت الزوجة وتدعى أسماء حسين في تصريحات أدلت بها لصحيفة ذا ستار الكندية :quot; لقد تأثر بشدة بحالة الظلم التي كانت حاصلة. ودائماً ما كان يضع تلك المبادئ في حسبانهquot;.

واتضحت طبيعة مبادئ قاسم قبل أيام، حين قام جوناثان هاليفي، وهو باحث بارز في مركز القدس للشؤون العامة، بنشر ترجمة لتدوينات قاسم عبر فايسبوك على مدونته الخاصة.

ولاحظ هاليفي أن قاسم، وهو أب ويبلغ من العمر 27 عاماً، من أتباع حزب النور السلفي شديد المحافظة، وأنه قام بتغيير صورة حسابه على الموقع إلى علم الجهاد الأسود.

وأوضحت الصحيفة أن زوجته لم ترد على استفسارات خاصة بتلك الرواية. لكنها نوهت إلى أنه تم الاعتداء على جنازة زوجها لظن الناس أنها تخص أحد أتباع الإخوان.

وعاود فضل ليقول إن موت قاسم برصاص القناصة دليل على استمرار quot;السياسة الشموليةquot;. وأكمل quot;يحتاج الجيش لتكوين عدو داخلي قوي بما فيه الكفاية لتبرير قمعه.
وبمجرد أن تفعل ذلك وتقنع الناس بأن كل من حولك هم خصومك، سيكون لديك هذا النوع من العنف الجماعيquot;.

ورغم تباين الرؤى والتحليلات، إلا أن نهلة عبده، وهي أستاذة مصرية المولد في علم الاجتماع بجامعة كارلتون، أوضحت أن عشرات الملايين من المواطنين المصريين العاديين نزلوا للشوارع لإظهار دعمهم للجيش لفض اعتصامات جماعة الإخوان المسلمين، التي حملتها مسؤولية العنف المتصاعد الذي تشهده البلاد خلال الفترة الماضية.

وتابعت: quot;هذا ليس انقلابًا عسكريًا بأي حال من الأحوال. بل هو انقلاب من جانب الشعب، الذي خرج للمطالبة بوضع حد لحكم نظام جماعة الإخوان المسلمينquot;.

ولفتت إلى أن معظم المصريين الذين يعيشون في كندا يتشاركون معها في نفس وجهة النظر، عكس الأشخاص الذين يمتلكون خلفيات دينية ويقفون على الجانب الآخر من النقاش.