تسيطر حالة من الرعب على المصريين، لاسيما أنه لم يعد يفصلهم عن 30 يونيو/ حزيران سوى أقل من يومين، وأصابتهم حمى شراء السلاح، والمواد الغذائية، وحتى المحروقات وتخزينها. فيما قررت مؤسسات خاصة وعامة عديدة إغلاق أبوابها بدءًا من أمس الخميس إلى أجل غير مسمى، وخاصة البنوك، وشركات الصرافة.


بورصة الأسلحة تنشط
بينما تشتعل الأوضاع في مصر، في ظل مظاهرات 30 يونيو المرتقبة، وفي ظل حالة الشحن والتوقعات بحدوث اقتتال أهلي أو على الأقل فوضى، تتماثل مع ما حدث في جمعة الغضب، 28 يناير/ 2011، أصابت حمى شراء الأسلحة النارية المصريين، فارتفعت مبيعات السلاح بمعدل 400%، أي أربعة أضعاف عن الفترة نفسها من شهر يونيو/حزيران من من العام الماضي. ونشطت ورش صناعة السلاح المحلية، كما نشطت عمليات التهريب من الخارج.

وقال مصدر في منطقة سوق السلاح في وسط القاهرة، إن تاجر أسلحة شهير، استطاع تهريب شحنة أسلحة من تركيا، تضم أكثر من ثلاثة آلاف قطعة سلاح صغيرة الحجم، مشيرًا إلى أن التاجر الشهير، الذي يمتلك محال لتجارة السلاح في وسط القاهرة، أدخل شحنة الأسلحة المستوردة من تركيا، عن طريق التهريب عبر ميناء الإسكندرية. ويروّج لها بين صفوف المصريين، عن طريق أصحابه ومعارفة وأصدقاء نجله.

يعرض التاجر الأسلحة، وغالبيتها عبارة عن quot;طبنجاتquot; عيار 9 مللي، متعددة الطلقات بمعدل 14 طلقة، بأسعار تتراوح من 1200 إلى 1700 جنيه، بدون الطلقات، التي يحتكر استيرادها من الخارج أيضًا.

وأضاف المصدر، الذي فضل عدم كشف هويته، لـquot;إيلافquot; أن هناك إقبالًا متزايدًا على الأسلحة الخرطوش، والصوت والطبنجات، نظرًا إلى رخص سعرها، ويأتي في المرتبة الثانية الأسلحة المتعددة الطلقات أو الأسلحة الرشاشة، مشيرًا إلى أن تجار السلاح رفعوا الأسعار أكثر من أربعة أضعاف، وحققوا مكاسب ضخمة، لم يحققوها في تاريخ تجارة السلاح في مصر.

التهريب والتصنيع
وأشار إلى أن فوبيا الخوف والرعب من يوم 30 يونيو/حزيران، دفعت المصريين إلى التسابق على شراء السلاح، لحماية أنفسهم وأسرهم وممتلكاتهم، ولفت إلى أن ورش صناعة السلاح المحلية، انتعشت جدًا، ونشطت عمليات تهريب السلاح عبر الموانئ والحدود مع ليبيا، لا سيما في ظل ترهّل الدولة، وتفكك القبضة الأمنية للبلاد على الشارع، وغياب الشرطة في بعض المناطق الخطرة، وعدم قدرتها على مكافحة البؤر الإجرامية، المشهورة بتجارة المخدرات والسلاح.

وقتل خلال اليومين الماضيين، ثلاثة من أنصار الرئيس محمد مرسي، وأصيب المئات في الاشتباكات، التي جرت في محافظات عدة، واستخدمت الأسلحة النارية فيها.

أجهزة تجسس على الخط
لم يكن تهريب السلاح وحمى شرائه الأبرز فقط، قبل 30 يونيو، بل يبدو أن أجهزة المخابرات الخارجية تجد في هذا اليوم أيضًا موعدًا جيدًا لممارسة عملها، ونشطت عمليات تهريب أجهزة التجسس أيضًا، وأحبطت السلطات الأمنية في مطار القاهرة محاولة تهريب أجهزة تجسس إلى مصر، عبارة عن أقلام، قادرة على التصوير الفوتوغرافي والفيديو، ونقل الصور إلى الخارج عبر الأقمار الصناعية، إضافة إلى نظارات شمسية، لديها الخاصية نفسها، حتى تحت جنح الظلام.

وقال مصدر أمني لـquot;إيلافquot; إن سلطات مطار القاهرة استطاعت إحباط محاولة مواطن أميركي تهريب أقلام تجسس إلى داخل مصر، مشيرًا إلى أنه تمت مصادرة الأقلام، وتحرير محضر بالواقعة.

وأوضح أنه أثناء إنهاء إجراءات جمارك ركاب الطائرة المصرية الآتية من نيويورك، اشتبه رجال الجمارك في راكب أميركي، وبتفتيش حقائبه عثر على أقلام تجسس، فتم إبلاغ رجال الأمن، حيث قرر الراكب عدم معرفته بحظر حيازة هذه النوعية من الأقلام في مصر، فتمت مصادرتهما، وتحرير محضر. ولفت المصدر إلى أنه عادة ما يتم ضبط كميات أقل من المهرّبة، متوقعًا أن تكون أجهزة تجسس قد دخلت البلاد أكبر مما تم ضبطه فعليًا.

تخزين المواد الغذائية
وأصابت حمى شراء المواد الغذائية المصريين، ما تسبب في ارتفاع الأسعار، لاسيما المواد القابلة للتخزين، مثل الأرز والمعكرونة، والبطاطس والبصل، والباميا، والزيت والبقوليات، والبيض، واللحوم. والمعلبات.

ووقف المصريون في طوابير أمام محال المواد الغذائية. وقال سعيد عبد العظيم، الذي كان يقف أمام محل للبقوليات في حي الجيزة، لـquot;إيلافquot; إنه اضطر لشراء احتياجات المنزل لشهر يوليو/تموز المقبل، وزاد منها، معربًا عن تخوفه من اندلاع أعمال عنف واسعة، وإغلاق المحال التجارية أبوابها، بعد يوم 30 يونيو. وأضاف أن الأوضاع سيئة جدًا، وتنذر بعواقب وخيمة، ولا أحد يستطيع توقع ماذا سيحدث في هذا اليوم المشؤوم.

وقررت سلاسل محال تجارية كبرى، مثل كارفور، إغلاق أبوابها يوم 30 يونيو، وخير زمان، وغيرها من المحال، خشية تعرّضها للسلب والنهب، ورغم أنها كثفت من إجراءاتها الأمنية حول المحال وفي الداخل، إلا أنها حذرت العاملين فيها من مواجهة البلطجية إذا هاجموا بكثافة، والهروب خشية سفك دمائهم.

البنوك مغلقة
بالنسبة إلى قطاع البنوك، فقررت المصارف عدم العودة إلى العمل يوم الأحد المقبل، ومنحت غالبيتها العاملين فيها أجازة رسمية في هذا اليوم، وطالبت عملاءها عبر رسائل على الهواتف المحمولة، بضرورة الحصول على احتياجاتهم من الأموال بنهاية يوم الخمس الماضي، وهذا ما يفسر الزحام الشديد الذي شهدته البنوك وشركات الصرافة خلال يومين الأربعاء والخميس الماضيين.
وقامت البنوك بـquot;تصفيرquot; ماكينات الصرف الآلي في الشوارع والميادين، مع حلول يوم مساء الجمعة، وعيّنت حراسات داخل مقار البنوك، إضافة إلى الحراسة الخارجية، تحسبًا لأية هجمات يقوم بها البلطجية والخارجون عن القانون.

لن يعودوا إلى العمل
يحصل عاملو الدولة في مصر، ومعظم المؤسسات الخاصة على إجازة يومي الجمعة السبت، لكن قطاعًا كبيرًا من الموظفين ينوون عدم العودة إلى العمل يوم الأحد، الموافق 30 يونيو، خشية التعرّض للإصابة بطلقات نارية أثناء المظاهرات، لاسيما أنها سوف تخرج في الميادين الرئيسة، فضلًا عن أن معارضين وضعوا خططًا من أجل احتلال مقار المحافظات والمؤسسات الرسمية، ومنع المسؤولين والموظفين من ممارسة أعمالهم، في محاولة لشلّ أجهزة الدولة، وإجبارها على الدخول في العصيان ضد نظام حكم الإخوان.

وقال المهندس سعد الحسيني محافظ كفر الشيخ، والقيادي الإخواني، إنه لن يسمح بغياب الموظفين العاملين في الجهاز الحكومي في المصالح والهيئات كافة بأية حال من الأحوال يوم الأحد 30 من يونيو. وأضاف الحسيني خلال اجتماع المجلس التنفيذي بحضور اللواء أسامة متولي مدير الأمن وقيادات المحافظة ورؤساء المدن أن من سيتغيب في يوم 30 يونيو سيحاسب حسابًا عسيرًا، ولن يسمح لموظف بالانصراف أو الاستئذان، معللًا أن غياب الموظفين سيساعد من تسوّل له نفسه أن يقتحم مبنى حكوميًا بأن يفعل ذلك، مشيرًا إلى أن هذا اليوم هو يوم عمل عادي، وسيكون متواجدًا في مكتبه بشكل اعتيادي.

من جانبه، قال مدير الأمن إنه لا يستطيع توفير قوات تأمين سوي للبنوك ومحطات الكهرباء والمياه والبريد وديوان المحافظة والسكة الحديد والمزلقانات والمستشفيات والأماكن الشرطية، مشيرًا إلى أن القوات غير كافية لتأمين كل المصالح الحكومية. وطالب مدير الأمن بعدم غياب الموظفين حتى تمشي الأمور طبيعية مع وجود المظاهرات والتجمعات.

لكن الموظفين العاملين في مجمع التحرير، الواقع في ميدان التحرير وسط القاهرة، لن يذهبوا إلى أعمالهم في ذلك اليوم، فقد حصلوا على إجازات رسمية من الإدارات الحكومية التابعين لها، لاسيما أن المظاهرات سوف تغلق المجمع. وسوف يلزم العاملون فيه بيوتهم.