نصر المجالي: غادرت القاهرة الجمعة عائدة إلى بلادها، السفيرة الأميركية المثيرة للجدل آن باترسون، بعد انتهاء فترة عملها بالقاهرة التي استمرت 26 شهرًا، في أقصر مدة تقضيها كسفيرة لبلادها في الخارج.
وأثارت باترسون موجة من الجدل ومطالب بطردها من مصر بعد مواقفها الداعمة لجماعة الإخوان المسلمين.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أبلغت نظيرتها المصرية قبل ثلاثة أيام، بانتهاء فترة عمل باترسون فى القاهرة، وأنه سيتم تعيين ديفيد ساترفيلد مدير القوة متعددة الجنسيات في سيناء قائمًا بالأعمال لحين تعيين سفير جديد.
كما كانت معلومات ذكرت أن السفير السابق لدى سوريا روبرت فورد سيحل مكان باترسون، وهي معلومات أثارت هي الأخرى موجة استنكار على الساحة المصرية.
وكانت باترسون على تأييد الكونغرس بالإجماع لتعيينها سفيرة لدى مصر ووصف الخارجية الأميركية لها بأنها واحدة من أفضل السفراء في العالم، وأكثرهم خبرة واحتراماً، لأنها الأقدر على التعامل مع المرحلة التي تمر بها مصر بعد نجاحها في باكستان.
كما أنها خدمت في بلدان مرت بأوضاع من عدم الاستقرار وتصارع القوى السياسية مثل السلفادور وكولومبيا، ورغم ذلك فإنها كانت قوبلت بعاصفة من الرفض من قبل جميع فئات الشعب المصري قبل وصولها.

دعم الإخوان
وقالت تقارير لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية انها بعد وصولها فى يونيه 2011 والهجوم عليها لا ينقطع، وأطلقت دعوات لمقاطعتها بعد أشهر قليلة من وجودها في مصر، وازدادت مع مرور الوقت حتى وصلت إلى المطالبة بطردها باعتبارها غير مرغوب فيها، وأنها تعمل لصالح جماعة الإخوان المسلمين لتحقيق المصالح الأميركية التي تعتبر ضد المصالح المصرية، كما أنها تتدخل في الشؤون الداخلية لمصر، وتريد تحويل مصر للنموذج الباكستاني، وأنها وضعت يدها في يد الإخوان لتحقيق أهداف أميركا في الشرق الأوسط ونشر الفوضى.
وكان نشطاء سياسيون اطلقوا عليها لقب المندوب السامي الأميركي في مصر، مقارنة بلقب المندوب السامي البريطاني أبان الاحتلال البريطاني لمصر.
وتقول الوكالة المصرية إنه في ثورة 30 حزيران (يونيو) الماضي رفع المصريون صورها في الميادين وعليها علامة (x) استنكرتها وزارة الخارجية الأميركية، كما أنها شككت في جدوى مظاهرات 30 يونيو، وحثت القوى الليبرالية على عدم المشاركة فيها، وقالت إن محمد مرسي جاء بصناديق الانتخابات، وهي التي تبعده وليس المظاهرات.
وإلى ذلك، فإن باترسون المولودة في فورت سميث بولاية أركنساس 1949, حاصلة على درجة بكالوريوس من كلية الآداب جامعة ويلسلي وحضرت الدراسات العليا في جامعة كارولينا الشمالية في تشابل هيل لمدة عام، وهي متزوجة من ديفيد باترسون وهو ضابط متقاعد في السلك الدبلوماسي ولديهما طفلان.

مشوار دبلوماسي
وعملت باترسون كدبلوماسي وموظف السلك الخارجي منذ عام 1973, وشغلت منصب كبير موظفي وزارة الخارجية الاميركية والمستشار الاقتصادي للمملكة العربية السعودية منذ عام 1984وحتى عام 1988 ثم بوصفها المستشار السياسي في بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في جنيف في الفترة من 1988 إلى 1991.
وتدرجت السفيرة باترسون في المناصب الخارجية, فشغلت منصب مدير وزارة الخارجية لدول الأنديز ما بين عامي 1991و 1993, ومنصب نائب مساعد الأمين لشؤون البلدان الأميركية ما بين عامي 1993و1996.
وخدمت باترسون سفيرة للولايات المتحدة في السلفادور في الفترة من 1997 إلى 2000، ثم سفيرة الولايات المتحدة لكولومبيا من عام 2000 إلى 2003. ومن عام 2003 إلى 2004 شغلت منصب نائب المفتش العام في وزارة الخارجية الاميركية, وفي نفس العام 2004 تم تعيينها نائبة المندوب الأميركي الدائم لدى الأمم المتحدة، حتى تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 عندما عينت كمساعد وزيرة الدولة لشؤون المخدرات الدولية وتطبيق القانون حتى أيار (مايو) 2007.
وفي عهد الرئيس جورج دبليو بوش عينت باترسون سفيرة الولايات المتحدة لدى باكستان من تموز (يوليو) 2007 وحتى تشرين الأول (أكتوبر) 2010, وانتهى مشوارها بتعيينها سفيرة أميركية لمصر.

ويكيليكس وباترسون
وكان موقع ويكيليكس باللغة الانكليزية نشر عدة وثائق تدين السفيرة وتشير إلى أنها إحدى أركان النظام الاميركي المنفذ لخطط الاغتيالات في عدة دول نامية، فضلاً عن كونها أداة رئيسية لإقامة إعلام موازٍ لإعلام الدولة التي تتواجد بها يعتمد على الدعم الاميركي وينحصر دوره في المشاركة في زعزعة الاستقرار وإحداث فوضى وبلبلة بها.
ووفقًا لما كانت نشرته صحيفة (داون) الباكستانية، فإن برقيات دبلوماسية أميركية سرية نشرت بموقع ويكيليكس أن قوات أميركية خاصة رافقت قوات باكستانية في مهمات جمع معلومات أثناء صيف 2009، وهذه القوات شاركت مع القوات الباكستانية في عمليات في إسلام أباد بحلول 2009.
وقالت البرقيات إن السفيرة الأميركية لدى باكستان آنذاك آن باترسون إنها ساعدت الباكستانيين على جمع وتنسيق ملفات المخابرات بالدولة، كما أظهرت عدة برقيات أخرى حرص الولايات المتحدة على نشر قوات أميركية مع الجنود الباكستانيين, وأجرت توسيعًا للخطط الخاصة بأنشطة المخابرات المشتركة لتشمل مقار الجيش الباكستاني.
وكتبت باترسون في برقيتها: quot;باكستان بدأت قبول دعم الجيش الأميركي في المخابرات والاستطلاع والمراقبة لعمليات مكافحة التمردquot;، وذلك قبل عامين من مقتل بن لادن, كما أن هناك اعترافاً علنياً في باكستان بوجود مدربين أميركيين لكن لم تعترف بمثل هذه العمليات المشتركة.

عمليات استطلاع
وتشير البرقيات إلى أن قائد الجيش الباكستاني أشفق كياني طلب من رئيس القيادة المركزية الأميركية الأميرال مايك مولن وقتها تكثيف وتنشيط عمليات الاستطلاع على مدار الساعة لمدينة وزيرستان الشمالية والجنوبية والتي تعد من معاقل متشددي جماعة طالبان، وكل هذا أدى الى توجيه انتقادات لاذعة للجيش الباكستاني عقب هجوم القوات الأميركية الخاصة على منزل بن لادن في مدينة أبو أباد الشهرين الماضيين.
ويقول موقع (ويكيبيديا) إن الغريب هو أن الولايات المتحدة وباكستان استمرتا في نفيهما وجود أي تدخل بين الجانبين في الوضع الأمني بباكستان آنذاك، في الوقت الذي ارتفعت فيه نسبة التعاون بين البلدين في تنفيذ عمليات أمنية مشتركة، فكشفت الوثائق التي تم تسريبها أن السفيرة كانت تقوم بكتابة وثائق حول العلاقات الأمنية بين البلدين شخصيًا، وأشارت إلى أن الفترة التي تولت خلالها باترسون منصب سفير الولايات المتحدة كانت إحدى أنشط فترات التعاون الاستخباراتي بين البلدين.
وفي الختام، فإن وثيقة أخرى مسربة لويكيبيديا كشفت أن السفيرة آن باترسون عندما كانت سفيرة اميركا في كولومبيا وباكستان قامت بتجنيد بعض الاشخاص العاملين بوسائل الاعلام الاجنبية بتلك الدول في وكالة الاستخبارات الأميركية، بهدف تنفيذ انفجارات واعمال شغب في هذه البلاد، فضلاً عن عمل توترات دبلوماسية وتنفيذ عدة اغتيالات لشخصيات مهمة.