بغداد: يثير التزام الجماعات السلفية الجهادية الصمت حيال التهديد الاميركي بتوجيه ضربة الى سوريا تساؤلات حول تطابق المصالح بين الطرفين، رغم خشية هذه الجماعات من ان تطالها الضربة، حسب راي عدد من المحللين.

ولم تصدر بيانات من التنظيمات الجهادية الفاعلة على الساحة السورية، وابرزها quot;الدولة الاسلامية في العراق والشامquot; وquot;جبهة النصرةquot; اللذين يعتبران المظلة الرئيسية للقاعدة، توضح موقفهما ازاء الضربة الاميركية.
وقال المحلل السياسي طارق المعموري لفرانس برس ان quot;وحدة المصالح بين الولايات المتحدة وما يسمى الجماعات الجهادية هو الاتفاق على اسقاط النظامquot; السوري.
واضاف quot;من الطبيعي ان تلتزم هذه الجماعات الصمت لان موقفها المعلن هو معاداة الغرب، وخصوصا الولايات المتحدة، لذلك لا تجرؤ على اعلان تاييدها للضربة (...) الا ان السكوت في هذا النطاق يعد قبولاquot;.
ويواصل الكونغرس الاميركي اجتماعاته لمناقشة مشروع قرار يسمح لادارة اوباما باستخدام القوة ضد النظام السوري ردا على هجوم كيميائي حملت مسؤوليته الى النظام السوري في 21 اب/اغسطس قرب دمشق.
وقد اعتبر الرجل الثاني في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سي آي ايه مايكل موريل ان الحرب الاهلية في سوريا وتفاقمها يشكلان اكبر تهديد بالنسبة لامن الولايات المتحدة.
واكد ان اعدادا كبيرة من المقاتلين الاسلاميين الاجانب ينضمون الى صفوف المعارضة اكثر مما كان يحصل في العراق خلال الحرب، موضحا ان الخطر يكمن في ان يتجاوز النزاع حدود سوريا، او ان ينهار نظام الرئيس بشار الاسد وتتحول البلاد الى معقل للقاعدة.
وحذر من خطر عدم ضمان امن الاسلحة التي تملكها الحكومة بما في ذلك الاسلحة الكيميائية.
بدوره، قال مسؤول عراقي رفيع رفض الكشف عن اسمه ان quot;الضربة ستاتي لصالح التنظيمات الجهادية وستعمل على تقوية شوكتهاquot;.
واضاف quot;دائما ما نسمعهم (الجهاديون) يتشدقون بالعداء للغرب، لكننا نراهم يصمتون حيال توجيه ضربة الى بلد عربيquot;.
من جهته، يوافق استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد احسان الشمري على ذلك قائلا ان quot;اضعاف الاسد سيمكنهم من السيطرة على مناطق اكثر، الامر الذي يجعلهم صامتين حاليا حيال الضربةquot;.
واضاف لفرانس برس ان quot;هذه الجماعات وخصوصا النصرة والدولة الاسلامية في العراق والشام سيكونان المستفيدين منهاquot;.
لكن انصار الجهاديين اظهروا انقساما في المنتديات بين مؤيد للتدخل الاميركي ومعارض، وذلك في استطلاع للراي نشره الموقع الالكتروني quot;منتدى حنينquot;.
وكتب احدهم تحت اسم ابو مصعب العراقي quot;ان التدخل الصليبي في العراق وليبيا لم يكن بطلب من المسلمين او المجاهدين لكنه في النهاية كان لمصلحة المجاهدينquot;.
واضاف quot;لا شك ان التدخل (في حال حصوله) في سوريا لن يكون بطلب من المجاهدين لكنه حتما سيكون في صالحهم في نهاية الامرquot;.
في المقابل، دعا الشيخ أبو سعد العاملي quot;المجاهدين في بلاد الشام أن يعدوا العدة ويأخذوا الحذر ويضعوا كل الاحتمالات قبل الضربة الصليبية المرتقبةquot;.
واضاف quot;عليهم أن يتعاملوا وكأن الضربات القادمة للصليبيين ستستهدفهم هم وليس قوات النظام النصيري، سيعمد الأعداء وسيحاولون ضرب هدفين بهجوم واحدquot;.
وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم اعتبر اواخر الشهر الماضي ان اي ضربة عسكرية غربية محتملة ضد بلاده ستدعم جبهة النصرة وغيرها من الجماعات المسلحة.
ورغم ان معظم الجهاديين يرون ان الضربة تصب في مصلحتهم، الا ان البعض يعتبر ان سبب الضربة يكمن في خشية واشنطن من وقوع الاسلحة الكيميائية باياديهم.
وكتب شخص عرف عن نفسه بquot;ابن الابابيلquot; ان الاميركيين quot;لا يفعلون ذلك من اجل الشعب، فهم خائفون من وقوع الاسلحة الكيميائية بايدي النصرة او القاعدةquot;.
لكن اخرين عبروا عن اعتقادهم بان التدخل هدفه حماية المصالح الغربية.
وكتب ابو عيسى قائلا quot;لا اوافق على التدخل الغربي في سوريا لقناعتي بحرمة الاستعانة بالمشركين، ناهيك ان الراي الذي يجيز الاستعانة بهم وضع شروطا لا تتوفر في المستعان بهم في سورياquot;.
واضاف ان quot;التدخل هو لاجل حماية مصالح الغرب في المنطقة والحيلولة دون التمكين للمجاهدين الصادقينquot;.
كما لم يخف بعضهم الخشية من ان الضربة قد تطال قيادات الجماعات الجهادية، ممن لهم باع في القتال في العراق وافغانستان، لكنهم اعتبروا مع ذلك انها ستكون لصالحهم.
وقال ابو مصعب العراقي quot;بات من الواضح ان طاغوت الشام ليس بالضعف الذي يتصوره البعض، فاكثر من سنتين من الحرب والقتل والدمار والوضع في الشام لا يزال قلقا ومتذبذبا والمعارك كر وفرquot;.
واضاف quot;ازعم ان الضربة العسكرية لسوريا ستكون في صالح اهل السنة والجماعة في المنطقة بأسرها لكن عليهم جماعات وافرادا ان يستغلوا ما سيحدث وخصوصا في العراق ولبنان ومصرquot;.
وتزايد نفوذ جبهة النصرة ودولة الاسلام في العراق والشام المواليتان لتنظيم القاعدة وباتا يسيطران على مناطق واسعة في سوريا.
ويعتمد التنظيمان، اللذان ينهلان من العقيدة نفسها لكنهما يرفضان الاندماج تحت مظلة واحدة، العمليات الانتحارية والسيارات المفخخة في قتالهم ضد نظام الاسد، اضافة الى مشاركتهما في المعارك.
واقترحت روسيا وضع ترسانة الاسلحة الكيميائية السورية تحت اشراف دولي ما قد يبعد عن نظام دمشق خطر الضربات.