بنغازي: يعكف فريق ازمة في حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين الليبية، على دراسة امكانية انسحاب وزرائه من الحكومة المؤقتة، عقب ازمة سياسية بين قيادة الحزب ورئيس الحكومة علي زيدان، حسب مصدر في الحزب.

واندلعت الازمة السياسية بين قيادات العدالة والبناء وبين زيدان في نهاية الاسبوع الماضي عقب زيارة الاخير للقاهرة ولقائه الرئيس المؤقت للبلاد عدلي منصور ورئيس وزرائه حازم الببلاوي وقائد الجيش الفريق اول عبد الفتاح السيسي، ما اعتبره الحزب في بيان اعترافًا من الحكومة بـ quot;سلطات الانقلاب على الشرعيةquot; في مصر.

وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، الثلاثاء لفرانس برس، ان quot;اجتماعًا للهيئة العليا لحزب العدالة والبناء عقد الاحد الماضي في العاصمة الليبية طرابلس، اسفر عن تكليف فريق الازمة في الحزب بدراسة استمرار الحزب في العمل بوزرائه ضمن الحكومة المؤقتة من عدمهquot;. واضاف ان quot;الفريق منعقد بشكل دائم، على ان يصدر قراره بالخصوص في موعد اقصاه الاحد المقبلquot;.

ولفت المصدر الى انه quot;خلال اجتماع الهيئة العليا للحزب بخصوص تحديد موقف الحزب من حكومة علي زيدان، تمت دراسة ثلاثة احتمالات، تتمثل في انسحاب او بقاء وزراء الحزب في الحكومة او بقائهم بشروطquot;. واشار الى ان quot;هذه الشروط تتمثل في مطالبة رئيس الحكومة بضرورة اكمال ملفات بناء الجيش والشرطة والامن في كل المدن والمناطق الليبيةquot;.

والسبت، اوضح رئيس الحزب محمد صوان ان اعتراض الحزب على تولي علي زيدان لمنصب رئيس الحكومة، سببه quot;ايمان الحزب بعدم قدرته على قيادة وادارة المرحلة التي تمر بها ليبياquot;، مؤكدا في مؤتمر صحافي ان اختيار زيدان من قبل المؤتمر الوطني العام (البرلمان) لمنصب رئيس الحكومة جعل الحزب يوافق على ذلك كونه جاء بطريقة ديموقراطية.

وقال صوان ان quot;المزاج العام الليبي كان يتطلع إلى انشاء حكومة توافقية، وهذا هو السبب الذي شارك لأجله الحزب في الحكومة، الا انه منذ بداية تشكيلها لوحظ انها لا تسير بطريقة توافقية، وهنا فضل الحزب تقديم النصح سرًا، رافضًا الخروج امام الاعلام لخطورة وحساسية المرحلة التي يمر بها الوطنquot;.

كما ابدى الحزب استياءه الشديد من زيارة زيدان لمصر، التي quot;تحمل في طياتها مباركة واعترافا صريحا بالانقلاب العسكري في مصر وقادته، الذين ارتكبوا من المجازر والانتهاكات لحقوق الانسان، ما يندى له جبين البشرية والذي ادانه العالم اجمعquot; على حد وصفه. الا ان زيدان اكد ان زيارته لم تكن لمباركة السلطات الجديدة في مصر، موضحًا في مؤتمر صحافي عقب عودته من القاهرة في نهاية الاسبوع الماضي ان هذه الزيارة quot;كانت مخصصة لاستعراض العلاقات والمصالح المشتركة والاستثمارات والاتفاقات المشتركة بين البلدينquot;.

ولحزب العدالة والبناء في حكومة زيدان المكونة من 24 حقيبة وزارية، خمس حقائب، هي الغاز والنفط، والاسكان والمرافق، والشباب والرياضة، والاقتصاد، والكهرباء، اضافة الى منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات، الذي استقال منه عوض البرعصي في مطلع الشهر الماضي.

وكان البرعصي قد اعلن استقالته في الثالث من اب/اغسطس الماضي، مبررًا الخطوة بان quot;معظم المشاكل والاختناقات التي حدثت في مختلف القطاعات العامة للدولة وما صاحبها من تراجع حاد للحالة الامنية ووقوع هذا العدد المخيف من عمليات الاغتيال ضد الشرفاء من ابناء الوطن جاء نتيجة لسياسات الحكومة التي رسخت المركزية في آليات عملها ورؤيتها لايجاد الحلول لمختلف تلك المشاكلquot;.

وراى محللون سياسيون ان هذه الخطوة التي يتدارسها حزب العدالة والبناء تاتي في اطار quot;المناورة السياسية المعتادة للحزب لجذب الانتباه اليهquot;، كما اكد الخبير السياسي محمد الدروقي في تصريح لفرانس برس. وراى المحلل السياسي عصام الفايدي ان quot;سياسات علي زيدان سيئة، لكن انتقادات العدالة والبناء حيال هذه الزيارة أوضحت ارتباط جماعة الاخوان المسلمين الليبية القطري بالجماعة الام اقوى من ارتباطها بهموم الوطن وشانه الداخليquot;.

من جانبه قال المحلل السياسي علي البدري ان quot;حزب العدالة والبناء عادة ما يفتعل مثل هذه المناورات السياسية ليغطي على صراعاته الجانبية، التي لا تخدم مصلحة الوطنquot;، فيما اشار المحلل السياسي منصور الفرجاني الى ان quot;انتقادات العدالة والبناء لرئيس الحكومة صادقة، على الرغم انها جاءت في وقت فهم بشكل سيءquot;.

وهذه ليست هي المرة الاولى التي يلوّح فيها حزب العدالة والبناء بسحب وزرائه من حكومة علي زيدان، والحزب هو ثاني الكتل السياسية التي حصلت على اكبر عدد مقاعد في المؤتمر الوطني العام مع 17 مقعدا من اصل 80 خصصت للاحزاب في المؤتمر الذي منح 120 مقعدا للافراد المستقلين.

والعدالة والبناء حزب سياسي ذو مرجعية دينية، دعت الى تكوينه جماعة الاخوان المسلمين الليبية مع شركائها السياسيين في التوجهات السياسية خلال مؤتمرها العام التاسع، الذي انعقد في مدينة بنغازي (شرق) نهاية العام 2011، بعد اعلان تحرير البلد من قبضة نظام القذافي، الذي اطاحت بحكمه ثورة 17 فبراير (شباط) من العام نفسه.