وقع وزراء خارجية 113 دولة على إعلان يتعهد اتخاذ إجراءات جديدة للقضاء على العنف الجنسي الذي يرتكب خلال النزاعات، واعتماد بروتوكول دولي جديد لضمان محاكمة المغتصبين.

الرياض: على هامش الدورة الثامنةوالستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وقع وزراء خارجية 113 دولة أمس الثلاثاء إعلانًا يتعهد اتخاذ إجراءات جديدة للقضاء على العنف الجنسي الذي يرتكب خلال النزاعات. ويتعهد الإعلان اعتماد بروتوكول دولي جديد في العام 2014 للمساعدة في ضمان عرض جميع أدلة الاتهام أمام محكمة مختصة.
وقال وليام هيغ، وزير الخارجية البريطاني، إن هذا الإعلان يحظر العفو عن مرتكبي جرائم العنف الجنسي في اتفاقات السلام، ويسمح باعتقال المشتبه بهم أينما كانوا في العالم، ووصف الإعلان بأنه علامة فارقة في جهود القضاء على إفلات مرتكبي هذه الجرائم المروعة خلال الحروب من العقاب. وأكد أن بريطانيا ستشجع ثمانين دولة عضوا في الأمم المتحدة لم توقع على الإعلان بالتوقيع عليه.
ترهيب وإذلال
وأتى هذا الاعلان بعد مقالة كتبها هيغ نفسه، والممثلة الأميركية أنجيلا جولي، المبعوثة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، دعيا فيها إلى مواجهة قضية الاغتصاب أثناء النزاعات والحروب، مستندين إلى تقارير عن الاغتصاب الذي يستخدم في سوريا سلاحًا لترهيب النساء والرجال والأطفال ومعاقبتهم، وإذلال المعارضين وترهيب المجتمع لحمله على الإذعان.
وقال هيغ وجولي في المقالة: quot;في كل يوم، يسمع العالم حكايات عن الجرائم المروعة في سوريا، وقد أكدت الأمم المتحدة أن الاغتصاب سلاح لترهيب ومعاقبة النساء والرجال والأطفال أثناء تفتيش البيوت، وخلال التحقيق، وفي مراكز الاعتقال السورية. والتقرير الرهيب الصادر أخيرًا عن لجنة التحقيق في الأمم المتحدة يروي قصة اغتصاب أم، ثم إجبارها على الطهي لمغتصبيها تحت تهديدها بقتل أبنائها، وحكاية طالبة جامعية اغتصبت لأن أخاها مطلوب من الحكومةquot;.
أضافا في المقالة: quot;يستخدم العنف الجنسي سلاح حرب في كل الصراعات في عصرنا، من البوسنة حتى رواندا، لإذلال المعارضين السياسيين، أو لدفع الأقليات العرقية إلى الخضوع أو المغادرة، أو لترهيب المجتمع وحمله على الإذعان، وفي بعض الصراعات يكون اللجوء للاغتصاب لنقل مرض الإيدز للنساء أو لإيذائهن بدرجة كبيرة تفقدهن القدرة على الحمل. والسبب هو أن من السهل ممارسة الاغتصاب في الخفاءquot;.
لتوقيع الاعلان
بالنسبة إلى هيغ وجولي، صاغ العالم اتفاقيات تحظر استخدام الذخائر العنقودية والألغام الأرضية، وتكافح التجارة غير المشروعة بالأسلحة، quot;وبدأ جميعها نتيجة غضب أخلاقي أدى لاتخاذ إجراء دولي، وآن أوان اتخاذ إجراء مماثل لمواجهة الاغتصاب والعنف الجنسي في الحروب، فجوهر هذه المشكلة يكمن في ثقافة الحصانة من العقاب، إذ من بين عشرات آلاف حالات الاغتصاب في بلد ما يُحاكم عدد ضئيل جدا من المغتصبين، فالرجال الذين يغتصبون السجناء في سوريا متأكدون أنهم مفلتون من العقاب، لأن ذلك هو ما يوحي به التاريخ، بالاضافة إلى غياب أي دعم للناجين من الاغتصاب، إذ يصبحون منبوذين ويعانون الأمراض والصدمة النفسية طوال حياتهمquot;.
وأضافا: quot;لقد تكاتفنا لمواجهة هذه القضية، فقد رأينا كيف يدمر العنف الجنسي حياة الناجين وعائلاتهم، ونريد نشر التوعية تجاه ضرورة اتخاذ إجراء عاجل لمواجهة المشكلة، وندعو حكومات العالم للاتحاد لأجل القضاء على الاغتصاب في الحروبquot;.
ودعا هيغ وجولي العالم إلى توقيع إعلان الالتزام بالقضاء على العنف الجنسي في الحروب، لأنه سيتيح لكل دولة فرصة بيان موقفها تجاه هذه القضية، ويعني إمكانية القبض على المشتبه في ارتكابهم هذه الجرائم، أينما تواجدوا في العالم. ويَعِد الإعلان بصدور بروتوكول دولي جديد في منتصف العام 2014، للمساعدة في ضمان أن يكون الدليل المقدم مقبولًا في المحكمة، وأن يحصل الناجون على العدالة، ووضع سلامة وكرامة الضحايا في صميم التحقيقات التي تجرى بقضايا الاغتصاب وغيرها من الجرائم الجنسية التي ترتكب في الحروب.
نصير عالمي
وكان الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الاماراتي، حث حكومات العالم على دعم مبادرة الأمم المتحدة لمكافحة العنف الجنسي في حالات الصراع، في بيان أدلى به أمام الاجتماع أمس الثلاثاء، مجددًا إلتزام الإمارات بالعمل مع شركائها من المجتمع الدولي للقضاء على هذا النوع من العنف، وداعيًا إلى تعزيز الشعور بالمسؤولية وتأكيد نظام العدالة الجنائية في الدول التي تنشب فيها الصراعات للحد من هذه الجرائم.
وقال في البيان: quot;انطلاقًا من إيماني بفظاعة هذه الجريمة، وبضرورة قيام العالم أجمع برفضها بكل وضوح، وعدم التساهل إِزاءها، فقد وافقت على أن أكون نصيرًا عالميًا لهذه المبادرة. فنحن نعيش في عالم تتزايد فيه الصراعات والحروب، كالتي نراها في سوريا على سبيل المثال، ولا تعد جريمة الاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي التي تقع خلال هذه الصراعات ظاهرة جديدة، فلقد تكررت على امتداد التاريخ كوسيلة للحط من قدر المجتمعات وإذلال الخصوم وتحطيمهمquot;.
وأضاف: quot;لم يعد بإمكاننا ونحن في القرن الحادي والعشرين القبول بهذه الجريمة، كنتيجة حتمية لحالات الصراع، بل يجب علينا الإشارة إليها وبكل وضوح على أنها جريمة حرب، تلقي بظلالها على الملايين من الناس بأفظع الطرق والأساليب، حيث ورد عن إحدى ضحايا الاغتصاب من البوسنة قولها.. لقد سلبوا مني حياتي من دون قتلي، ولا شيء أبشع من ذلكquot;.
ودعا الشيخ عبدالله بن زايد إلى تعزيز الشعور بالمسؤولية تجاه الحد من هذه الجرائم، بالتأكد من أن نظام العدالة الجنائية في الدول التي تنشب فيها صراعات بين أطراف مختلفة يتمتع بقدرات وخبرات كافية، تمكنه من التعامل بفعالية مع هذه الجرائم.