تهاتف الرئيسان الإيراني والأميركي لدقائق، فخطف حسن روحاني أضواء نيويورك، وعاد إلى طهران، ليستقبله أنصاره بالشكر... ومعارضوه برميهم حذاءً على سيارته في المطار.


لوانا خوري بيروت: عاد الرئيس الإيراني حسن روحاني من الولايات المتحدة، بعدما خطب ود العالم أجمع في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبعدما هزّ الصمت المطبق في العلاقات الأميركية منذ عقود، بمكالمة هاتفية بينه وبين الرئيس الأميركي باراك أوباما. لكن هذه المكالمة هزّت أيضًا بعض إيران، فانتظره في المطار مناهضون لحركته الدبلوماسية، ورموا سيارته بحذاء لم يصبه.

المكالمة الحدث
ليست زيارة الرئيس الإيراني المعتدل حسن روحاني نيويورك، ووقوفه على قوس الأمم المتحدة متحدثًا، هو الحدث، فقد أتى قبله المتشدد محمود أحمدي نجاد، ومرّ مرور الكرام. لكن اتصالًا هاتفيًا بين روحاني والرئيس الأميركي باراك أوباما كسر جليدًا تكدس بين الولايات المتحدة وإيران خلال 34 عامًا، وحقق تقاربًا بين عدوين لدودين، هو الحدث بعينه، وهو ما جعل روحاني يخطف أضواء نيويورك، بعدما غادرها عائدًا إلى إيران.

فأثناء توجّهه إلى المطار، هاتف روحاني أوباما في أول محادثة مباشرة بين رئيسي الولايات المتحدة وإيران، فكان البرنامج النووي الإيراني محور المكالمة. وأكد مسؤول أميركي كبير أن روحاني هو من أبدى رغبة في التحدث مع أوباما.

صدع داخلي
هذه المكالمة الهاتفية تنذر بصدع كبير في المجتمع الإيراني، الواقع بين مطرقة العقوبات الاقتصادية القاسية، التي أنهكته كثيرًا، وسندان أيديولويجيا ملتهبة، وقودها شعارات عنفية، تطلب الموت للشيطان الأكبر، ذاك الشيطان نفسه الذي حادثه روحاني بود، بعدما كان متوقعًا أن يصافحه في رواق ما من أروقة مبنى الأمم المتحدة في نيويورك.

ففي مطار طهران، اصطف المئات من أنصاره على يمين المسلك الخارج من قاعة الوصول، والعشرات من معارضي تقاربه مع الولايات المتحدة على يسار المسلك. وبحسب تقرير عن وكالة الصحافة الفرنسية، حظي روحاني باستقبال حافل من أنصاره، إذ تجمع نحو 300 منهم خارج مبنى المطار، وهتفوا: quot;روحاني نحن نشكركquot;، عندما مرّت بهم سيارته.

في الجهة الأخرى، وقف نحو 60 شابًا متشددًا هاتفين: quot;الموت لأميركاquot; وquot;الموت لإسرائيلquot;. وما أن مرت سيارة الرئيس بهم حتى رمى أحدهم بحذائه عليها بدون أن يصيبها، بينما كان روحاني واقفًا يحيّي المحتشدين.

رياح عاتية
للحذاء في هذه المنطقة من العالم، وفي حادثة تتصل ولو من بعيد بالولايات المتحدة، رمزية خاصة، لأنها تعيد إلى الذاكرة الحية حذاء الصحافي العراقي منتصر الزيدي، الذي رماه شجاعًا في وجه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، أثناء زيارة له إلى بغداد.

ويقول المراقبون الغربيون إن الحذاء الذي رمي نحو سيارة روحاني اليوم ترميز إلى أن المتشددين الإيرانيين يرون فيه quot;عنصرًاquot; أميركيًا في الإدارة الإيرانية، وهو ما يرفضونه، لأن رفض أميركا إرث لا يمكنهم تنحيته عن كاهلهم بسهولة.

ويتوقع المراقبون أن يواجه روحاني عواصف داخلية عاتية، تهبّ في وجهه من ناحية الحرس الثوري، ولو كان الرئيس المعتدل يحظى هذه المرة بغطاء من المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي أتى به ليزيح عبء العقوبات الأميركية عن أكتاف الجمهورية الإسلامية.